قامت إحدى الصحافيات المرموقات في الوسط الصحافي، بكتابة مقال تصف فيه أحقّية المؤسسات الحكومية في الدولة، لإقامة الدعاوى على الصحافيين، واستشهدت بمثال حي على ذلك بأحد الصحافيين العرب، الذي تكلّم عن دولته، المعروفة بقمع الصحافيين!
وللأسف فإن الحجج التي ذكرتها أختنا الصحافية لم تكن على درجة من الموازنة، عندما تكلّمت عن تجربة هذه الدولة العربية، وقارنتها بمجتمعنا البحريني، وإن دلّ هذا فإنما يدل على ما وصلت إليه صحافتنا البحرينية من تناقضات.
فعندما يلبس الجاهل ثوب المثقّف، يتجاهله الناس تارة أو يضحكون عليه تارة أخرى، لسوء استخدامه هذا الجلباب الذي لا يناسبه، فما بالك بالمثقّف الواعي، الذي يلبس ثوب الجاهل، حتى يواري بعض الأخطاء ويغيّر فكر الرأي العام، فغنك بالفعل تظن أن الدنيا أصبحت فارغة من الصادقين.
وما قامت به أختنا الصحافية لم يكن على درجة من الموضوعية، فحرية الصحافة البحرينية متراجعة كثيرا، وهذا ليس كلامنا أو كلام بعض الكتّاب المحليين، وإنما نطقت به الكثير من المنظّمات وآخرها، التقرير الذي صنّف البحرين في المرتبة 165 من أصل 197 دولة، في حرية الصحافة والصحافيين.
وعندما تتكلم عن جرجرة الصحافيين إلى المحاكم على أنها ظاهرة صحيّة، فإننا سبقناها إلى ذلك القول في حدود المعقول، فمن غير المعقول ألآّ يتحمّل جهاز حكومي في الدولة الانتقاد البنّاء، ويلجأ إلى القضاء لإسكات الأقلام، بل كان الأجدر بهذا الجهاز أن يتناول القضايا بطريقة إيجابية، ويحوّل السلبيات الموجودة داخل مبناه إلى إيجابيات، خاصة عندما كثرت فيه الأغلاط الواضحة، وقامت الصحافة بالانتقاد في الاتجاه الصحيح.
وإن لسان حال المواطن البحريني اليوم، يقول: ما دامت المؤسسة الحكومية جرجرت كل من ينتقدها إلى المحاكم، فإنه لا بد من وجود الخلل في هذا الجهاز لضعفه، وعدم قدرته على المواجهة الحقيقية في ميدان الإعلام المقروء.
نتمنى من الأقلام الصحافية أن تعلوا أكثر من هذا الثوب المتفتّق الرديء، وأن تكون أقلام حق وموضوعية، بدل أن تكون أقلام تساعد الفساد الإداري الموجود في تلك الأجهزة.
وهذا دليل قوي على حب البحرين، فإنك عندما تقوم بالنقد، لا تنتظر من أحد الشكر والمدح، ولكنك تنتظر تصحيح الأوضاع الخاطئة، لتبني الوطن وترتقي به، فذلك هو حب الوطن.
وهذا هو النضوج الحقيقي من قبل الصحفيين وردّة الفعل الطبيعية من الصحافة، عندما ترى جهاز تعترك داخله الجمعيات السياسية المتأسلمة، فتنتقد أسلوبه الخاطيء، لتحاول بذلك أن تحثّه إلى تعديل ما تمّ تدميره، بسبب قرارات خاطئة تناقض القوانين الموجودة.
إقرأ أيضا لـ "مريم الشروقي"العدد 2436 - الخميس 07 مايو 2009م الموافق 12 جمادى الأولى 1430هـ