العدد 2436 - الخميس 07 مايو 2009م الموافق 12 جمادى الأولى 1430هـ

استراتيجية أوباما الجديدة لأفباك... وجهة النظر من باكستان

Common Ground comments [at] alwasatnews.com

خدمة Common Ground الإخبارية

«لا يرى من يحمل مطرقة سوى المسامير».

يصف هذا المثل القديم علاقة الولايات المتحدة بأفغانستان وباكستان خلال العقود العديدة الماضية. وقد عرّفت الولايات المتحدة، منذ العام 1954، باكستان بأنها صخرة صامدة أمام التغلغل الإقليمي للاتحاد السوفياتي، عندما تسلمت باكستان أول دفعة كبيرة من المعونة الأميركية الاقتصادية والعسكرية.

عندما أعلن الرئيس الأميركي باراك أوباما سياسة «أفباك» الجديدة في شهر مارس/ آذار من هذا العام، كانت هناك آمال بأن يتم وضع سياسة المطرقة والمسامير، التي شهدت مليارات تُهدر بغير حساب في المعونة العسكرية للجيش الباكستاني على افتراض أنه هو وحده يستطيع تحقيق الاستقرار، على الرف. يحتاج الأمر إلى بعض الوقت قبل أن تقرر ما إذا كان ذلك سيتم.

تَعِدُ سياسة الأفباك الجديدة بتوجه أكثر تركيزا من عدة نواحٍ.

الناحية الأكثر وضوحا هي الانتقال الفعلي من العراق إلى أفغانستان. كانت للولايات المتحدة أثناء رئاسة جورج بوش استراتيجية غير منسقة في أفغانستان، مكّنت «طالبان» التي جرى دحرها في العامين 2001 و2002 من التعافي أولا، ثم الظهور مرة أخرى.

اعتبارا من العام 2004، امتدت حركة طالبان وقائدان مستقلان آخران هما جلال الدين حقاني وقلب الدين حكمتيار ليكتسحوا مناطق أوسع في جنوب أفغانستان وشرقها وأجزاء من شمال أفغانستان في سلسلة من حملات الهجوم الربيعية والصيفية.

كانت فكرة التفاوض مع عناصر أقل تطرفا من «طالبان» في أفغانستان تعتمد على تجربة القوات الأميركية والبريطانية في العراق، حيث دُفعِت الأموال لميليشيات السنّة وتم تدريبهم لمقاتلة حلفائهم السابقين من «القاعدة».

كان هدف التمييز الجديد بين «القاعدة» و «طالبان» البحث عما كان يُعرَف وبشكل واسع بالطالبان «المعتدلين». فقد جمعت الاستراتيجية السابقة بمعاملة القاعدة والطالبان كمرادفين هاتين الكينونتين المتباعدتين معا، أيديولوجيا وعمليا.

حصلت القاعدة على سبل الوصول إلى واحدة من أكثر المناطق عزلة على هذا الكوكب، وهي منطقة وزيرستان في باكستان، وتعلم الطالبان الذين لم تكن لديهم سوى خبرة ضئيلة بحرب العصابات قبل العام 2002، أساليب وتقنيات حرب التمرد. أصبحت هجمات الطالبان الانتحارية هذه الأيام حدثا أسبوعيا.

تَعِد سياسة الأفباك الجديدة، بالنسبة إلى العناصر الأكثر تطرفا في أوساط القاعدة والطالبان، بالتصعيد، بدلا من تحول تكتيكي رئيسي من قبل الولايات المتحدة. يُتوقّع توسيع مجال الضربات الصاروخية ووتيرتها داخل باكستان، رغم أن أوباما وعد بأنه لن تجرى هذه العمليات إلا بموافقة باكستان.

أزمة الجيش الباكستاني مع السياسة الجديدة مزدوجة، فهو يتوجب عليه أولا أن يتعاون مع الولايات المتحدة في مطاردتها للطالبان في المناطق القبلية لاستئصال المتطرفين والتهديد المسلّح للمنطقة. تَعِد المعونة العسكرية وغير العسكرية إلى باكستان أن تكون مرتبطة بشكل معقد أكثر بتعاون كهذا أكثر من أي وقت مضى.

ثانيا، سوف يضطر الجيش إما أن يكون أكثر شدة على الطالبان الذين قام برعايتهم لفترة طويلة خلال ثمانينيات القرن الماضي أو يخاطر بعزلة باكستان دوليا.

ورغم أن البنية الأساسية الباكستانية سوف تحصل بالتأكيد على عملية تغيير كاملة، سوف يشكّل تطوير قدرات مؤسسية واجتماعية في باكستان تحديا. سوف نرى ما إذا كان هناك تحسّن ملحوظ أو لا في مستويات المعيشة (يقدر تقرير الأمم المتحدة للتنمية البشرية للعام 2007 - 2008 وبصورة محافظة أن نحو 33 في المئة من الباكستانيين يعيشون في الفقر).

الناحية المرحّب بها أكثر في السياسة الجديدة هي التأكيد على مؤسسات المجتمع المدني في أفغانستان وباكستان، أكثر من التأكيد على أفراد قياديين مثل حامد قرضاي وبرويز مشرّف. سوف تتسلم الدولتان، ضمن ما يمكن أن يسمّى «حراك مدني»، كميات كبيرة من الدفعات النقدية والمشاريع والخبراء، وقد تم استهداف المعونة التنموية لمدارس وطرق وعيادات جديدة للمناطق القبلية في باكستان، تبلغ قيمتها نحو 7.5 مليارات دولار على شكل معونات غير عسكرية خلال السنوات الخمس المقبلة، إذا تمت الموافقة على مشروع قانون كيري - لوغر في الكونغرس الأميركي.

هناك كذلك اقتراح بإنشاء «مناطق إعادة تعمير وفرص» تهدف إلى تيسير التنمية والاستثمارات الخارجية من خلال تقديم تعرفة مخفّضة وغيرها من الضرائب، في تلك المناطق على الحدود الباكستانية الأفغانية التي تتعرض بشكل واسع لعملية تحويل إلى الطالبانية. ويؤمَل أن تؤدي فرص العمل الجديدة، من خلال إيجاد مناطق تجارة وصناعة حرّة إلى اجتذاب الشباب بعيدا عن الطالبان.

لا يمكن لسياسة أفباك أن تنجح ما لم يتم التعامل مع الفقر الذي يستفيد منه المسلّحون المتشددون. بغض النظر عن الوعود التي تقدمها واشنطن وبروكسل وإسلام آباد، يتوجب التغلب على الأمور البسيطة مثل الفقر، الذي يستمر بتشكيل تحديات كبيرة للباكستانيين العاديين حتى يتسنى تأصيل الأمل والثقة بمجتمع أفضل مبني على التعددية والديمقراطية والمساواة.

* مراسل الشرق الأوسط وجنوب آسيا لمجلة «The Diplomat» و «newmatilda.com»، والمقال يُنشر بالتعاون مع «كومن غراوند»

إقرأ أيضا لـ "Common Ground"

العدد 2436 - الخميس 07 مايو 2009م الموافق 12 جمادى الأولى 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً