بتعيين أعضاء مجلس الشورى 2010 اكتملت حلقات تشكيل المؤسسة السياسية التي سيقع على عاتقها، وإلى حد بعيد، التأثير على صنع القرار في مملكة البحرين للسنوات الأربع المقبلة.
ولعل أهم ملاحظة أمكن رصدها إثر الإعلان عن الأسماء، هي ردة فعل «غير راضية» عن التشكيلة الجديدة. وبعيداً عن تقويمنا لردة الفعل تلك، فمن الضرورة التأكيد على كونها ظاهرة إيجابية، تدل فيما تدل عليه، على رقي مستوى الوعي السياسي النسبي لدى المواطن البحريني. فعدم الرضا، يحمل في طياته، حالة تمرد ضمنية على الواقع، ورغبة حقيقية للتغيير.
هذه الرغبة في التغيير لدى المواطن، نطمح أن تقابلها رغبة مشابهة ومتكاملة معها لدى أعضاء مجلس الشورى، القدامى منهم والجدد على حد سواء. وإذا ما قدر والتقت هاتان الرغبتان، فمن غير المستبعد أن نرى، خلال السنوات الأربع القادمات مجلس شورى من طراز جديد، يمارس صلاحياته بأساليب مبتكرة، ويؤدي رسالته بطرق مؤثرة.
وأول خطوة حقيقية وجادة نحو التغيير تبدأ، ودون أي جدال، بشعور أعضاء الشورى، أو تلك الفئة منهم التي تؤمن بالتغيير، بأن في وسعها، ومن حقها وواجبها أن تمارس دوراً مؤثراً في عمليات التغيير والتطوير التي يحتاج لها مجلس الشورى أولاً، ومن الطبيعي أن تنعكس إيجاباً على المجتمع البحريني، ومؤسساته في مرحلة لاحقة. وربما يقتضي الأمر هنا الإشارة، أنه باستثناء كون أعضاء مجلس الشورى معينين، وأعضاء المجلس النيابي منتخبين، يصعب العثور على فروق حقيقية جوهرية بين الأدوار التي يمكن أن يمارسها أي منهم، أو المهمات التي بوسعه التصدي لها.
يكفي هنا القول إن جميع الأعضاء الثمانين في الحجرتين يتلقون مرتَّباتهم من المصدر ذاته، والذي هو خزينة الدولة. هذا القول لا ينتقص من مكانة النواب الأفاضل، لكنه أيضاً يضع الأمور في نصابها، ويجعلنا أكثر قدرة على رؤية الأمور في حيّزها الطبيعي دون أية مغالاة، وشكلها الصحيح دون أية مجاملات أو رياء.
ثاني خطوة على الطريق ذاته، هو أن يتخلص أعضاء مجلس الشورى، أو من يريد منهم أن تكون له مساهمته الحقيقية في التغيير والتطوير، من «عقدة» كونه يؤدي دور تمثيل السلطة التنفيذية، ويقوموا، عوضاً عن ذلك، بممارسة دورهم التشريعي على النحو الذي يستحقه.
هذه مسألة في غاية الأهمية، فطالما واصل «الشوريون» الخضوع لتلك العقدة الذاتية، واستمروا في القبول بابتزاز بعض الآخرين لهم، فلن يتمكنوا من اجتياز هذه العقبة، ومن ثم سيكون دورهم السياسي ضيقاً، وهامش حركتهم نحيفاً.
على الشوريين هنا أن يضعوا عباءة الإقدام والجرأة، وينضوا عنهم رداء التذبذب وعدم الثقة في النفس التي لازمت الكثيرين منهم خلال السنوات الثماني الماضيات.
ثالث تلك الخطوات، وبعد معالجة تلك «العقدة النفسية السياسية»، هي رسم خط فاصل وواضح بينهم وبين السلطة التنفيذية، وليس المطلوب هنا التحول إلى هيئة مناكفة، سلبية، ليس في جعبتها أية أوراق أخرى غير تلك الرافضة، وبالمطلق لكل ما يصدر عن السلطة التنفيذية، وبالقدر نفسه، ينبغي ألا تكون أداة مطيعة مطأطأة الرأس، لا تستطيع أن تقول لتلك السلطة أي رأي يمكن أن «يُشتمُّ» منه رائحة «عدم الموافقة».
النجاح في إدارة متغيرات هذه المعادلة المعقدة، هو الذي سيعطي كتل التغيير في الشورى نكهتهم السياسية الخاصة، التي إن أحسنوا التعامل معها، فليس من المستبعد أن يبزُّوا أقرانهم النواب.
لكن ولكي يصل الشوريون لهذه المرتبة من مراتب الرغبة في التغيير، فلابد من الإجابة على أول علامة استفهام سوف تفرض نفسها أمام من يريد أن يغير، في الشورى هي: لماذا لا تُشكل في المجلس كتل شورية، أسوة بالكتل النيابية، بل وربما موازية لها، وتكون مختلفة عن الصياغات التنظيمية التي تشكل اللجان الرسمية الشورية، وتحدد مهامها؟
ولنأخذ على سبيل المثال لا الحصر، تشكيل كتلة اقتصادية من بين «الشوريين»، الذين يهمهم، وتقتضي مصالحهم بروز مثل هذا التكتل، من أجل الدفاع عن مصالح مجتمع الأعمال الذي يبحث عن من يدافع عن مصالحه.
وعلى نفس النسق، وفي الإطار ذاته، يمكن أن تتشكل كتل أخرى ذات طابع مهني مثل «كتلة التقنية والاتصالات»، تأخذ على عاتقها، بالتعاون مع المؤسسات القائمة ذات العلاقة، التشريع لسوق تقنية المعلومات والاتصالات البحرينية.
ولا ينبغي التقليل من أهمية مثل هذه اللجنة، عندما ندرك الثقل الذي يحتله قطاع الاتصالات والمعلومات في الاقتصادات الناشئة، وخصوصاً ذات الحجم الصغير مثل الاقتصاد البحريني.
ربما يرى البعض في مثل هذه الأفكار تحميل مجلس الشورى ما لا طاقة به، وقد يخالف البعض الآخر مثل هذه الدعوة لبروز مجلس شورى مختلف ضرباً من التمنيات الذاتية غير القابلة للتحقيق، في ظل الظروف القائمة، وفي نطاق الآليات التي يتشكل منها مجلس الشورى ذاته. لكن القوى الراغبة في التغيير، هي تلك القوى التي تنتعش في الظروف القاسية، وتميز نفسها عن الآخرين أمام الصعاب التي، وحدها دون غيرها، تستطيع تجاوزها، وقيادة الآخرين وراءها من أجل المشاركة في مغانم ما بعد ذلك التجاوز.
تبقى هناك مسألة أخيرة، وهي أنه ولكي نساعد الشوريين على إنجاز تلك المهمة، علينا أن نكفّ عن توجيه التهم لهم، وأن نوقف إلصاق النعوت بهم، دون أن يعني ذلك السكوت عنهم أو غضّ الطرف عن أي مسلك خاطئ من مسالكهم، من شأنه الإساءة لتلك المؤسسة التشريعية، أو استغلالها لمصالح شخصية.
إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"العدد 3003 - الخميس 25 نوفمبر 2010م الموافق 19 ذي الحجة 1431هـ
التفكير المسموع
شكراً للأستاذ عبيدلي على هذه الروحية والفكر الوطني ولا يعني ذلك أنني أوافق على كل ما جاء في المقال ولكن أوافق على المنهج الذي تسلكه منهج واقعي يتعطى مع الأمور من منظور الفرص والتحديات وهو منهج نتمنى أن تعيه الجمعيات التي نجحت في الوصول للبرلمان وحتى التي لم يحالفها الحظ وليس معنى ذلك قبول مجلس الشورى بصلاحياته وصيغته الحالية أحييك على هذا التفكير المسموع
على الموظف القيام بما هو مطلوب منه
أخي العزيز عبيدلي أنت تطلب من أعضاء مجلس الشورى القيام بدور خلاف الدور المنوط بهم ....
أبن المصلي
صدقونا بأن لعنات الأجيال ستلاحقهم ابد الأبدين لو أنهم اخفقوا للوصول بالوطن الى بر الأمان واخرجوا الوطن من هذه الأزمات الأقتصادية والتشظيات الأمنية لانريد منهم كراسي جامدة أودمى متحركة نريد منهم بشر احرار ينتزعون حقوقنا المسلوبة وهي في واقع الأمر كثيرة وكثيرة جدا واهمها في هذا الوقت توفير السكن لكل مواطن وتحسين الوضع المعيشي المتردي لجميع المواطنين وتحسين الخدمات في الصحة والتعليم وتطوير المناطق كلها من مدن وقرى وعدم تضييع اوقات المجلسين في مناكفات لاتودي ولا جيب
بهلول
تمزح ؟ أم تحلم !!؟؟ •