كشفت مديرة إدارة التقويم والتخطيط البيئي في الهيئة العامة لحماية الثروة البحرية والبيئة والحياة الفطرية زهوة الكواري عن قرب الانتهاء من إعداد البلاغ الوطني الثاني للتغيرات المناخية، وذلك بعد أن بادرت البحرين بإصدار البلاغ الوطني الأول للتغيرات المناخية في مارس/ آذار من العام 2005 وكانت الأولى في المنطقة.
من جهته دشن وزير شئون الكهرباء والماء فهمي الجودر صباح أمس كتاب «نظام الأمن والسلامة» خلال احتفال الهيئة بأسبوع السلامة تحت شعار «الاحتباس الحراري وتغير المناخ» في فندق الدبلومات والذي نظمته إدارة الأمن الصناعي والسلامة في الهيئة.
وشارك في الفعالية مكتب الأمم المتحدة الإنمائي ومكتب الأمم المتحدة للبيئة والهيئة العامة لحماية الحياة الفطرية والبيئة وعدد كبير من مسئولي وموظفي الهيئة كما تم خلال الفعالية توزيع هدايا أسبوع السلامة على المكرمين والمتحدثين خلال الفعالية.
وأوضحت الكواري «يتضمن التقرير حصراً لمصادر وحجم الانبعاثات الصادرة من البحرين وبالنسبة للبلاغ الوطني الثاني فمن المزمع أن يتضمن برنامجاً للتخفيف من آثار التغيرات المناخية بحيث يُدرج فيه بعض إجراءات التكيف في البحرين».
وأضافت «يتم تعزيز مبدأ الاستدامة من خلال استقطاب التكنولوجيا النظيفة والسليمة والسليمة بيئياً وتوفيق أوضاع الشركات القائمة وتشجيعها على الاستثمار في التكنولوجيا».
الكواري: المطلوب إدماج تغير المناخ عند تخطيط المدن الجديدة
وأكدت الكواري أن المطلوب حالياً هو إدماج تغير المناخ واحتسابه عند التخطيط لإنشاء المدن الجديدة سواء الساحلية أو الداخلية وتضمين أثر تغير المناخ عند التخطيط لتشييد البنى التحتية المحاذية للسواحل، بالإضافة إلى اعتماد مفهوم الإدارة المتكاملة للمناطق الساحلية.
وشددت على أهمية تعيين البحرين مناطق نموذجية للنظم الايكولوجية والحفاظ عليها كمحميات طبيعية للثروات ودفع الأفراد إلى تغيير سلوكياتهم ونمط حياتهم.
على سياق متصل أكد وزير شئون الكهرباء والماء أن كتاب «نظام الأمن والسلامة» وضع كل الأنظمة في مجال السلامة والأمن والحريق والبيئة والتأمين ليكون مرجعاً للجميع في هذه القضايا الأساسية، وأشار إلى أن الكتاب أنجز بالإمكانيات الذاتية وبناءً على الخبرات المتراكمة لدى الهيئة على مدى السنوات الماضية.
وذكر الجودر أن الهيئة تعمل في سبيل إنشاء محطات صديقة للبيئة مستقبلاً، ولفت إلى أن الهيئة تعمل بكل جد في سبيل بناء مثل هذه المحطات خلال السنوات المقبلة، مشيراً إلى أنها تكنولوجيا واعدة.
وقال خلال الاحتفال: «نهدف من خلال هذا اللقاء السنوي إلى تغيير الثقافة والوعي المجتمعي بقضية من أهم القضايا في وقتنا الحاضر وهي البيئة، وتم اختيار شعار «الاحتباس الحراري وتغير المناخ» لما يمثله هذا الموضوع من أهمية استراتيجية في بناء تنمية وطنية مستدامة».
وأوضح الجودر أن «النتائج المتوقعة لظاهرة الاحتباس الحراري قد تكون جداً مدمرة في ظل المعطيات الموجودة والمتمثلة في تدهور الأرض الزراعية وانتشار ظاهرة التصحر وما قد يُسببه من انتشار للمجاعة والأمراض وخاصة في الدول الفقيرة، وذوبان الثلوج بمعدلات سريعة وبالتالي ارتفاع منسوب مياه البحار والمحيطات والذي سيؤدي إلى غرق أجزاء كبيرة من الدول الجزرية خلال المئة عام المقبلة».
وأضاف «كما أن ظاهرة الاحتباس الحراري ستؤدي إلى تدمير بعض الأنواع الحية والحد من التنوع الحيوي، واحتمالات متزايدة بوقوع أحداث متطرفة في الطقس».
وواصل الجودر أن «كل هذه المخاطر دفعت العالم إلى التنادي في المؤتمرات العالمية في سبيل وضع الحلول لهذا الخطر، وكان مؤتمر بالي في العام 2005 بداية الانطلاق عندما وضع مجموعة من التوصيات والآليات في سبيل الحد من تلك الظاهرة، وكان الأمل معقوداً على مؤتمر كوبنهاغن في الدانمارك العام الماضي في سبيل وضع تلك التعهدات والاتفاقيات موضع التنفيذ وخاصة أن الدول المتقدمة تتحمل مسئولية تاريخية وأخلاقية تجاه العالم على اعتبار أن هذه الظاهرة بدأت مع بداية الثورة الصناعية في القرن الماضي».
واستدرك وزير شئون الكهرباء والماء «لكن النتائج لم تخرج بالشكل الذي يتطلع إليه العالم، وتتوجه الأنظار اليوم إلى كنكون في المكسيك والتي ينعقد فيها المؤتمر خلال الشهر المقبل وتُشارك البحرين بوفد، بالإضافة إلى مشاركة دول الخليج الأخرى والعربية في سبيل الدفاع عن مصالح شعوب المنطقة وخاصة البحرين باعتبارها من الدول الجزرية والتي قد تتعرض - لا قدر الله - إلى غمر أجزاء من سواحلها وأراضيها».
تدشين تقرير الأمم المتحدة في 2009 سعياً للحد من الظاهرة
وبين الجودر «انطلاقاً من مسئوليتنا الوطنية والعالمية نساهم في سبيل الحد من ظاهرة الاحتباس الحراري، وما استضافة البحرين في مايو/ أيار من العام الماضي تدشين تقرير الأمم المتحدة للحد من مخاطر الكوارث الطبيعية في سبيل حماية الدول الجزرية من الغرق وتبني خطة عمل بالي 2005 - 2012 ومن ثم تبرعها بمبلغ مليون دولا لدعم إصدار التقرير الدولي للحد من مخاطر الكوارث إلا استمرار لسياسة الحكومة في دعم التوجهات الدولية لمواجهة تلك الأخطار».
وواصل الجودر «أما على مستوى هيئة الكهرباء والماء فنحن نعمل بكل جد والتزام في تقليل الآثار السلبية على البيئة في كل المشاريع التي يتم تنفيذها وفقاً لأعلى المواصفات العالمية، ونحن في هذا الإطار نوظف بيوت الخبرة العالمية لعمل دراسات للتأثيرات البيئية لكل مشاريع إنتاج ونقل الكهرباء والماء ومن ثم تنفيذها على أرض الواقع، وهذا ما قامت به الهيئة في مشروع بناء محطة الحد لإنتاج الكهرباء والماء».
وتابع «وتم تصميم هذه المحطة بحيث لا تتجاوز الانبعاثات من أكاسيد النيتروجين والكبريت المعدلات العالمية المسموح به، كما قامت الوزارة بإعادة تأهيل محطة الرفاع المرحلة الثانية بإنفاق أكثر من 18 مليون دينار بحريني في سبيل خفض الانبعاثات من 540 إلى 74 ملغ/متر مكعب وهي النسب العالمية المسموح بها وكذلك الحال بالنسبة لمحطة سترة في مشروع تأهيل المرحلتين الثانية والثالثة والتي سيتم تنفيذها خلال العامين المقبلين».
وأضاف «نأمل من خلال هذه الندوة إلى رفع الثقافة والوعي المجتمعي وفي سبيل تعزيز الجهود الهادفة إلى الحفاظ على بيئة آمنة وسليمة ينعم فيها جميع المواطنين والأجيال المقبلة».
وعن كتاب «نظام الأمن والسلامة « أفاد الجودر بأن «هذا الكتاب يجعلنا نعتز بكوادرنا من مهندسين وفنيين يعملون في الهيئة في سبيل تعزيز مفاهيم الجودة والتميز التي تنطلق من الرؤية الاقتصادية المستقبلية لعاهل البلاد لجعل المواطن البحريني هدف التنمية الأوحد ومحور كل البرامج والاستراتيجيات التنموية والمستفيد الأول من خيرات التنمية الاقتصادية والاجتماعية للمملكة التي تنطلق من مبادئ الاستدامة والتنافسية والعدالة باعتبارها مرتكزات مشروعنا النهضوي من أجل حياة كريمة وآمنة للمواطنين».
من جهته تحدث رئيس الهيئة بالإنابة الشيخ نواف بن إبراهيم آل خليفة عن جهود هيئة الكهرباء والماء في الحفاظ على البيئة قائلاً: «تمكنت الهيئة من إعادة تأهيل محطة الرفاع لإنتاج الكهرباء وقللت من انبعاثات الغازات الضارة مثل أكاسيد النيتروجين، أما محطة الرفاع فلها قصة نجاح جديرة بالذكر حيث تمت إعادة تأهيل زيت المحولات وتركيب أجهزة بمحطات نقل الكهرباء لإعادة معالجة غاز SF6 وإعادة استخدامه ما يحد من الأضرار البيئية للمشروع، كما قامت الهيئة باستبدال أنظمة الحريق في العام 2005 بأنظمة صديقة للبيئة وذلك يؤكد التزامها، كما تم وضع اشتراطات مُلزمة لجميع الشركات».
من جانبه قال عميد كلية الدراسات العليا في جامعة الخليج العربي وليد زباري في محاضرة بعنوان «تغيير المناخ والتأثيرات المتوقعة على نظام الموارد المائية في البحرين»: «إن البحرين دولة صغيرة المساحة وقليلة الموارد وتقع في منطقة تعتبر الأكثر فقراً مائياً في العالم، ولدينا ضغط على الموارد المائية، وتعتمد البحرين على المياه الجوفية القادمة من المملكة العربية السعودية والتي حدث لها استنزاف حالياً وحصل لها تملح وهناك خسارة للاستعمال العشوائي».
وأضاف زباري «خسرنا الينابيع وما حولها من فرص استثمارية، وتمثل التحلية 90 في المئة من المياه في البحرين ونوعية مياهها جيدة جداً».
وواصل أن «لدينا مشكلة كبيرة مع الصرف الصحي فمحطة واحدة تغذي البحرين ولذلك تستوعب محطات التحلية أكثر من طاقتها وهذه هي المشكلة».
واستطرد زباري «لو انتقلنا إلى تحليل النظام المائي في البحرين لوجدنا أن هناك مشكلة في الإدارة المائية، وأن كل قطاع يخطط لنفسه من دون وجود تخيط مركزي، ونأمل أن يكون إنشاء مجلس الموارد المائية بداية حل المشكلة، علماً بأن قطاع المياه ليس في يده الحل بل يجب أن تشترك كل الدولة في حل المشكلة».
وأردف أن «هناك عوامل قلق في البحرين من بينها ارتفاع درجات الحرارة وارتفاع منسوب مياه البحر، تؤدي في مجملها إلى تأثيرات أساسية متوقعة على صعيد الماء والغذاء والصناعة والصحة وغيرها من القطاعات، والبحرين ستخسر الكثير من جراء ارتفاع منسوب ماء البحر».
وعطف على بناء نموذج رياضي بين البحرين والسعودية خلصت نتائجه إلى أن غزو مياه البحر للمياه الجوفية سيصل إلى 5 في المئة، ووضع زباري اقتراحات وحلول للتكيف من أهمها ضرورة وضع تعرفة للمياه الجوفية.
وفي ختام حديثه خلص زباري في محاضرته إلى أن تغير المناخ سيزيد الوضع المائي سوءاً، وأن حركة العالم أجمع بهذا الاتجاه تعتبر فرصة لتصحيح التحديات وتقوية استراتيجية التكيف وضمها إلى الخطة الوطنية.
على صعيد ذي صلة تطرق مجيد الحداد من برنامج الأمم المتحدة للبيئة إلى تفاصيل الاحتباس الحراري وتغير المناخ وأكد تشجيع مكتب الأمم المتحدة للبيئة على دمج قضية تغير المناخ في خطط التنمية.
وقال الحداد: «إن تغير المناخ يؤثر على كل الكرة الأرضية وعلى الموارد الطبيعية والتنوع الحيوي والغابات لذلك لا يمكن فصله عن التنمية، والتغير المناخي هو الذي يحدث عن الأنشطة التي يمارسها الإنسان وتؤدي إلى تغير درجات الحرارة، أما الاحتباس الحراري فهو محصلة تغير المناخ ويكون باتجاه ارتفاع الحرارة، وهذا هو الاتجاه العام حالياً للمناخ في الكرة الأرضية».
وأضاف أن «التغيرات الفصلية لا تعتبر تغير مناخ بل تغير المناخ هو ما يحدث لمئات السنين».
وذكر الحداد «في العام 2006 وصلت درجات الحرارة في أوروبا إلى 40 درجة ونجمت عنها وفيات، والأعاصير ازدادت حدتها وعددها في المنطقة العربية من جراء تغير المناخ وتُعزى هذه الظواهر إلى انبعاث الغازات الدفيئة، وبحسب التقرير الدولي الرابع هناك مخاطر كثيرة وخاصة فيما يتعلق بشحة المياه في المنطقة العربية».
وبين أن «هناك عدة استراتيجيات مهمة لابد من اتباعها حتى نتمكن من التعامل مع هذه الظاهرة تتمثل في التخفيف من انبعاثات الغازات الدفيئة، وأيضاً التسليم بأن موضوع تغير المناخ حاصل ويجب أن نتكيف معه على مختلف المستويات، فارتفاع الحرارة سيزيد الطلب على استهلاك الماء والكهرباء وسيؤدي إلى إرباك في إنتاج الطاقة».
وواصل الحداد «عالمياً يعتبر قطاع إنتاج الطاقة المسئول الأول عن انبعاث 24 في المئة من الغازات الدفيئة وهو القطاع الأكثر جذباً لفرص الاستثمار، وفي مجال الطاقة البديلة نجد أن الشرق الأوسط وشمال إفريقيا هي الأقل استثماراً في هذا المجال على رغم أن الفرص في المنطقة العربية في مجال الطاقة الشمسية أكثر بكثير من بعض المناطق الأوروبية مثلاً، كما أن البحث العلمي في هذا المجال متواضع».
وأضاف أن «التعامل مع التغير المناخي يُنتج منافع بيئية واجتماعية واقتصادية على المدى الطويل ويجب أخذه في الاعتبار عند وضع الخطط الوطنية، ونقل التكنولوجيا مهم ومن الضروري الانتباه والحذر عند أي تخطيط لتخفيف المخاطر من تغير المناخ والتلوث البيئي».
إلى ذلك أكد نظمي أبوالعطا من هيئة البيئة وحماية الحياة الفطرية في محاضرته بعنوان «الإسلام والتربية البيئية» ضرورة استحداث مناهج دراسية تُعلم الطلاب أهمية التربية البيئية وطرقها سعياً لتغيير سلوك الطلاب، وشدد على اهتمام الإسلام والقرآن الكريم بالتربية البيئية في قوله تعالى: «هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا» (البقرة:29)، وقوله تعالى «وأحسن كما أحسن الله إليك ولا تبغ الفساد في الأرض إن الله لا يُحب المفسدين» (القصص: 77).
وبين أبو العطا أن التربية البيئية عملية تغيير لسلوك الأفراد من المهم أن يتم فيها ربط كل المفاهيم بمعتقدات الناس حتى يكون التغيير سهلاً.
واستطرد «لابد من مناهج خاصة بالتربية البيئية حتى نُعلم النشء الاقتصاد في الكهرباء والاقتصاد في الماء والإحسان وعدم الإفساد»، واستشهد بقصتين من كتاب الجاحظ الأولى عن أهمية تدوير القمامة في الحفاظ على البيئة والأخرى عن أهمية التدبير في الحياة».
وقوبل أبوالعطا بتصفيق من الحضور في الفعالية عندما قال: «أخرجوا الطلاب من الصندوق الأسود - يقصد الصفوف الدراسية - إلى الأماكن العملية ليتعلموا بدلاً من دفن مواهبهم، ولو كُنت مدير مدرسة لأخرجت الطلاب إلى الشوارع القريبة ليكنسوها ويُحافظوا على البيئة».
العدد 3003 - الخميس 25 نوفمبر 2010م الموافق 19 ذي الحجة 1431هـ