العدد 2998 - السبت 20 نوفمبر 2010م الموافق 14 ذي الحجة 1431هـ

أضاحٍ أخرى في عيد الأضحيات

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

صدّرت «الوسط» أمس بـ «مانشيت» بيئي اقتصادي اجتماعي يقول: «الدفان قلّص الإنتاج السمكي في البحرين من 16 إلى 6 آلاف طن سنويّاً».

العنوان مستمدٌ من تصريحات عددٍ من النواب والصيادين والبيئيين، وسبق لهؤلاء أن كشفوا وبالأرقام تدهور الثروة السمكية في ندوةٍ نظّمتها «الوسط» قبل ثلاثة أشهر. الجديد أن التصريحات تأتي متزامنةً مع انتهاء إجازة عيد الأضحى، الذي اعتاد البحرينيون فيه بمختلف انتماءاتهم على ارتياد السواحل مع أطفالهم، في واحدةٍ من الظواهر الاحتفالية النادرة التي ترتبط بالدين والوجدان.

في هذا العيد تحديداً، يظهر أكثر وأكثر ما تتعرّض له السواحل من انتهاكات، تتزايد عاماً بعد عام على حساب الصالح العام. فقد بات الناس يتزاحمون على البقع الصغيرة التي بقيت ملكاً عاماً حتى الآن، ولا تزيد مساحتها على 3 في المئة من سواحل هذا الأرخبيل المعتّق. وهي ظاهرةٌ لن تجدوها في أيّ بلدٍ من بلدان العالم، بأن تُصادر السواحل وتتحوّل إلى أملاكٍ خاصةٍ خلال غمضة عين.

في السنوات الماضية، كانت هناك بقعٌ ساحليةٌ صغيرة، أخذت تتقلص أكثر وأكثر. وللوصول إلى ما تبقى منها، ستكون محظوظاً إذا وصلت لأقربها خلال ساعتين، بسبب ازدحام السيارات واحتشاد الناس. وهي مرشّحةٌ للاختفاء تماماً خلال الأعوام المقبلة، بما فيها ساحل المالكية وكرباباد بعدما اختفى ساحل البسيتين وقلالي والدير وسماهيج وحالة بوماهر وجنوسان وسنابس... انتهاءً بسواحل جزيرة سترة.

في جزيرة المحرق، وفي اعترافٍ رسمي باختفاء السواحل، لم يبقَ للاحتفال بالمهرجان الشعبي الكبير غير اللجوء إلى البقعة الوحيدة المتبقية، وهي ساحل الحوض الجاف. وهي رسالةٌ تعني اختفاء السواحل الطبيعية التي عاش على ضفافها البحريني لمئات القرون، ومن سوء حظ جيلنا أن يكون شاهد زورٍ أبكم على اختفائها خلال العقد الأخير.

في آخر أيام الإجازة، استجبت لرغبة أطفالي بالذهاب إلى الكورنيش الذي لم أزره قبل أكثر من عامٍ، وصدمني ما رأيت. كان الشارع الداخلي مليئاً بالحفر والمطبات، والعشب الأخضر انحسر عن الجزء الأكبر من المنتزه. كانت البقعة الرملية الصفراء أضعاف المساحة الخضراء، فيما اقتحمت السيارات الأماكن المخصّصة لجلوس العوائل. أتذكّر أن اللوحات الإرشادية كانت تمنع سابقاً دخول السيارات والدراجات إلى هذه الأماكن، التي أصبحت أطلالاً لأكبر منتزه مخضرٍّ في البحرين.

تركت العائلة جانباً وقطعت المنتزه من الشرق إلى الغرب. أين اختفى البحر الذي كان موجوداً قبل عامين؟ على اليمين امتد الدفان الأغبر. مبانٍ لم تكن موجودةً من قبل، كيف ظهرت كالتماسيح في البحر؟ وأين يذهب الناس؟ العوام؟ العامة؟ أين يذهب المرتاضون ومرضى السكر وحتى من يريدون أن يشمّوا هواءً نقياً؟ أم على هؤلاء أن يعيشوا في أقفاصهم الأسمنتية حتى تلتهمهم أمراض الضغط والسكّر والقلب؟

النافورة التي كان يتحلّق حولها الأطفال ويتطاير منها رذاذ الماء في ليالي الصيف جفّت. مجسّم الكرة الأرضية الذي أقامته «جمعية المرسم الحسيني» قبل خمسة أعوام في الاحتفال بيوم البيئة العالمي أصبح هيكلاً مهملاً من الحديد. المضمار الذي يمتد كيلومتراً واحداً بين نقطتين نصف دائريتين كانتا تشرفان على البحر، ابتعد عنهما البحر لتغرقا في لجّة الدفان. لم يبقَ غير لوحات جمعية مرضى السكر التي تحتوي على تعليمات صحية أولها الحث على التسخين لمدة خمس دقائق قبل مزاولة رياضة المشي.

لا حاجة لكم بالتسخين بعد اليوم في المنتزهات العامة! لا مقام لكم بها فارجعوا! إنه زمن «أمن الطاقة» لا أمن الإنسان

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 2998 - السبت 20 نوفمبر 2010م الموافق 14 ذي الحجة 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 19 | 10:11 ص

      اه

      اه يا قلبي اه ويلي
      والله صرت ابكي يا سيد
      سيد صرت ما اقدر اعلق ولا اقول شئ
      خلاص كل شئ انتهى
      مالي الا البكاء
      اه والف اه

    • زائر 18 | 6:16 ص

      الطمع والجشع

      ألحين ما دروتون تتخلصون إلا من هالمنتزه اللي يزورونه كل الناس ومفتوح لاهل المنامة كلهم. ترى المنامة ما فيها منتزه كبير غيره، إذا صكيتون عليهم وين يروحون يتنفسون. قاتل الله الطمع والجشع. بس الانسان ما تملا عيونه إلا التراب.

    • زائر 17 | 5:47 ص

      غرباء في وطننا

      لقد أتيت بالمشكلة كاملة... من ساحل المالكية وكرباباد بعدما اختفى ساحل البسيتين وقلالي والدير وسماهيج وحالة بوماهر وجنوسان وسنابس... انتهاءً بسواحل جزيرة سترة. كل البلد يئن ويشكو من التجاوزات، لم يبق لنا يا سيد أي أرض، فقد صرنا في وطننا غربااااااااء.

    • زائر 16 | 5:14 ص

      انها

      متطلبات التحديث يا سيد وعليك ان تنتظر المشهد الاخير!!!
      لا تستعجل وعش رجبا ترى عجبا.
      عندها سيختفي الساحل وسيختفي المواطن وستختفي ثقافة البلد كما سيختفي الابناء عن الذهاب " للمنتزهات "!!!

    • زائر 15 | 3:45 ص

      الأرض ومن عليها

      لا أرى أن ما يحدث عندنا في البحرين هو نتيجة الطمع والجشع كما يتصور البعض لأن حجمه أكبر من ذلك بل هو بلا ريب فعلٌ معبرٌ عن حقدٍ وغلٍ لهذه الأرض وأهلها, ورغبة شريرة جامحة لتدمير الحياة عليها وهو-فعلاً- ما يبدو واضحاً من خلال ما يجري لنا وحولنا فما نراه هو تعبير فاضحٌ ل ( أنا ومن بعدي الطوفان ).ولكن الغريب أن بيننا من يساهم في ذلك التدمير, بعضٌ بالفعل اشتراكاً وبعض بالتشجيع نكايةً وبعض بالسكوت خوفاً أو جهلاً, ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم.

    • زائر 14 | 3:22 ص

      ما هو معياركم

      لماذا تعزل مناطق عن البحر ابتداء من الدراز مرورا بكل القرىوصول للمنامة
      ومناطق يتم تخصيص سواحلها للمرتادين ما هو معياركم إلا يمكن بناء مشاريعكم
      بعيدا عن هذه القرى؟هل عندكم أزمة أراضي؟وهل يستفيد أهل هذه المناطق
      من مشاريعكم

    • زائر 12 | 2:28 ص

      حتى يصير توزيع الثروات عدل

      ياجماعه من خلقنا و البحر في المناطق الشمالية حتى اصير توزيع الثروة لابد من نقل البحر الى الجنوب الان شالو الرمل من الجنوبيه الى الشمالية وتم شفط البحر من الشمالية بودونه الجنوبيه بس خلكم مرنيين الحكومة ما بتقصر بني ادم عجول واجد

    • زائر 11 | 2:22 ص

      أهل سلم

      المشكلة أننا أهل سلم وكلام !
      في زمن لا ينفع فيه الكلام ....

    • زائر 10 | 2:14 ص

      كان بودي

      هذا الكورنيش بالتحديد مورس ضده التجفيف المتعمد والحفر والتخريب وتركه لفترات طويلة فأنا من مرتاديه
      منذ فترة طويلة أين يذهب أهل المنامة والقرى المجاورة؟ هذا المتنفس الوحيد وهو من أقدم السواحل
      المعدلة اليوم يذهب ضحية ناطحات السحاب الخاصة

    • زائر 9 | 12:25 ص

      شعب محطوظ ياسيد مونقصنا شيء والحمدلله ماعندنا غابات لكان الحكومة حمتنا من حيواناتها بعد؟؟؟

      السبب الاولي ياسيد وانت المتحامل على ماتقدمه الدوله لنا نحن المواطنين والمقيمين كبير منها اولا المجمعات الكبيرة التدخين ممنوع فيها نسوي رياضة داخل ويش لنا بالبحر والرطوبة2/اما عن المناظر الطبيعية والبحر والهرار وعيشت الاباء فكانت سابقا تسبب الضرار في حالة المد والجزر وخاصة ايام الشتاء مما يسبب خسائر للمواطنين من هذا المنطلق اتخدت حكومتنا الرشيدة قرار بابعاد البحر عن القرى والمدن الي ذكرتها علشان لايغرقون الاطفال وابعاد اضرار البحر وهذه انجاز ثاني 3/احنا في مناطقنا كل شيء متوفر حدائق و و مرتاحين

    • زائر 8 | 12:21 ص

      قاتل الله الطمع والجشع والطامعين والجشعين

      لا نقول سوى قاتل الله الطمع والطماعين والجشع والجاشعين اذا ابتليت البلد بهم خربت ودمرت والخراب الذي نشهده يتكرر في مواقع مختلفة وبصور مختلفة الا حسبي الله ونعم الوكيل وتبا للطمع والطامعين ومن يناصرهم ويعينهم ويسكت على ما يفعلون فالخراب سيعم ويصيب الجميع

    • زائر 7 | 12:16 ص

      ملينا طفشنا من الوعود اشتروا لا لم يشتروا زراعة لحديقة ...

      هذه رسالة الى كل من يهمه الامر :
      نحن ابناء الدير وسماهيج (سمادير) وتعدادنا يفوق 15 الف نسمة لا توجد لدينا متنفس المطار من خلفنا والاراضي الخاصة من امامنا والجزر الصناعية اكلت سواحلنا بينما البحر كان ممتد على طوال القريتين ، الا نستحق حديقة لاطفالنا ولنا مللنا الوعود ومضيعة الوقت ارحمونا ارحموا من في الارض يرحمكم من في السماء ؟؟؟

    • زائر 6 | 12:15 ص

      بانيو

      السلام عليكم
      كنا في عصر العيد على ساحل كرباباد المدفون،وكان هناك مئات من المواطنين يرمون اضحياتهم(الحية بيه) في ذلك البحر الجميل،إذ تحول ذلك الساحل المنهوب الى ساحل لا يزيد طوله عن اقل من كيلو مترا؟؟؟
      المهم،فبينما نحن نعيش فرحة العيد على ذلك الساحل مع باقي الناس،إذ بمواطن ينظر لي ويقول:شوف شنو بقى من الساحل يمكن بعد ينهبونه من عندنا،بعدين وين بيرمون الحية بية؟؟ تسائل ثم اجاب:بجيبون ليهم بانيو (حوض سباحة) وبيرمون الحية بيه فيه) حينها اخذت اضحك على زمننا المنهوب كذلك!!!

    • زائر 4 | 11:21 م

      جيل اناني

      صحيح واللهن ما حبانا الله به من بحر عشنا عليه مئات القرون، أضعناه في العقد الاخير. فأي جريمة بحق الارض والانسان تلك التي ارتكبناها في هذا الجيل الاناني؟

    • زائر 3 | 11:16 م

      كالجراد المنتشر

      حتى الكورنيش جاروا عليه، مثل الجراد المنتشر. لن يتركوا شيئاً لكم.

    • زائر 2 | 10:26 م

      أبن المصلي

      نعم ياسيد تغيرت البلاد ومن عليها اين ذهبت تلك السواحل الجميلة في هذا البلد في غمضت عين اختفت واصبحنا لانرى البحر ونشم هوائه العليل لانسمع تلك المواج بزخاتها وردادها المنعش لانرى البوانيش والطراريد تمخر البحر فتبعث على البهجة لانرى الطبيعة والتي حبانا الله بها في هذا الوطن نعم ياسيد اختفت تلك المظاهر وذابت بين عشية وضحاها كما يذوب الملح في الماء ورتسمت على جوانبها المباني الأسمنتية الشاهقة التي تحجب عنا التمتع بالبحر وما يزخر به من خيرات ولكن كما يقول المثل دوام الحال من المحال الله في الوجود

    • زائر 1 | 10:07 م

      راح البحر

      http://www.youtube.com/watch?v=70gCNJJHrTg

اقرأ ايضاً