حضرتُ فعاليات مؤتمر أمن الطاقة الذي نظمه مركز البحرين للدراسات الاستراتيجية والدولية والطاقة الأسبوع الماضي تحت عنوان «آفاق التعاون بين الاتحاد الأوروبي ودول مجلس التعاون لدول الخليج العربية». المؤتمر كان فرصة للتعرف عن قرب إلى أفكار جديدة في مجال أمن الطاقة من خلال الحوار مع ضيوف المؤتمر والمشاركين.
أهمية هذا الملتقى تنبع من معرفة أن تطوير سياسات الطاقة في معظم دول العالم يعتمد على 3 أعمدة أساسية هي: أمن الطاقة، والاستدامة البيئية، والقدرة التنافسية للاقتصاد، وبالتالي فموضوع أمن الطاقة يعتبر أحد الأعمدة الرئيسية لتطوير رؤى المملكة بالنسبة إلى المستقبل. في كلمة افتتاح المؤتمر، أشار وزير شئون النفط والغاز عبدالحسين ميرزا إلى أن أمن الطاقة لا يتعلق بحفظ أمن المستورد بل إن حفظ أمني المورد والمستورد وجهان لعملة واحدة. في الحقيقة، إن الدول المستوردة للوقود الكربوني هي التي تربط بين الأعمدة الثلاثة لسياسة الطاقة لديها لمحاولة الخروج من مستنقع الاعتماد على النفط والغاز الأجنبيين وبالتالي تحاول من خلال إثارة مواضيع تغير المناخ والاستدامة البيئية الاستثمار في الطاقات المتجددة والطاقة النووية؛ لذلك من المتوقع زيادة النسبة المئوية للطاقات المتجددة لكن في اتجاه غير متوقع لأن العالم سيستمر في نهمه حيث سينمو الطلب العالمي خلال العقود القادمة؛ ما سيجعل 80 في المئة من مصادر الطاقة تأتي من الغاز أو النفط أو الفحم.
إحدى النقاط التي تم طرحها في المؤتمر هي الإشارة إلى حاجة الدول المصدرة للوقود الأحفوري لخفض الدعم المقدم لأسعار الجازولين وبالتالي زيادة التسعيرة في محطات البنزين، فالرأي المنطقي أن الدول النفطية ستتحصل على مبالغ هائلة بسبب زيادة قدرتها التصديرية في الأسواق الخارجية؛ ما يمكّن تلك الدول من الاستثمار في مشاريع البنية التحتية والصحة والتعليم. هناك قلق في الدول المستوردة من أن الدول النفطية وبسبب النمو السكاني والاقتصادي ستعمل على خفض صادراتها من الوقود الأحفوري.
الملتقى كان فرصة لمعرفة تجربة التعاون الأوروبي، فمشروع «سكيور» الأوروبي هو مشروع تعاوني بين 15 مركزاً بحثياً من 11 دولة أوروبية ومدعوم مالياً من قبل المفوضية الأوروبية لتطوير أساليب وأدوات ونماذج لتقييم ضعف الاتحاد الأوروبي عند التعرض لمختلف أنواع المخاطر تهدد إمدادات الطاقة وبالتالي فهذا المشروع يقدم مجموعة من التوصيات لكيفية تحسين أمن الطاقة في القارة العجوز مع الأخذ في عين الاعتبار التكاليف والمنافع والمخاطر باستخدام عدة سيناريوهات.
مؤتمر أمن الطاقة هو باكورة الفعاليات المهمة التي قام بتنفيذها مركز البحرين للدراسات الاستراتيجية والدولية والطاقة ونجاحها المستحق سيرفع سقف الآمال المتوقعة سواء في جودة التقارير الصادرة من المركز أو من مستوى الفعاليات القادمة. لقد حضرتُ عدداً لا بأس به من المؤتمرات التقنية في المملكة ولاحظت أن منظمي المؤتمر يختفون بعد حفل الافتتاح لكن في هذه المناسبة فقد حضر رئيس أمناء المركز محمد عبدالغفار جميع جلسات المؤتمر التقنية بالإضافة إلى حلقات النقاش؛ ما يدل على اهتمامه الشخصي بمعرفة تفاصيل أوراق العمل المشاركة من لائحة متميزة من المتحدثين، ومن المتوقع أن يساهم المركز الجديد في ملء فراغ ضعف التقارير الخليجية في مجال أمن الطاقة.
إقرأ أيضا لـ "مجيد جاسم"العدد 2990 - الجمعة 12 نوفمبر 2010م الموافق 06 ذي الحجة 1431هـ