يعيش ديوان الخدمة المدنية حالة «هستيرية» وخوف كبير من كل من يسعى لانتقاد أدائه وعمله وطريقة تعاطيه مع مختلف القضايا التي يتعامل بها بشكل يومي.
ديوان الخدمة المدنية جهاز حكومي يحمل الصفة العامة ولا يعبر عن شخصية من يقوم على إدارته، وبالتالي فإن انتقاد هذا الجهاز لاعلاقة له أبدا بالشخص الذي يقوم عليه، وكل من يقبل أن يضع نفسه في خانة «الشخصية العامة» فعليه أن يقبل الانتقاد واللوم وفي بعض الأحيان تصل الأمور إلى التجريح البناء لإصلاح الخلل وتوجيه دفة العمل إلى الصواب، وإلا فعليه أن يستقيل من منصبه ويبقى في منزله لتكون ذاته مصونة لا تمس.
ديوان الخدمة المدنية الجهاز الحكومي الوحيد الذي يرفض انتقادات الصحافيين والكتاب بل يسعى دائما لوئد أية محاولة من شأنها أن تشير إلى مكامن الخطأ في عمله ، وذلك من خلال جرجرة الصحافيين والكتاب إلى ساحات القضاء بسبب ومن دون سبب، في محاولة لخلق حالة من الخوف في صفوف الكتاب ومن ثم منع أية محاولات مستقبلية لانتقاد الديوان «وهي خطوة ذكية»، إلا أنها قاصرة في فهم حقيقة العمل الصحافي وكيفية التعاطي معه كجهاز رقابي مجتمعي.
نعم، لا أسلب حق ديوان الخدمة المدنية في التقاضي من أي شخص أو جهة أو مؤسسة أو كيان يرى أنها تعرضت له وأدت إلى الإضرار به ماديا أو معنويا، إلا أن هذا الحق لا يأتي أيضا على حساب مصادرة الحريات العامة في التعبير عن الرأي والتي كفلها أيضا الدستور وميثاق العمل الوطني.
وبالتالي كان الأجدر بديوان الخدمة المدنية إثبات عكس ما يكتب عنه وقطع الشك باليقين من خلال حقائق ثابتة ودامغة تحرج أي كاتب تعتقد أنه «مسها بسوء» ضمن حق الرد والتوضيح، ودرء المغالطات إن وجدت.
كان على ديوان الخدمة المدنية أن يلجأ إلى التعاون مع الصحافة المحلية وخلق مساحة واسعة من الحوار والتعاون لتصويب الأخطاء بدلا من تعقيدها، وكان من الأفضل أن يجلس القائمون عليه مع كتاب الأعمدة الذين هاجموا الديوان لتوضيح الصورة لهم كجزء من سياسة تحسين الصورة الذهنية، لا تشويشها أكثر مما هي مشوشة حاليا.
ديوان الخدمة المدنية لازال بعقليته القديمة الصلبة غير المنفتحة وبالتالي فإن تحريك الدعاوى القضائية يأتي ضمن إطار التصعيد واستعداء أعداد كبيرة من الصحافيين الذين قد يبدأون في انتقاد هذا الجهاز، وهو الأمر الذي لن يمكن هذا الجهاز من ملاحقة الجميع قضائيا، مما يجعله عرضة للانتقاد الدائم.
إقرأ أيضا لـ "هاني الفردان"العدد 2434 - الثلثاء 05 مايو 2009م الموافق 10 جمادى الأولى 1430هـ