هل هناك خوف عند بعض الناس من المجهول؟ وهل هو مسألة إيمان بالقدر من عدمه؟ أم إنّ الخوف من المجهول يعني الخوف من المستقبل؟

سألنا إحدى الأخوات عن رفضها وعزوفها عن الزواج، فأخبرتنا بأنّها تخاف من المجهول! فعمدنا إلى فتح الموضوع معها مرّة أخرى، بُغية التناقش لإفادتها وللاستفادة منها، فأوضحت بأنّها تخاف من أن تتزوج وتنجب فيموت صغيرها، أو قد تتطلّق بعد فترة من الزمن، ولا نعتقد بأنّ هذا خوف من المجهول بل إنّه وجس صنعته هي حتى تتفادى الهموم الطبيعية للحياة الاجتماعية، إما لموقف تعرّضت له في صغرها، أو وفقاً لطبيعة العلاقة بين أبيها وأمّها، أو قد تكون تربّت تربية غير صحيحة عن الزواج وعن المستقبل بشكل عام!

أحد الأشخاص أيضاً تكلّم معنا عن المجهول، ورسم حياة بطريقة روتينية يطبع عليها نوع من الرتابة، وعندما سألناه عن السبب، أخذ في اللف والدوران، وانتهى إلى القاعدة نفسها «الخوف من المجهول»، وذكر أنّ ما تعلمه أفضل ممّا لا تعلمه، فلماذا نغيّر حياتنا إن كنّا راضين بما لدينا.

في بعض الأحيان يمنعنا خوفنا من المجهول عن التقدّم والتطوّر، ويجعلنا حبيسي الحاضر، فلا نحن نرى الماضي فنستفيد منه، ولا نحن نصنع المستقبل لنحقّق أحلامنا، وتكون حياتنا في مستوى واحد، لا يعرف طعم المغامرة أو كسر الروتين.

لابد لنا في بعض الأحيان من خوض التجارب، والعيش في المجهول، حتى نتذوّق ماهيّة ذواتنا، ولنبني خبراتنا، ولكن إن قمنا بوضع رؤوسنا في التراب كما تفعل النعامة، فإننا لن نبلغ أحلامنا، ولن نتقدّم يوماً في مستقبلنا المجهول، وسنعوّد من حولنا على عيش حياة روتينية بحتة.

ولا نقول هنا بأنّ نضع أنفسنا في مواقف محرجة أو صعبة هي تجربة المجهول، ولكننا نستطيع التفكير بإيجابية قليلاً، لنسلك طريقاً مجهولاً مفروشاً بالورود لا بالأشواك.

ومن المضحك المبكي، هو عندما سألنا أحد مدمني المخدّرات عن سبب إدمانه، فقال الجملة نفسها بطريقة أخرى، «لقد أعجبني ذلك العالم المجهول»، ويا ليته لم يُعجب به، إذ كان السبب في هلاكه!

قدّروا المواقف وانظروا إلى الحياة بصورة أخرى، فقد تكون هناك طُرُق كثيرة مجهولة قد تفيدك، وتنقلك إلى عالم آخر، أفضل من العالم الذي تعيشه، فلا تضيّع الفرص خوفاً من المجهول، بل اغتنم الفرص واقتنصها، وستجد حلاوة ذلك المجهول! وجمعة مباركة.