صدر للناقد المغربي محمد جودات عن دار الكتب العلمية بالأردن كتاب بعنوان (في العروض والشكل البصري: دراسة تناصية في الشعرية العربية الحديثة).
وهو دراسة تحاول مقاربة مكونات مؤسسة في الشعر العربي الحديث شكلت التباسات جوهرية في مقاربة الحداثة من خلال:
- العروض كدلالة اتصال بالشعر العربي القديم باستحضار عدد كبير من الشعراء للعروض العربي وبناء قصائدهم عليه، وكدلالة انفصال أيضاً بحيث لا يلتزم الشعراء الحداثيون بالقواعد العروضية القديمة فتصاحب قصائدهم.
- الشكل البصري كدلالة انفصال عن الشعر القديم حيث تعددت أشكال النصوص الشعرية ولم تعد متوحدة في شكل وحيد عمودي، كما أن الشكل البصري اعتبر في النص الحديث رسالة بصرية توازي الرسالة السمعية التي كانت الناقل الوحيد للخطاب الشعري القديم. من هذا المنطلق تسعى هذه الدراسة إلى الإنصات للقصيدة العربية الحديثة في تمظهراتها الإيقاعية والبصرية باعتبارهما دالين بارزين في التحول الشعري، شكلاً مجالاً واسعاً لاختلاف النقاد، كما كانا مجالاً لانتعاش العوائق المعرفية التي سمحت بانتعاش المسبقات الفكرية في صياغة أحكام جاهزة حول القصيدة لا تنطلق أحياناً من التفكيك الفعلي للنص، وقد يكون سببها أحياناً تعميم بعض الاستثناءات التي تؤسس التحول في بعض النصوص دون فهم للميكانيزمات التكوينية للشعرية في تعالقاتها مع الموروث والآخر. إن الإيقاعية الشعرية الحديثة لن تتوافر شروط إمكان فهمها دون إدراك لبنية النص الشعري العربي الأب، الذي يتمظهر في النصية الحديثة عبر امتدادات نصية قد تتحول دون أن تمحى كلية. ثم أن الشكل البصري للقصيدة العربية الحديثة دال جوهري معقد، لا يمكن اعتباره مكوناً هامشياً في ظل سلطة الخطاب التي لا تتمأسس ضمن اعتباطية الدال والمدلول، وكل تحول أو تشابه مع أي نصية أخرى هو دلالة تناصية مع جنس إبداعي يتطلب دراسة متخصصة تستحضر الأبعاد السيميولوجية والدلالية لسلطة الشكل. وكل دراسة تقصي هذه الشروط أو تجهلها تسمح بإنتاج نتائج غير موضوعية، تسرع في وضع المسميات وإنتاج أحكام قيمية تعتبر الشعرية العربية الحديثة خرقاً للبنية الشعرية؛ وهدماً للتراث...
على أن تحويل الموروث وتمديده عمق لإحيائه، وتقليده ونسخه درب لموته.
العدد 2988 - الأربعاء 10 نوفمبر 2010م الموافق 04 ذي الحجة 1431هـ