لم يكن يخالج صيادي سترة وهم يتحدثون عن آمالهم وأحلامهم وأرزاقهم التي ردمتها جرفات الدفان أن تلك المعاناة وأنين الحكايات ستلامس شغاف لجنة التحكيم وتمنح معاناتهم جائزة «اللؤلؤة السوداء».
حيث فاز الفيلم الوثائقي القصير «أنين السواحل» جزيرة سترة نموذجاً، سيناريو وإخراج الكاتب البحريني إبراهيم راشد الدوسري بجائزة «اللؤلؤة السوداء» الجائزة الثانية عن أفضل فيلم وثائقي خليجي في مهرجان أبوظبي السينمائي الذي نظم في قصر الإمارات في أبوظبي بدولة الإمارات العربية في الفترة من 14 حتى 23 أكتوبر/ تشرين الأول 2010 والفيلم من تصوير ومونتاج أنور حيات وتعليق زكريا رضي ومتابعة إنتاج عبدالحميد الشيخ.
وقد أشار الدوسري خلال مقابلة «الوسط» له أن الفيلم يتخذ من معاناة الصيادين مدخلاً لمعالجة قضية عموم سواحل الجزر هذه الثروة الوطنية الواجب المحافظة عليها، وأشار إلى أنه ركز على سترة وشهادات صياديها نموذجاً كونها أقرب مثال ولأن الفيلم قصير كان له أن يقتصر على جزيرة سترة وشهادات صياديها كنموذج عام على مختلف سواحل الجزر في أي منطقة من مناطق العالم.
ماذا تقول بعد فوز فيلمك «أنين السواحل» باللؤلؤة السوداء في مسابقة أبوظبي للأفلام القصيرة، وكيف كان شعورك حين إعلان الفوز بالجائزة.
- كنت في غاية السعادة لأني بهذا الفوز حققت لبلدي إنجازاً متميزاً في مهرجان سينمائي دولي يشارك فيه صفوة من أهم الأفلام وأهم المخرجين ونجوم التمثيل والنقاد وكتاب السينما في العالم والوطن العربي والخليج كما أكد فوزي بالجائزة أهمية الجهد الفكري والفني والإبداعي الذي بذلته في إنجاز فيلم ( أنين السواحل ) ومالقيه من تقدير واهتمام وإشادة من قبل لجنة التحكيم التي كانت تظم نخبة من السينمائيين كما عززت هذه الجائزة الثقة في قدراتي الفنية وإصراري في مواصلة مشواري في إخراج الأفلام الوثائقية والروائية القصيرة.
ماذا أردت أن تقول من خلال هذا الفيلم، وما الرسالة المختصرة التي يرسلها فيلم «أنين السواحل»، ولمن توجّه هذه الرسالة بالتحديد.
- حاولت من خلال هذا فيلم «أنين السواحل» أن أسلط الضوء على معاناة أصحاب مهنة صيد السمك في البحرين الناتجة عن دفن وردم السواحل واقتطاع مساحات كبيرة من البحر من أجل إنشاء المشاريع التجارية المختلفة فضلاً عن تلوث البيئة البحرية الذي نتج عنها تخريب مصائد الأسماك والإضرار بالثروة السمكية والتي أدت إلى ارتفاع أسعار الأسماك وانعكاس ذلك على المستهلك، ومن ثم كساد مهنة صيد الأسماك وإنني من خلال هذا الفيلم أوجه رسالة لمن يهمه الأمر وتحديداً للجهات المعنية وقد اخترت منطقة سترة وما يعانيه صيادوها لتكون نموذجاً لما يحدث في مختلف مناطق البحرين وكانت الشهادات في الفيلم على لسان الصيادين أنفسهم كلها تعبر عن أنين البحر والسواحل في البحرين.
هل لك أن تحدثنا عن قصة الفيلم كيف بدأت في مخيلتك إلى أن انتهت بالفوز في هذه المسابقة؟
- بدأت فكرة الفيلم في شكل صدمه منذ أن رأيت السواحل والبحر في مختلف المناطق الساحلية في البحرين تغمر بالصخور والحصى والأسمنت والشاحنات تهدر ليل نهار كالوحوش تتوغل في البحر لتكبّ ما تحمله في جوفها من مخلفات وحولها الجرافات وهي تنهش في جسد سواحلنا الجميلة ثم تحولّت الصدمة إلى فعل تمخض عنه فيلم «أنين السواحل».
للفيلم القصير خصوصيته وتقنياته، هل لك أن تحدثنا عن تجربتك لهذه التقنيات الدقيقة والتي تساعد المخرج وتتعبه في نفس الوقت حين الاشتغال على مثل هذا النوع من الأفلام لما لها من عمق وكثافة في زمن قصير جداً؟
- الفيلم القصير عموماً يحتاج من المخرج القدرة على الاختزال والتكثيف فما بالك بالفيلم الوثائقي القصير فهو يحتاج أولاً إلى وضوح الفكرة والهدف في ذهن المخرج أولاً ومن ثم توفر المصادر المختلفة المعززة للفكرة فضلاً عن التعامل مع شخصيات الفيلم وتصريحاتهم ووجهات نظرهم حول موضوع الفيلم وهذا كله يتطلب تهيئة الظروف المناسبة وخصوصاً الاجتماعية والنفسية وهو وجوب توفر عنصر الثقة بين المخرج وشخوص الفيلم الوثائقي خصوصاً في مثل فيلم «أنين السواحل» الذي يطرح قضية مهمة وشائكة في نفس الوقت المهم أن الفيلم واجه العديد من التحديات ولكني استطعت التغلّب عليها بمساندة شخصيات الفيلم من بحارة منطقة سترة والأستاذ عبدالحميد الشيخ الذي عمل معي متابعاً في إدارة إنتاج الفيلم باعتباره من أهالي سترة وكذلك الأستاذ زكريا رضي الذي قام مشكوراً بمهمة التعليق على الفيلم والفنان أنور حيات الذي قام بتصوير ومونتاج الفيلم.
ما سر ذهابك نحو قضية البحر والسواحل والصيادين وكيف وجدت تفاعل الصيادين معك وخصوصاً أنت ترصد همومهم وشكاواهم بالكاميرا؟
- في الحقيقة لولا تعاون الصيادين وحماسهم لما رأى فيلم «أنين السواحل» النور لأن الصيادين كانوا مقتنعين برسالة الفيلم لأنه يعبر عن قضيتهم.
يشتغل الفيلم على طرح قضية «الدفان البحر وأثر ذلك على الصيادين» في البحرين ما الأدوات التي حاولت من خلالها الاشتغال على هذا الموضوع؟
- لقد تضمن الفيلم العديد من المشاهد واللقطات المعبرة عن معانات الصيادين حيث أبرزت السواحل والبحر، وهما مغموران بالرمال والغبار والصخور واختفاء قوارب الصيادين وهذا تأكيد على ما كان يطرحه الصيادون في الفيلم.
ما المنهجية التي اعتمدتها في الفيلم لتناول هذه القضية، وما أثر تلك المنهجية في إبراز الفيلم بالصورة التي خرج بها.
- لقد اعتمدت منهجية الفيلم على شهادات الصيادين أنفسهم باعتبارهم أصحاب الهم والمعاناة ثم أكدت ذلك بالمشاهد واللقطات المصورة لتأكيد تلك الشهادات وربط كل ذلك بمشاهد جمالية للبحر بمصاحبة الموسيقى.
ما الصعوبات التي واجهتك في صناعة هذا الفيلم، وكيف استطعت التغلّب عليها وما الكلمة التي تتجه بها للمسئولين لتذليل هذه الصعوبات.
- نحن السينمائيين في البحرين نحفر في الصخر لكي ننجز مشاريع أفلامنا ورغم حصول العديد من أفلامنا على جوائز عربية ودولية مهمة لانزال مهمشين من قبل الجهات الرسمية المعنية في البحرين لقد رفعنا العديد من التوصيات والمقترحات من خلال أجهزة الإعلام المختلفة نطالب الجهات المعنية بالدعم والمساندة ولو بالقليل من الإمكانيات مثل توفير كاميرات وأدوات الإضاءة ليستخدمها المخرجون بشكل دوري تحت إشراف جهة معنية في وزارة الثقافة أو الإعلام ولكن كل هذه التوصيات لم تنفذ حتى الآن ولكن رغم هذا الصمت والتجاهل نحن نواصل الطريق الذي بدأناه بكل عزم وإصرار ونحصد الجوائز أيضاً ولكن السؤال المستغرب هو لماذا هذا التجاهل من قبل الجهات المعنية.
لك تجربة متواصلة في الإنتاج الفني والمشاركة في المهرجانات السينمائية هل لك أن تحدثنا عن هذه التجربة؟ وأين تضع فيلمك الأخير من هذه التجربة؟
- فيلم «أنين السواحل» يمثل خلاصة تجربتي السينمائية في هذه المرحلة إذا جاز التعبير والتي بدأت منذ أول أفلامي الوثائقية التي كتبتها حول تاريخ قرية البديع مسقط رأسي وجاء بعنوان ( البديع حبيبة الشمس ) وكان من إخراج علي شاهين ثم تلت تلك التجربة العديد من الأفلام التي كتبتها وأحرجتها وشاركت بها في العديد من المهرجانات المحلية والخليجية من بينها الأفلام التالية: (القفص / وتر من المحرق / زمن آخر / أصابع النور / وردة / البالونة الخضراء / رماد السنين / والعديد من الأفلام الوثائقية لتلفزيون البحرين ولمؤسسات ثقافية : مسرح أوال / أسرة الأدباء والكتاب / وزارة التربية والتعليم).
إبراهيم الدوسري رجل متعدد المواهب في المجال الفني بالتحديد ما جديدك للأيام القادمة على مستوى الإنتاج الفيلمي.
- لقد أنجزت قبل فترة فيلماً روائياً جديداً لم يعرض حتى الآن تحت عنوان: «أنياب» كما اشتغل هذه الأيام على فيلم وثائقي جديد يسلّط الضوء على ظروف ومعاناة المتقاعدين في البحرين تحت عنوان: «خريف النوارس» شاكراً صحيفة «الوسط» متمثلة في ملحق «فضاءات» على الاهتمام بالشأن الثقافي والفني في وطننا العزيز.
العدد 2988 - الأربعاء 10 نوفمبر 2010م الموافق 04 ذي الحجة 1431هـ