العدد 1211 - الخميس 29 ديسمبر 2005م الموافق 28 ذي القعدة 1426هـ

في أصيل 2005 وشروق 2006

منى عباس فضل comments [at] alwasatnews.com

كاتبة بحرينية

إنه آت، ذلك الشيء المخيف الذي لا ندري أسراره. هل يحمل لنا في سلاله الغموض والفرح والخير، أم يضمر الشر والأحزان؟ إنه آت ولا ندري بعد كيف سينشر أجنحته في الأفق؟ هل سيعجل من هطول المطر، ويسرع من دورات المواسم والحصاد؟ أم انه سيثير الضجة كعادة غيره والبلبلة والخوف والكراهية؟ هل ستنبت مع مجيئه بذرات الحب وتأتينا سنابل السلام؟ هل سيكون متعبا من لهاث النهار والليل الأخير وما خلفه سواه؟ هل سينزع عنا أقنعتنا ويبدل جلودنا ويجدد أقاويلنا وأعمالنا ويغفر عن كل الخطايا والرذائل، ومن ثم يرمينا بالصمت من جديد لكي نكتشف كنوز ذواتنا التائهة والهائمة في العتمة؟ هل سيحالفنا الحظ لنرى بهاءه المتخفي قبل الأوان ونتذوق طعم عطاياه، ورقصاته وأغانيه ونضحك معه جميعا ونصفق بفرح طفولي من الأعماق؟ لا نعلم بعد، ما إذا كان سيتناغم مع كياناتنا، وهمساتنا ويغوص في دفء أعماقنا ويستخرج من محار قلوبنا ودواخلنا لؤلؤ المحبة والتفاؤل وينثرها على الكون الفسيح، وينزع عنها الأحقاد وينقذنا من سطوة الذات والأنانية ويأخذ بأيدينا؟

** ثمة من يهمس قائلا، إنه سيحمل لنا الدهشة، ويعطرنا بالذهول الجديد، ويأتينا كل صباح بالورد والجمال، ويغمرنا بالسعادة المعمدة بماء الياسمين. ثمة من يؤكد، أنه سيغسل أحزاننا بالزهور وبأوراق المشموم والرياحين، ثم ما يلبث أن يبدد الفزع والذعر عنا، وثمة من يقسم، بأنه سيتقاسم معنا الحزن والألم ويرفع عن أكتافنا المعاناة والتوجس والقلق، كما سيتحمل معنا كل سخريات الأقدار. هل سيفعل ذلك؟ أم انه وكعادة من سبقه، سيقسو علينا ويعظم من أوهامنا ويجعلنا ضحايا لحيل والأعيب جديدة؟ هل سيرشدنا في طرقاتنا ويحمل معنا القناديل ويؤشر من أين نبدأ مع الواقع وإلى أين ننتهي؟ هل سيسمو بنا فوق الصغائر ويصعد إلى الفضاء؟ أم سيحاصرنا بأشرطة شائكة وأسوار مسيجة، تسلب النور من عيوننا والصفاء عن أرواحنا؟ هل سيمنحنا كما نأمل مفاتيح وأقفال القدرة على التحدي والمقاومة، واختيار المعابر التي تمكننا من اجتياز تقلبات الحياة وخداعها؟

** إلى الآتي الذي لا ندرك بعد أسراره، هل ستكون ملاذا من عري أزمنتنا القاسية، ولحظات الخواء، الجوع، العطش، الظلم والذل؟ هل ستجري كالنهر الفياض في أيامنا المقبلة وتروينا ونحن العطشى بعبارات جميلة معطرة تخترق أحلامنا وقلوبنا وعقولنا، وتطلق الفراشات الملونة والطيور الصغيرة لترفرف من حولنا وتشاركنا الغناء والمرح في أعراسنا؟ فالآتي يشي بأنه مختلف. وإن من يلفظ أنفاسه لم يكن عادلا في رحلتنا معه، ولطالما اختزنا الأمل معه، وكنا يقظين، وحلمنا بالمعجزات، لكن أحضانه ضاقت بنا، وخدعنا في لحظات مباغتة، أما الآتي فإنه يهمس لنا من بين النجوم المتلألئة المليئة بالحياة، السابحة في أفلاكها. لقد سقى من مائها الصافي، وربما تزدهر معه أرواحنا مجددا بالحب وتتماسك بقوة في حضرته قلوبنا التي تنشد السلام والمحبة. ولما لا؟ من يدري؟ أكثروا من الدعاء معي في مطلع العام الجديد. وكل عام وأنتم بخير!

إقرأ أيضا لـ "منى عباس فضل"

العدد 1211 - الخميس 29 ديسمبر 2005م الموافق 28 ذي القعدة 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً