العدد 1211 - الخميس 29 ديسمبر 2005م الموافق 28 ذي القعدة 1426هـ

التوصيات وضمانات عدم تكرار المآسي الإنسانية

من تجربة «هيئة الإنصاف والمصالحة» المغربية

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

تكتسب التجربة المغربية في مجال حقوق الإنسان أهمية خاصة لفرادتها، لما يعلق عليها من آمال قد تفتح ثغرة في جدار الصمت العربي. «الوسط» تعرض ورقة موجزة لـ «هيئة الإنصاف والمصالحة» المغربية تتناول تجربتها في رفع التوصيات وضمانات عدم التكرار للتجاوزات بحقوق الإنسان تمهيداً لطي هذا الملف المؤلم في تاريخ المغرب العربي الثقيل. من أجل ضمان عدم تكرار الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في بلادنا ومن أجل توطيد مسلسل الإصلاحات الجارية، قدمت هيئة الإنصاف والمصالحة مجموعة من التوصيات تتعلق بالإصلاحات المؤسساتية وباستراتيجية وطنية لمناهضة الإفلات من العقاب وبتتبع تنفيذ التوصيات. 1­ دعم التأصيل الدستوري لحقوق الإنسان: كما هو متعارف عليه دوليا، وذلك عبر ترسيخ مبادئ سمو القانون الدولي على القانون الوطني وقرينة البراءة والحق في محاكمة عادلة. كما أوصت الهيئة بتعزيز مبدأ فصل السلطات وبمنع الدستور لكل تدخل من طرف السلطة التنفيذية في تنظيم وسير السلطة القضائية. كما أوصت الهيئة بالتنصيص الدستوري الصريح بفحوى الحريات والحقوق الأساسية التي يتضمنها مثل حريات التنقل والتعبير والتظاهر والتنظيم النقابي والسياسي والتجمع والإضراب، وسرية المراسلات وحرمة المسكن واحترام الحياة الخاصة. وأوصت الهيئة أيضاً بتقوية المراقبة الدستورية للقوانين والمراسيم التنظيمية المستقلة الصادرة عن الجهاز التنفيذي، مع التنصيص دستوريا على الحق في الدفع استثناء بلا دستورية قانون من القوانين، مع الإحالة على المجلس الدستوري للفصل فيه. وعلى غرار تحريم الحزب الوحيد دستوريا، توصي الهيئة بتحريم الاختفاء القسري والاعتقال التعسفي والإبادة والجرائم الأخرى ضد الإنسانية، والتعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية أو العقوبة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو الحاطة بالكرامة أو المهينة، وكذلك منع كل أشكال التمييز المحرمة دوليا وكل دعوة أو تحريض على العنصرية والكراهية والعنف. 2­ إقرار وتطبيق استراتيجية وطنية لمناهضة الإفلات من العقاب: تدعو الهيئة بناء على النتائج الواردة في تقريرها الختامي إلى وضع استراتيجية وطنية متكاملة، مندمجة ومتعددة الأطراف في هذا المجال، وتعتبر أن مكافحة الإفلات من العقاب تتطلب، إضافة إلى الإصلاحات القضائية، وضع وتطبيق سياسات عمومية في قطاعات العدالة والأمن وحفظ النظام والتربية والتكوين المستمر بمشاركة فاعلة للمجتمع برمته. كما تعتبر الهيئة أن هذه الاستراتيجية يجب أن تستند إلى قواعد القانون الدولي لحقوق الإنسان بملاءمة التشريع الجنائي والالتزامات الدولية للمغرب، وذلك بـ: ­ إدماج وتعريف المسئولية والعقاب المستحق كما حددتهما الأدوات الدولية. ­ تخويل الموظفين العموميين ووكلاء السلطة والأعوان المأتمرين بأوامر رؤسائهم واجب التبليغ عن كل معلومات تدل على فعل أو محاولة ارتكاب الجرائم السالفة الذكر، أياً كانت الجهة الآمرة بذلك. ­ وضع مقتضيات خاصة لحماية ضحايا الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان وذوي حقوقهم عند الاقتضاء من حيث الاستماع أثناء البحث والانتصاب كطرف مدني أمام الجهة القضائية المختصة، ومن حيث التأهيل وجبر الضرر. 3­ تعتبر الهيئة أن توطيد دولة القانون يتطلب، إضافة إلى ذلك، إصلاحات في مجالات الأمن والعدالة والتشريع والسياسة الجنائية. ولذلك فإنها توصي خصوصاً بـ: أ­ الحكامة الأمنية التي تتطلب تأهيل وتوضيح ونشر الإطار القانوني والنصوص التنظيمية المتعلقة بصلاحيات وتنظيم مسلسل اتخاذ القرار الأمني وطرق التدخل أثناء العمليات وأنظمة المراقبة وتقييم عمل الأجهزة الاستخباراتية والسلطات الإدارية المكلفة بحفظ النظام أو تلك التي لها سلطة استعمال القوة العمومية. ب­ تقوية استقلال القضاء، التي تتطلب فضلاً عن التوصيات ذات الطابع الدستوري، مراجعة النظام الأساسي للمجلس الأعلى للقضاء بواسطة قانون تنظيمي تراجع تشكيلته ووظيفته بما يضمن تمثيلية أطراف غير قضائية داخله، مع الإقرار باستقلاله الذاتي بشرياً ومالياً وتمكينه من سلطات واسعة في مجال تنظيم المهنة ووضع ضوابطها وأخلاقياتها وتقييم عمل القضاة وتأديبهم وتخويله إعداد تقرير سنوي عن سير العدالة. ت­ إعادة تأهيل السياسة والتشريع الجنائيين، والتي تقتضي تقوية الضمانات القانونية والمسطرية ضد انتهاكات حقوق الإنسان وتفعيل توصيات الندوة الوطنية بشأن السياسة الجنائية المنعقدة بمكناس سنة 4002، وإدراج تعريف واضح ودقيق للعنف ضد النساء طبقاً للمعايير الدولية في المجال، وتفعيل توصيات المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان الخاصة بالمؤسسات السجنية (توسيع اختصاصات قاضي تطبيق العقوبات واعتماد عقوبات بديلة...). 4­ آليات المتابعة: أوصت الهيئة بعد انتهاء ولايتها، بإحداث آليات ومساطر لمتابعة القضايا الآتية: ­ تنفيذ المقررات المتعلقة بالتعويض ومتابعة تفعيل التوصيات بشأن الأشكال الأخرى لجبر الأضرار بما فيها التأهيل الصحي والنفسي للضحايا وبرامج جبر الضرر الجماعي. ­ تفعيل التوصيات الخاصة بالكشف عن الحقيقة بالنسبة إلى الحالات التي لم يتم استجلاؤها. ­ تفعيل توصيات الهيئة المتعلقة بالإصلاحات. ­ حفظ ارشيف هيئة الإنصاف والمصالحة والارشيف العمومي

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 1211 - الخميس 29 ديسمبر 2005م الموافق 28 ذي القعدة 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً