تلقيت دعوة لإلقاء كلمة بمناسبة عيد ميلاد السيد المسيح ليلة الخميس الماضي في الكنيسة الإنجيلية في البحرين. وذهبت هناك والتقيت جمعاً من المسيحيين، وألقيتُ كلمة عن التسامح والتعايش واحترام الأديان بين الطوائف، وسررتُ كثيراً باللقاء. وهذه الزيارة التي هي الأولى بالنسبة إلي، بأن ألقي كلمة إسلامية إنسانية في كنيسة وفي ليلة عيد ميلاد السيد المسيح (ع)، وهناك التقيت الأب ميساك وهو من طائفة الأرثوذكس والقس هاني عزيز وهو من الطائفة الإنجيلية. وشدني الموقف كثيراً أن أرى رجل الدين الأرثوذكسي يمارس طقوس العيد والنشيد في كنيسة إنجيلية، وهذه أيضاً تعكس حال التسامح. وبعد الانتهاء جلست مع الأب وكان الحديث جميلاً وشيقاً. بعد ذلك جاء الأطفال ليوزعوا الحلويات على الضيوف. قضينا ليلة جميلة، تحدثنا خلالها عن أهمية احترام الأديان والتسامح بين البشر وأهمية شيوع السلام والمحبة بين البشر. كتعبير عن المحبة والتقدير، لم أجد أفضل من باقة الورد في إيصالها إلى الكنيسة في عيد ميلاد المسيح، والباقة مهداة من قبل الشباب المسلم لمركز الحوار، وأعتقد أنها كانت تحمل معنى جميلاً يعزز من ثقافة الحب والتسامح بين شبابنا المسلم والآخر. كلما التقيت قساً أو أباً مسيحياً أسأله عن مدى الحرية المتوافرة في البحرين للأديان الأخرى، أجد الإجابة دائماً أن البحرين هي من أفضل الدول ومن أفضل الشعوب التي يمارس فيه أصحاب الديانات الأخرى طقوسهم بكل حرية وبكل تسامح، وهذا لاشك يضفي إحساساً بأن الشعب البحريني هو الشعب الذي يمتاز بثقافة قائمة على التسامح. وهذا الانطباع سمعته في أكثر من دولة اجنبية. وكم نتمنى أن يعقد مؤتمر آخر للحوار الإسلامي المسيحي في البحرين، فهو يصور للعالم حقيقة جمالية التعايش وحرية الأديان في المملكة. الإنسانية تجمعنا جميعاً، فلنعلّم أطفالنا حب الآخرين، واحترام الإنسان لأخيه الآخر، بعيداً عن طائفته أو معتقده، أن يحترمه كإنسان له حق ممارسة طقوسه، له حق أن يعيش وأن يكون مواطناً مدنياً يلتقي معك في الحقوق. عندما يذهب أي إنسان إلى المنامة ويشاهد المنظر التسامحي الجميل، من وجود المأتم بقرب الكنيسة، بقرب المسجد، يشعر بتحضر هذا المجتمع البحريني. وهذه الثقافة هي التي يجب أن تسود بيننا نحن أيضاً كمسلمين، أن نوحد صفوفنا. والأمل مازال يحدونا بتوزيع الأسماء المشتركة في قوائم مشتركة بين الطائفتين الكريمتين في الانتخابات البرلمانية والبلدية المقبلة. في المؤتمر الإسلامي الذي عقد في مكة، تم طرح الاعتراف بالطوائف الثماني في الإسلام من قبل المؤتمرين، وهذه بادرة جميلة تقلل من شيوع ثقافة التكفير، وكذلك القرار القطري في التصريح ببناء كنيسة جاء في سياق هذه الدعوات. إن المناخ العام يبشر ببناء خليج يقوم على التسامح إن شاء الله. ويكفي البحرين أن نفخر بسبقها للتعايش، وأن الكنيسة الإنجيلية ستحتفل في شهر فبراير/ شباط المقبل بمرور 100 عام على تأسيسها.
إقرأ أيضا لـ "سيد ضياء الموسوي"العدد 1210 - الأربعاء 28 ديسمبر 2005م الموافق 27 ذي القعدة 1426هـ