العدد 1210 - الأربعاء 28 ديسمبر 2005م الموافق 27 ذي القعدة 1426هـ

«العباءة الدينية» وقانون الأحوال الشخصية

سهيلة آل صفر suhyla.alsafar [at] alwasatnews.com

كاتبة بحرينية

في الوقت الذي بدأت فيه المرأة تتبوأ أعلى المناصب السياسية والتفاخر بأنها وزيرة وسفيرة ومديرة، تبقى أسيرة، نظام قديم من حيث عدم القدرة على التحكم في حياتها، وتبقى حريتها مجمدة، وحياتها الخاصة يتحكم بها الرجل كيفما يشاء ومن دون قانون للأحوال الشخصية لحمايتها وأطفالها من الضياع. كيف نفهم المدنية والتقدم والمناصب العليا التي تعطى للمرأة؟ وما قيمتها إذا كانت في أعلى سلطة، ولكن للرجال سلطان كامل عليها؟ فأقل الرجال منزلة اجتماعية بإمكانه إهانة المرأة وهي في منصبها السياسي وإيذاءها أشد إيذاء إذا ما حصل خلاف بينهما فيهدد حياتها الزوجية. عدا عن رفضه تطليقها، وقد يحرمها من أطفالها، ولزيادة ذلها يطلبها أيضاً في بيت الطاعة، هل هناك أي تناسب بين امرأة في مركز مرموق يقوم زوجها بطلبها للطاعة؟ أين هي العدالة في هذا والمساواة في المناصب... وما فائدتها؟ ان القوانين الحالية لا ترحم المرأة، وقد وضعها الرجل لحمايته الذاتية، وجعل من المرأة ألعوبة في يديه يتسلى بها وبحياتها وحريتها وأطفالها كيفما يشاء في حال حدوث أي خلاف بينهما. ان الأفكار التي حرفت الرسائل السماوية لابد لنا من تصحيحها، ولابد للدولة أن تعيد اعتبار المرأة وتعطيها حريتها دونما نقصان. كيف يمكن أن يكون الرجل عدوها اللدود... فيسيطر عليها من خلال قوانين عفى عليها الزمن؟ ان الدولة يجب أن تكون لها الكلمة الأخيرة في استصدار قانون الأحوال الشخصية، والا تقوم بلبس عباءات رجال الدين وتجعل لهم الحق في السيطرة الغامضة وغير المباشرة على سن القوانين والأنظمة. فالمرأة يجب مساواتها بالرجل اجتماعياً كما تحاول الدولة مساواتها به سياسياً مع أننا مازلنا في أول الطريق للمساواة السياسية ونخطو الخطى ببطء شديد، ولكن لا بأس، أول الغيث قطرة ونحن راضون بذلك على أن تشد الدولة عزمها وتتقدم في خطاها لرفع الظلم عن المرأة اجتماعياً أيضاً وبأسرع ما يمكن. ان الاحتجاج والتظاهر ضد قانون يحمي المرأة لا يبرر تأخير أو تأجيل استصدار القانون. فما هما إلا وسيلتان ومحاولتان للهيمنة والتحكم في المجتمعات. والسؤال الذي يطرح نفسه هو: هل الدولة تخاف الاطراف التي تعارض تحرير المرأة؟ أم هي سياسة «صم الآذان» واستعمال سياسة فرق تسد. هذه هي إحدى الطرق التي تمارس من قبل دول العالم لإظهار فئة على حساب أخرى، ولاشعال نار الخلافات السياسية لإضعاف الشعوب والسيطرة عليها. فلماذا لا تلجأ دولتنا إلى الاستعانة بخبرات الدول الإسلامية الأخرى من تجربة مصر، المغرب العربي، ماليزيا وحتى العراق، فلديهم قوانين ثابتة وواضحة لحماية المرأة. ان المرأة هي عصب الحياة في المجتمع، فهل يعقل أن تبقى هكذا دونما نظام يحميها وتبقى في معاناتها؟ فهي التي تربي الأجيال وتساعد على النهوض بالمجتمع... وراحتها النفسية والعقلية ضرورية جداً ومهمة لإجادة دورها. والحرية هي الرمز الأكبر والواضح لتقدم الأمم، والمرأة لا فائدة أكيدة لها من دون حصولها على حريتها والمناصب العليا والكراسي لن تساعدها على التقدم إلا في حال مساواتها بالرجل اجتماعياً أيضاً، كي تتمكن المرأة من التحليق عالياً وبجناحين يطيران بها إلى آفاق مستقبل مشرق، جنباً إلى جنب مع الرجل، لتسانده في نهضة حقيقية لبلادنا... إذا ما شئنا ذلك.

إقرأ أيضا لـ "سهيلة آل صفر"

العدد 1210 - الأربعاء 28 ديسمبر 2005م الموافق 27 ذي القعدة 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً