العدد 1210 - الأربعاء 28 ديسمبر 2005م الموافق 27 ذي القعدة 1426هـ

صباح الربيعي... قصص متاعب الحياة بفكرة وشعر وغرابة

مجموعة الكاتب العراقي صباح الربيعي القصصية الاخيرة «باقة ورد للسيدة» تعكس في سماتها الغالبة اتجاها الى رسم متاعب الحياة في يومياتها بتصويرية وشعرية وافكار تشكل اساس كثير من قصصه. إلا انها في القليل منها تأتي في شكل يبدو اقرب الى الغرابة، لكنه لا يصل الى حدود النص العبثي فكلامه على رغم تطواف أو ابتعاد في سياق لعبته الفنية يبقى مربوطا الى هدف عقلاني واضح ومهم هو الانسان في اوضاعه المحزنة بل المفجعة. ومعظم قصص الربيعي في هذه المجموعة تنسج تصويريا وتتحول احيانا الى عمل شعري، ويقتصر العمل القصصي فيها على تكثيف لحظة أو لحظات قليلة خدمة لفكرة متحكمة تبدو مطروحة اصلا والنص اجمالا يعمل على تجسيدها. اشتملت المجموعة على تسع قصص وردت في 98 صفحة متوسطة القطع وصدرت عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر. القصة الاولى «اشجار الليل» التي تشكل اختلافا «نوعيا» الى حد ما عن اسلوب الكاتب في القصص الاخرى قد تكون اكثر ما في المجموعة كمالا من الناحية الفنية والعمل السردي عموماً. وهي ايضا تحمل مشابه من اجواء واساليب فنية مختلفة. في بدايتها تحمل ما يبدو لونا من ألوان البير كامو في «الغريب». أثر الشمس والحرارة في نفس البطل وما خلقه ذلك من شبه لامبالاة... يذكرنا بها الضجر الذي يسيطر على بطل الربيعي وإن لم يصل به الى حد القتل. يقول بطل الربيعي بعد رسم لوحة واسعة من المكان المحيط به ومن عالم نفسه ذاتها «كانت ظهيرة قائظة وكنت اشعر بالضجر. وقفت على الرصيف واسندت رأسي وظهري الى عمود الحديد حيث تستدير فوقه لافتة لتنظيم حركة المرور. كان الشارع امامي خاليا الا من بعض المارة وبعض العربات التي تجرها الخيول واشياء اخرى تتوافر في معظم الشوارع. ولم اكن اعبأ بشيء. (ستظل الى النهاية هكذا)». ومن ثم ينتقل الى مقهى مجاور ويبحث «عن مكان آمن الجأ اليه». بعد هذا اللجوء يجد القارئ نفسه امام اجواء «كافكاوية» لا بمعنى الشعور بالاضطهاد بل بسيادة نوع من الارتياب المتبادل الذي يسم العلاقات البشرية في القصة... الشخصية منها وتلك العارضة وغير الشخصية. يقول «كان النادل قبيحا وكذلك الذي يعاونه... «شاي ام حامض» فاجأني نادل القهوة القبيح. بارد، رمقني بنظرة مريبة واستدار متنقلا بين المقاعد الكالحة المتناثرة في جوف المقهى... كان لغط الجالسين يتصاعد مع دخان سجايرهم. ورحت ابحث في وجوههم عن ذلك الشيء المشترك الذي جمعهم. ايمكن ان يكونوا جميعا ضجرين... واذا كان هذا ممكنا فلماذا لا تتوحد افراحهم ومسراتهم ايضا...». ويمضي على هذا المنوال في جو تغلفه غلالة من الغموض. رأى رجلا وعندما عرفه «نهضت باتجاهه وجلسنا معا. قلت له: كيف الاحوال. قال لا اعرف. قلت: ومن يعرف اذن؟ قال بعد ان بدا لي انه في غاية الضيق... معك سجاير؟ قلت: معي. اعطني واحدة. قدمت له العلبة...» وهنا اخذ الرجل السيجارة وسأله البطل فيما يبدو للقارئ عدم انتباه فائق للحدود حتى في عالم القصص أهناك ضرورة للثقاب؟... قال وهو ينظر الى ساعته... طبعا. قلت له ولماذا طبعا. قال بعد ان كف عن النظر الى ساعته... لان السيجارة تحتاج الى ثقاب. قلت وانا اشعر بالخجل... فعلا هذا صحيح. لقد نسيت». نصل بعد ذلك الى معرفة ان زوجة الرجل اصيبت بمس في عقلها فقصت شعرها وصارت تتعرى لتتوجه الى السوق فيمنعها الزوج. وقد قيدها داخل البيت واتى الى المقهى الآن. وتستمر الاسئلة. يقول له صديقه «طلقها». فيجيبه «ولكنها تحتاج الى من يقف الى جانبها». ويسأله من جديد «وهل تستطيع ذلك؟...» فيأتي الجواب «احاول» ثم «اتجه الرجل بكامله الى الجامع».





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 1 | 11:02 ص

      ابواب العلم

      شكراكتييييييييييير على المعلومة يسلمووووووووووووووووووووووووو

اقرأ ايضاً