أثناء مغادرته واشنطن لقضاء عطلة عيد الميلاد في كامب ديفيد (مقر إقامة الرؤساء الأميركيين)، وصف الرئيس الأميركي جورج بوش سنة 2005 بأنها جيدة وسعيدة للشعب الأميركي،. فقد تحدث عن النتائج الاقتصادية في بلاده والتطور السياسي في العراق، مع تذكيره بأن الولايات المتحدة مازالت تحت تهديد الإرهاب. بيد أن الواقع يكذب ما ذهب إليه الرئيس الأميركي بشأن العام فقد مرت إدارته بسلسلة نكسات حينما اضطرت الغالبية الجمهورية المنقسمة إلى إعادة النظر في طموحاتها المتعلقة بعدة جوانب أساسية في سياستها الاقتصادية والأمنية. ففي مجلس الشيوخ واجهت الإدارة النكسة الأقوى إذ تم تمديد قانون مكافحة الإرهاب «باتريوت آكت» لستة أشهر فقط وكان بوش وحاشيته يريدون تمديده لفترة غير محددة. وفي الجانب الاقتصادي تم تجنب الفشل بفارق ضئيل الأسبوع الماضي بالنسبة لخطة اقتطاع نحو 140 مليار دولار من الموازنة. وهي المرة الأولى منذ 1997 وعهد بيل كيلنتون التي تقوم فيها واشنطن بفرض إجراءات تقشف ستلقي بثقلها بشكل خاص على الطلاب والمستفيدين من الخدمات الاجتماعية. وفي المقابل فإن الخلافات الداخلية منعت الجمهوريين على الأقل مؤقتا من تمديد إجراء خفض الضرائب الذي تم إقراره في السنوات الماضية. ويمكن أن يظهر هذا الجدل مجددا خلال الشهرين المقبلين. وفي سياق الخلافات اضطر البيت الأبيض للرضوخ أيضا إلى قضية منع التعذيب للمعتقلين بعد فضيحة السجون السرية في أوروبا وفضيحة التجسس على المسلمين داخل الولايات المتحدة علاوة على ذلك اضطرت إدارة بوش للعدول من جديد عن فتح محمية طبيعية في ألاسكا أمام عمليات التنقيب عن النفط. وكان هذا المشروع مدرجا على برنامج بوش الانتخابي منذ العام .2000 لاشك في أن كل هذه المشكلات تؤثر بشكل أو بآخر في حياة المواطن الأميركي ناهيك عن معاناته في الكوارث الطبيعية متمثلة في إعصار كاترينا، ريتا وغيرهما خلال .2005 وعلى رغم ذلك مازال بوش يستخف قومه بأن هذه السنة من أفضل السنوات للشعب. ربما يتسامح المجتمع الدولي مع الشعب الأميركي إن كان يجهل الكثير بشأن السياسة الخارجية لحكومته التي جلبت له الكثير من المشكلات بسبب التضليل ولكن أن يصدق الأميركيون رئيسهم حينما يكذب في الوضع الداخلي فتلك طامة كبرى
إقرأ أيضا لـ "عزوز مقدم"العدد 1209 - الثلثاء 27 ديسمبر 2005م الموافق 26 ذي القعدة 1426هـ