نجح «النجم العربي الصاعد» صدام حسين من خلال الحلقتين الأخيرتين من مسلسل «محاكمة صدام»، في استدرار تعاطف الجمهور العربي، وإن كان هذا التعاطف لا يختلف كثيرا عن التعاطف الذي قد يبديه الجمهور نفسه تجاه أبطال في مسلسلات وأفلام تلفزيونية وسينمائية أخرى. محاكمة شفافة وعادلة حتى الآن، ربما هذا ما أراد قوله من صمم وأخرج هذه «المسرحية الشعبية»، وفتحها للإعلام الدولي حتى صارت وجبة تلفزيونية دسمة. إذ كانت رسالة المخرجين إيصال الطرفة من خلال المحاكمة لقلوب مئات الآلاف الذي ذاقوا الويلات على يد صدام، فالرسالة وصلت، ولكنها لن تفلح في إخراج صدام من السجن. فالجمهور تفاعل مع «النجم الصاعد» وضحك لتهكماته وسخريته فعلا، لكنهم لم يتعاطفوا يوما مع الرئيس العراقي المخلوع الذي غزا إيران والكويت وأحرق شعبه كله بنيران الحروب، مدعيا يوما أنه سيحرق «نصف إسرائيل» ويعيد أمجاد صلاح الدين. خلال جلسات المحاكمة الأخيرة حاول صدام الذي حكم العراق أكثر من ثلاثة عقود بالحديد والنار، وأخوه غير الشقيق برزان التكريتي خلط الأوراق، وفرضا نفسيهما كضحيتين وليسا كمتهمين في جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية. فقد اتهم صدام الأميركيين بالكذب عندما نفوا تعرضه للتعذيب، كما زعم برزان «المشاكس» تعرضه للتعذيب هو الآخر، وقال بأن الأميركيين غالبا ما يصفعونه ويداه مكبلتان. كما طلب من قاضي المحكمة عرضه على لجنة طبية بسبب مرضه بالسرطان. نتحدى المحكمة أن تكشف لنا ما خلف «الكواليس» عند نهاية كل حلقة تسجيلية، تماما كالمسلسلات التلفزيونية الأميركية، عندما تعرض أخطاء الممثلين في الحلقة. فمسلسل المحاكمة لم ينجح في إيصال هدفه خصوصا من الناحيتين الفنية والإخراجية، فانقطاعات الصوت وتقطيع الصور غير منتظم، تشير إلى أن القوات الأميركية ارتأت أن ليس من المهم الاستعانة بمخرجين عالميين محترفين طالما أن الموضوع هو تاريخ ومستقبل بلد عربي.
إقرأ أيضا لـ "ايمان عباس"العدد 1207 - الأحد 25 ديسمبر 2005م الموافق 24 ذي القعدة 1426هـ