العدد 1207 - الأحد 25 ديسمبر 2005م الموافق 24 ذي القعدة 1426هـ

الرائد وخدمة المجتمع

هشام عبدالرحمن خليفة comments [at] alwasatnews.com

يقال إن على المرء أن يحاكي المجتمــع وحاول أن يجد نفسه فيه، وهنا نعني أكثر من مجرد إيجاد ميولك المهنية والمالية، بل أيضاً الارتقاء إلى مرحلة تشمل وعي إنساني يتضمن أكثر من نجاح الأعمال. ويدور الكثير من الحديث بشأن الأخذ والعطاء للحصول على نتائج تساوي بين ما يسعى إليه الفرد وما يحتاجه المجتمع. لكن هل بإمكان الشخص المشغول والملتزم بضوابط عمله ومشروعاته التجارية أن ينجز ذلك التوازن؟ من السذاجة أن نقول نعم ونبسط الجواب إلى وصفة سريعة الهضم. لكن يمكننا أن نتحدث بتواضع عن بعض الأمور التي يمكن أن تقرب رائد الأعمال المشغول من مجتمعه. الكثير منا يتردد بتكريس وقت للمشروعات الخيرية، ويكتفي بدفع الزكاة وعدم التعهد لتخصيص جزء من وقته لغير أعماله وعائلته. الواقع هو أن العمل التطوعي يحتاج إلى وضع الحدود من ناحية الوقت والالتزام المطلوب. فلا فائدة بالخوف من أنك ستفعل كما فعل غاندي مضحياً وقتك كله للآخرين، ولا تجرأ بالمبادرة على التطوع. فيجب عليك أن تصارح نفسك عن مدى قدرتك لتخصيص وقت للعمل التطوعي. الكل قادر على تفعيل التغيير للأفضل في المجتمع، ولكل شخص موهبة يمكنه أن يفيد بها الناس. فخدمة المجتمع لا تقتصر على التبرعات المالية. لرواد الأعمال الخبرة والمعلومات الكثيرة التي يمكن حصدها لتوعية الناس بشئون الأعمال مثل طرق المحاسبة المبسطة والمواد الأخرى التي بإمكانها أن تعزز ثقة أبناء البلد بالمشروعات التجارية الخاصة. وعلى سبيل المثال، قام أحد معارفي المصرفيين في قطاع غزة بالانضمام إلى مشروع خيري يوفر دروس محاسبة مجانية للراغبين في بدء الأعمال الخاصة. نعم، غزة، فما بالك ما يمكن فعله في البحرين. ومن جانب أخر، لدى الكثير من رواد الأعمال النفوذ والعلاقات التي يمكنهم الاستفادة منها لطرح أرائهم ومقترحاتهم في الكثير من الأمور، من سياسة المجتمع البحريني إلى حماية البيئة والتراث. لكن لا أحد يتوقع من أصحاب الأعمال بأن يفصلوا بين أعمال شركتهم وأعمال التطوع كلياً. وعلى هذا النمط، فبإمكان رجل الأعمال أن يقدم خدمات مجانية أو بحسب الكلفة لبرامج ومراكز الأعمال الخيرية. فمثالاً على هذا، يمكن على شركات تقنية المعلومات تصميم ورعاية مواقع الويب للجمعيات، ويمكن لأصحاب مطاعم الوجبات السريعة تخصيص بعض الوقت لتسلية الأطفال اليتامى والمعوقين، أما بالنسبة لشركات المحاسبة، فبإمكانها احتضان دورات تدريبية مبسطة لا تزيد عن يوم أو يومين كما ذكرنا أعلاه أو توفير خدمات تدقيق حسابات بسعر رمزي للجمعيات الخيرية. للأسف هناك من يبرر عدم اهتمامه بالتطوع والمبادرة الاجتماعية بسبب أنه مازال في شبابه. فيقول لك بأنه سيتفرغ عندما يتخطى الخمسين من عمره. ولكن هذا تفكير خاطئ. إن في الشباب طاقة هائلة لا يجب احتكارها للأعمال الخاصة فقط، بل يجب تكريسها لمصلحة المجتمع وقيادته نحو مستقبل أفضل. فهل تريد القيام بفريضة الحج في عز شبابك أم في شيخوختك؟

العدد 1207 - الأحد 25 ديسمبر 2005م الموافق 24 ذي القعدة 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً