العدد 1207 - الأحد 25 ديسمبر 2005م الموافق 24 ذي القعدة 1426هـ

متى يعلنون؟

سيد ضياء الموسوي comments [at] alwasatnews.com

اسأل نفسي كثيرا لماذا طرح نزار قباني قبل عشرة اعوام قصيدته الشهيرة: متى يعلنون وفاة العرب؟ ولماذا ضاق صدر عبدالله القصيمي حتى ألّف كتابه الشهير «العرب ظاهرة صوتية»؟ وما سر تألم العالم السوسيولوجي علي الوردي حتى ألّف كتابه الناقد «مهزلة العقل البشري»؟ ولماذا راح مُظفر النوّاب يلح علينا ان نصبح ولو كالنملة في اعتزازها بقومها:

فالكلبة حتى الكلبة تحرس نطفتها

والنملة تعتز بثقب الارض،

اما انتم لا تهتز لكم قصبة!

ولماذا بكى الشاعر أحمد مطر فرأى ان الحيوان يرفض العقل العربي والعيش العربي قائلا:

لوقيل للحيوان كن بشرا هنا

لبكى وأعلن رفضه الحيوان

لماذا كل هذه المازوشية (التلذذ بجلد الذات)؟ هل هي شعوبية وكراهية للعرب؟ لا، أبدا ولكن للاسف الشديد أعتقد أن العرب يعانون من إشكال كبير يتمثل في نمط التفكير.

اخطاؤنا كبيرة نحن العرب لكن اكبر اخطائنا هي العاطفية والرومانسية الزائدة. كل العالم تقدموا ونحن في تراجع على مستوى التفكير السياسي والاجتماعي والاقتصادي. ما أعتقده اننا متورطون بالتضخم الذاتي وهذيان العظمة. كل العالم لا يستحق العيش عبارة عن اوساخ بشرية وبهائم وكفار ومتفسخين اخلاقيا لا امان لهم الا نحن. حتى تطورهم الحضاري انما جاء على اكتاف علماء العرب... الخ من الاسطوانات المشروخة وكلما اخترعوا شيئا ادعينا اننا سبقناهم به ورحنا نبحث في متون الكتب كي نثبت ذلك. حتى غزوهم للفضاء او اختراعهم للانترنت نحن سبقناهم. كيف؟ لا أعلم.

السؤال: اذا كنا نحن اكثر تطورا، لماذا هم متقدمون في جامعاتهم، في قضائهم في ديمقراطيتهم في صحافتهم في اقتصادهم في احترامهم لمواطنيهم؟ هم يشجعون شبابهم على الابداع وحب الحياة ونحن نشجع ابناءنا على الموت والعصبية. ونرسخ فيهم ثقافة الموت وكراهية الدنيا والفرح ومواجهة اي فعل ايجابي منتج. نحن العرب متورطون بتراث متخلف في بعض مواقعه. نسمي ثقافة الموت شجاعة واقرأ تلك الابيات التي نقدمها لابنائنا في المدارس، قول عنترة:

خُلقت للحرب احميها اذا بردت

واصطلي بلظاها حيث احترق

والى اليوم كأنما خلقنا للحرب والمحارق، وقول السموأل:

واسيافنا في كل غرب ومشرق

بها من قراع الدارعين فلول

وما مات منا سيد حتف أنفه

ولا طل منا حيث كان قتيل

وآخر يقول: حصاني كان دلال المنايا

وفي بيت آخر يقول:

وسيفي كان في الهيجا طبيبا

يداوي رأس من يشكو الصداعا

ملأت الارض خوفا من حسامي

وخصمي لم يجد فيها اتساعا

هذه المبالغات والنرجسيات والاوهام نكررها اليوم في عالمنا العربي. لذلك تطورت اليابان وسنغافورا وغيرهما ونحن بقينا

إقرأ أيضا لـ "سيد ضياء الموسوي"

العدد 1207 - الأحد 25 ديسمبر 2005م الموافق 24 ذي القعدة 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً