اتصل أحد أصحاب الأعمال ليعلق على المشروع الجديد الذي طرحته وزارة العمل والذي يستهدف توظيف 20 ألف باحث عن العمل (مجموع العاطلين حالياً) من خلال ضمان وظيفة بحد أدنى من المعاش (يتراوح ما بين 200 و300 دينار شهرياً) بحسب الشهادة التي يحملها، أو من خلال تدريب الباحث عن العمل بهدف تأهيله إلى إحدى الوظائف، على أن يحصل على معاش أثناء التدريب (يتراوح بين 100 و150 ديناراً شهرياً). تعليق صاحب الأعمال الذي طلب عدم ذكر اسمه تمحور حول أمرين مهمين قال إنهما يشكلان عقبة أمام حصول البحرينيين على عمل مناسب. الأمر الأول هو الولاء لصاحب العمل أو الشركة التي يعمل فيها، والأمر الآخر هو الالتزام بأخلاقية العمل، بمعنى الالتزام بضوابط العمل من ناحية الحضور والدوام والعطاء وعدم استغلال أدوات الشركة لأمور ليست لها علاقة بالشركة. أثناء الحديث معه، أشرت إليه بأن الأجنبي أيضاً قد يكون غير مخلص لشركته، وأيضاً قد لا يلتزم بضوابط العمل... ولكن جوابه كان بأن الأجنبي يمكن التعامل معه بسهولة في هذا الأمر، ويمكن إنهاء عقد عمله، كما أن الأجانب لا يفشون أسرار الشركة، ربما لأن لغتهم مختلفة، وربما أنه ليست لديهم إمكانات المواطن الذي يتصل بالناس ويتحدث عن قضايا كثيرة من بينها عمله. هذه النظرة التشاؤمية منتشرة لدى عدد غير قليل من أصحاب الأعمال والشركات في القطاع الخاص الذين يقولون إن البحريني سرعان ما يترك عمله بعد أن يتدرب لمجرد حصوله على عشرة دنانير زيادة من مكان آخر، أو أن البحريني لا يلتزم بأخلاقيات العمل، وسرعان ما يرفع قضية ضد صاحب العمل، والقانون المعمول به في البحرين مستورد من مصر الاشتراكية التي كتبت قوانينها في الخمسينات ومن ثم صدرتها إلى البلاد العربية. وهذه القوانين الاشتراكية تفترض أن صاحب العمل على خطأ بصورة تلقائية... وهنا يؤدي إلى أن تفضل شركات القطاع الخاص الاعتماد على العمال الأجانب سواء كانت كلفتهم أقل أم أكثر من البحريني. ولعلنا بحاجة إلى طرح ثقافة وطنية، يتم تدريسها في المدارس وعبر وسائل الاتصال الجماهيري لكي نزيل هذه النظرة التشاؤمية عن القوى العاملة الوطنية. فالبحريني المتدرب بإمكانه أن ينافس الأجنبي، وبإمكانه أن يخلص لمهنته، كما تثبت الكثير من النماذج المتوافرة حالياً. ولكن هناك أقلية وهي التي تسيء للأكثرية، وهناك ثقافة «الاتكالية» والكسل وسببها اعتقاد سائد بأن الحكومة يجب أن توفر العمل الحكومي الذي يقوم أساساً على الكسل وعدم المحاسبة على العطاء. وبما أن الوظائف الحكومية كانت (ومازالت عموماً) تعتمد المحسوبية والمنسوبية، وهناك التمييز بين المواطنين على أساس الانتماء الطائفي والاثني، فإن ذلك ساهم بصورة مباشرة في نشر ثقافة سلبية تدعو إلى عدم الاخلاص لصاحب العمل وعدم الالتزام بأخلاقيات المهنة. إننا جميعاً مسئولون عن حل مشكلة البطالة، والبرنامج الذي طرحته وزارة العمل أخيراً يعتبر الأكبر من نوعه، وقد خصصت الحكومة له موازنة قدرها 30 مليون دينار، وعينت شركة استرالية من خلال عقد قيمته 4 ملايين دينار بهدف تقييم قدرات الباحثين عن عمل ومن ثم تدريبهم وتوظيفهم. وهذا المشروع الضخم يجب أن تصاحبه حملة ثقافية تستهدف إزالة وجهات النظر التشاؤمية التي تعشش في أوساط القطاع الخاص بشأن القوى العاملة الوطنية
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 1207 - الأحد 25 ديسمبر 2005م الموافق 24 ذي القعدة 1426هـ