ثقافة المقاطعة ثقافة أثبتت الأيام فشلها، وانه لا يمكن أن تسد رمق جائع أو تحل قضية انسان أو تساهم في التنمية الاجتماعية. في تاريخ العراق الحديث، الشيعة واجهوا الاستعمار الانجليزي في صف واحد مع الامبراطورية العثمانية واستماتوا في ذلك وعندما جاء توزيع الغنائم من حصص الوزارات وقف بعض من العلماء رافضاً رفضاً شديداً تحت تأثير القاعدة المأسوية «إما كله أوخَلّه» الدخول في الحكومة العراقية الوليدة أو المجلس التأسيسي بحجة انها امتداد للاستعمار الانجليزي. بعد ذهاب السكرة ومجيء الفكرة وعى الناس للأزمة، ان المقاطعة أثرت سلبا على حقوق الناس. مشت الدولة وراح الناس يلومون العلماء لعدم الدخول وتوفير الفرصة للدخول على قاعدة ملء الكأس بالماء ولو 5 في المئة افضل من تركه هكذا. قبل شهرين كان الكثير من الناس يراقب تحرك ما سيتمخض عن قانون توافقي للمجلس الأعلى للشئون الاسلامية وكان الجميع يطمح بدخول الرموز العلمائية أو ترشيحهم لبعض الأعضاء على طريقة نظام الكوتة وخصوصا بعد الاعلان الواضح والصريح من قبلهم ان مواد القانون لا تتعارض مع ما يطمحون إليه وأن لا إشكال شرعيا في المجلس لكن، المفاجأة كمنت في عدم رغبة العلماء في الدخول أو ترشيح أحد. وقتها كتبت نقدا لذلك (قبل شهرين تقريبا). فهل كتب علينا ان نضحي ونقدم الاقتراحات والاصرار الدائم ثم اذا جاءت الاستحقاقات يكون الموقف هكذا. ألمي ازداد عندما قرأت مواد القانون للمجلس وتفاجأت بحجم الصلاحيات والمهمات التي لها انعكاس كبير على حياة الناس العامة والاسلامية. وقلت في نفسي: خطآن استراتيجيان ارتكبناهما في الاعوام الثلاثة الماضية: الاول : مقاطعة مجلس النواب اذ بتنا نشاهده من النافذة. والثاني: عدم الدخول على رغم الاقرار بعدم وجود أي اشكال شرعي في ذلك كما صرح العلماء الذين يعتد بكلامهم وتم التصريح بذلك في الصحافة في المجلس الأعلى للشئون الاسلامية. اقول للناس: هل قرأتم مواد القانون جيدا؟ هل تقدرون حجم الخسارة؟ المادة (3) للمجلس ان يقوم بإصدار المؤلفات الاسلامية وتبني طباعتها وتحقيق امهات الكتب والمؤلفات الاسلامية. اعداد بحوث اسلامية والمشاركة في المؤتمرات. الرقابة على الكتب الدينية للتأكد من عدم مساسها بالوحدة الاسلامية من دون تحكيم رأي مذهبي على آخر. ابداء الرأي من الناحية الموضوعية في الطلبات المقدمة للترخيص للجمعيات والمراكز والمؤسسات والهيئات الاسلامية. ابداء الرأي في خطط وبرامج ادارتي الاوقاف من الناحية الاستثمارية. وهذه مادة مهمة جدا وخطيرة. ابداء الرأي في مناهج التربية الدينية في المدارس، والمعاهد الحكومية والخاصة المرخص لها من قبل وزارة التربية والتعليم أو الخاضعة لاشرافها عند الطلب من الجهة المختصة. بمعنى ان المجلس بامكانه اعطاء توازن تسامحي عبر تدخله في المناهج لأن تكون خالية من اشكالات معرفية. تقديم الدعم للراغبين من طلاب العلوم الشرعية، لمواصلة دراستهم في الداخل والخارج وفقا للموارد المتاحة لدى المجلس. هذه مادة مهمة بالنسبة إلى من يبتعثون الى الخارج للدراسات الاسلامية، وهذا ايضا استحقاق ينبغي التفكير فيه جيدا. ولاشك أن هناك أن موازنة ترصد لذلك. وهناك استحقاق اكثر اهمية تلخصه المادة (9): يكون للمجلس امانة عامة من امين عام وامينين مساعدين يرشحهم المجلس وتضم الامانة عددا مناسبا من الوحدات الادارية والباحثين والاداريين ويصدر بتعيينهم قرار من رئيس المجلس بناء على ترشيح الأمين العام. وهذا يعد استحقاقا وظائفيا. اذاً، نحن بقراءتنا للمواد نكتشف ان هناك عدة استحقاقات: اسلامية وابداء الرأي في رخص المؤسسات وفي الخطط الاستثمارية للأوقاف واقامة مؤتمرات وتواصل مع الأديان ومراقبة الكتب التي تمس وحدة المسلمين وابتعاث طلبة للخارج وتكوين فريق من الامانة العامة وللمجلس مقر خاص به وله استقلاله المالي والاداري. السؤال: لماذا تترك بعد كل التعب وهذا ما كتبته قبل شهرين هذه الاستحقاقات وهي متصلة بكل صغيرة وكبيرة تتعلق بشئون الناس؟ عتبي كبير على ثقافة عدم المشاركة. هكذا نحن نقدم القرابين ثم وقت الثمار نقول: لا نريد. لا داعي للعتاب ولد المجلس والاخوة بعيدون بعد كل التعب وسيستمر في المشي 4 سنوات. نتمنى له ان يخلق اضاءات اسلامية في سماء هذا الوطن. والسؤال: من ينقذنا من ثقافة عدم المشاركة؟
إقرأ أيضا لـ "سيد ضياء الموسوي"العدد 1206 - السبت 24 ديسمبر 2005م الموافق 23 ذي القعدة 1426هـ