العدد 1205 - الجمعة 23 ديسمبر 2005م الموافق 22 ذي القعدة 1426هـ

حزن وبرقيات

سيد ضياء الموسوي comments [at] alwasatnews.com

منذ أمد وأنا أبحث عن كتاب للمفكر السعودي الراحل عبدالله القصيمي (العرب ظاهرة صوتية) حتى وجدته ذات يوم في مكتبة صغيرة محشورة في مخدع في إحدى ضواحي بيروت. رحت اقرأه بنهم واذكر لكم هنا توصيفاً له للإنسان العربي: «ان التفسير الدائم الشامل الصادق للإنسان العربي: انه الكائن الذي لا توجد أية علاقة محاكمة أو محاسبة أو محاورة أو مساءلة أو غضب أورفض أو احتجاج أو عتاب بين لسانه وعينيه وتفكيره أو ضميره». الإنسان العربي عاطفي جداً، رومانسي يحلم في الليل ثم يستيقظ صباحاً ليغير العالم كله من دون النظر إلى تعقيدات الأمور وتغيرات العالم. تسأله: كيف يتم ذلك... نورونا حفظكم الله؟ يقول: هكذا بس، أنا متأكد. المشكلة أن لا أحد منا يعرف حجمه الحقيقي وإمكاناته الحقيقية. هكذا يساق العالم العربي كالقطيع على جميع المستويات. صدام حلم بالكويت فأراد أكلها من غير مقدمات وخرجت في اليوم الثاني المظاهرات العربية تحيي البطل. أما في الحركات التحررية فالله المستعان فصناعة البطل الكاريزمي أسهل حتى من سلق بطاطة على النار، يقول احد المفكرين العرب: «الاعتقاد أن الصوت العالي يغطي العجز الواقعي هو اعتقاد واهم. والعاقل من يعرف إمكاناته وحدوده ويتصرف ويتكلم على هذا الأساس. اننا نستبدل ضعفنا الحقيقي برفع نبرة الصوت... واننا كلما تطرفنا في التصريحات واستخدمنا أسلحة الدمار الصوتي الشامل خدم ذلك قضيتنا هو وهم دفعنا ثمنه غالياً». قنواتنا الإعلامية كلها بطولات كلامية والجميع ينظر إلى السواد الأعظم من الناس، ولكن لو سألتهم انتم تنظرون للعراقيين وغيرهم... وإلخ، لماذا لا تذهبون أنتم وأبناؤكم للقتال؟ والسؤال: هل الصوت العالي يغطي العجز الواقعي أم يزيدنا ضعفا وتراجعا وتخلفا؟ سؤال يجب أن نطرحه دائماً: ثم ماذا؟اعطني أرقاما من الإنجازات، لا أريد كلاما انشائيا، عالمنا العربي يضع عجز أطروحاته المشوهة في توابيت مزخرفة من الكلمات والشعارات، ولا أحد مستعد للنقاش أو المساءلة. نحن نعاني من أزمة الوعي بالذات والمجتمع والعالم. أزمة الإنتاج والإبداع بسبب تسلط النقل والاتباع، وكذلك أزمة الازدواجية بين النظرية والتطبيق. من يسأل: نحن نبحث عن سلطة الثقافة أم ثقافة السلطة؟ يقولون اسألوا نوابنا عن قبور الموتي في كرانة أو في بوري؟ دعونا نسأل عن الاحياء أولاً، المدفونين في بيوت من العوز والجوع، المتكدسين في صناديق بعض القرى. إلى متى تبقى عائلة عبدالعزيز تعيش هذا الوضع (بيت بلا مرافق)؟ ألا تدمع عيوننا لطفلة تضطر لاستخدام حمام المسجد؟ اعطوهم منزلا. فالشقة ستزيدهم مأساة. عشرة أفراد من اطفال وكبار سن لا يمكن أن تستوعبهم شقة صغيرة، لقد ضاق الأمر بالعائلة إلى درجة أن لجأت أمهم الكئيبة إلى المجلس الأعلى للمرأة لانقاذ وضعهم. أنا لا أبالغ في الوصف. لقد دخلت المنزل وهناك اتربة تتساقط منه. هل ننتظر أن تقع الفاجعة لنعقد مآتم العزاء؟

برقيات

­ وزارة التربية: عشرات من طلبة جامعتي النيلين وجوبة ينتظرون معادلة شهاداتهم، والأمل في الوزير. ­ مواطن بحريني خريج طيران يحلم بعمل في شركة طيران الخليج أو في أي وزارة تناسب تخصصه. ­ منطقة بوقوة تعاني من تكدس العوائل في البيوت فهي تأمل بمشروع اسكاني اسوة بالآخرين. ­ شكراً لوزارة الأشغال والإسكان للتعديلات في شوارع بني جمرة وللبلدية لحدائق الدراز وأملنا بحديقة كبرى لسار المنسية من الكعكة الرسمية. ­ وزارة الكهرباء: هناك عمال بحرينيون مطحونون تحت ثقل الكدح اليومي، ألا يستحقون رفع درجاتهم؟ ­ الأوقاف الجعفرية: هناك موظفون مازالوا بعقود مؤقتة، فمتى يتم تثبيتهم؟ قبل يوم جلست مع شاب بحريني عمره 22 عاماً يعمل في شركة أجنبية يعمل من الساعة 7 صباحاً حتى الساعة 7 ليلاً براتب 180 ديناراً. يا شركات رفقا بهؤلاء البشر. قليلاً من الضمير. ­ مقص الرقيب: رفقاً بخطبنا لا تبترها كل البتر فتحرجنا مع العالم.

إقرأ أيضا لـ "سيد ضياء الموسوي"

العدد 1205 - الجمعة 23 ديسمبر 2005م الموافق 22 ذي القعدة 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً