شهد متحف البحرين مساء الأحد حفل استقبالٍ نظّمته وزارة الثقافة والإعلام، أعلنت خلاله الوزيرة مي آل خليفة إطلاق «مبادرة الإعلام المدني»، وجائزة حرية الصحافة بمبلغ 100 ألف دولار، لتُقدَّم العام المقبل بمناسبة «اليوم العالمي لحرية الصحافة».
الوزارة أعدت للحفل إعدادا حسنا، وحرصت على دعوة شخصياتٍ من الداخل والخارج. فإلى جانب الوزراء والمستشارين ورجال السلك الدبلوماسي والصحافة، حضر عددٌ من المدعوين العرب والأجانب، وألقى بعضهم كلمة بالمناسبة.
مدير مركز الأمم المتحدة للإعلام نجيب فريجي، أكّد حق كل إنسانٍ في الحصول على المعلومات والأفكار، والحاجة لحماية الصحافيين كإحدى الأولويات المطلوبة عالميا. أما رئيس الاتحاد الدولي للصحافيين آيدن وايت أشار إلى أن العالم يتذكّر في يوم الصحافة العالمي، أولئك الذين قُتلوا أو اضطُهدوا أو سُجنوا ليس من أجل المهنة ومستقبلها فحسب، وإنما من أجل الديمقراطية نفسها.
الكاتب البريطاني المعروف باتريك سيل، المهتم بقضايا الشرق الأوسط منذ أربعين عاما، أشار إلى النزاعات السياسية على مستوى العالم، وخصوصا منطقتنا التي تمثل بؤرة ساخنة. وذكّرنا نحن البحرينيون بما يؤثّر علينا من صراعٍ دولي، بين أميركا وإيران، أو تجاذبات إقليمية بين إيران والسعودية، وما جرى في العراق من تغيّرات.
الكلمات السابقة كانت بالإنجليزية، أما رئيس نقابة الصحافيين المصريين مكرم أحمد محمد، فألقى كلمته بالعربية، مثنيا على البحرين التي كانت شعلة لنشر التعليم وبثّ الثقافة والوعي في الخليج كله، بسبب ريادتها الفكرية. وأثنى على دور الصحافة البحرينية في تعزيز حرية الكلمة على امتداد سبعين عاما، منذ إنشاء أول صحيفة في الخليج.
مكرم وضع يده في الأخير على الجرح المشترك، حين أشار إلى سعي النقابة المصرية إلى إلغاء عقوبة حبس الصحافيين، معبّرا عن تفاؤله في تحقيق ذلك هذا العام. وهو همٌ يعاني منه جميع الصحافيين من المحيط إلى الخليج، إذ يواجهون في معركة الحريات العامة قوانين العقوبات التي تدرجهم في خانةٍ واحدةٍ مع أصحاب الجرائم والجنايات. واختتم الحفل بفاصلٍ قدّمه الفنان اللبناني أحمد قعبور، على أنغام أغنيته الوطنية الشهيرة: «أناديكم... أشد على أياديكم...»، التي تفاعل معها بعض الحضور فتابعه بالتصفيق.
الاحتفال تم، والجائزة أُطلقت، ومبادرة «الإعلام المدني» أُعلن عنها، وبقيت بعض الأمور المعلقة تحتاج إلى حلٍّ دون مماطلةٍ أو تأخير. فهناك تقريرٌ صادرٌ عن مؤسسة «فريدوم هاوس»، اطلع عليه الرأي العام بلا شك، وهناك تقريرٌ ثانٍ صادرٌ عن الاتحاد الدولي للصحفيين للعام 2009 تحت عنوان «كسر القيود»، يتحدّث عن وضع البحرين الصحافي، وما قامت به جمعية الصحافيين من حملةٍ ضد الطائفية، مع إشارةٍ خجولةٍ لقضايا الفساد والرشاوى التي يستلمها بعض العاملين في الصحافة مقابل «خدمات» إعلامية لأجهزة حكومية وشركات.
التقريران يشيران إلى عقوبات السجن التي تواجه الصحافي وفق قانون الصحافة للعام 2002، وإمكانية إدانته أيضا وفق قانون الإرهاب. والعارفون يدركون ما تتعرض له الحرية من انتقاص في الفترة الأخيرة. وهو ما يفرض حركة جادة باتجاه الإصلاح الحقيقي، فالحاجة ماسةٌ اليوم لإصدار قانون عصري يوفّر الحماية للصحافة، ويعترف لها بدورها الوطني المسئول. وهو مطلبٌ أصبح موضع اتفاق، من القيادة السياسية، والوسط الصحافي وعامة الجمهور، والباقي أن يتحمّل النواب مسئوليتهم في هذا الإطار.
المبادرة ورصد الجوائز بادرةٌ حسنة... لكنّ الأحسن أن تحظى البحرين بقانون صحافةٍ عصري يوفّر الضمانة القانونية لحرية التعبير.
إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"العدد 2433 - الإثنين 04 مايو 2009م الموافق 09 جمادى الأولى 1430هـ