العدد 1205 - الجمعة 23 ديسمبر 2005م الموافق 22 ذي القعدة 1426هـ

الصحافيون الإخباريون وهوس الهجرة

عادل مرزوق Adel.Marzooq [at] alwasatnews.com

-

الإعلامي جمال الزرن له قراءة خاصة بشأن الصحافة في الوطن العربي، مفادها أننا في الطريق لنكون أشبه بدول «أميركا الجنوبية». فالصحافة هناك صحافة حرة، تكتب ما تريد، وليس ثمة خطوط حمراء عليها، إلاّ أن الواقع هو أن السلطات السياسية تعتمد على نظرية مضادة لهذه الصحافة الحرة قوامها «اكتبوا ما تريدون، وسنفعل ما نريد»، ببساطة، الأمر يسير على هذا الاتجاه في البحرين، فعلى رغم أن الزملاء في الصحافة الإخبارية يبرعون في صحافة التغطية الميدانية والتحقيقات والاستقصاءات التي تفضح كل مظاهر التلاعب بالمال العام والفساد الإداري المستشري، فإن العجلة السياسية غير متفاعلة مع هذه البيئة الصحافية الجيدة. نعم، للصحافة أخطاؤها وهناتها، إلاّ أنها في هذا السياق «فضحت» الكثيرين من المتلاعبين، مع أن التفاعل مع هذه الفضائح اقتصر على المحادثات في أروقة الجمعيات السياسية تارة، أو دواوين الوجهاء والساسة تارة أخرى. الذي أصبح ظاهراً لدى عموم الصحافيين الإخباريين اليائسين، أنك مهما كتبت عن أي موضوع، وعن التجاوزات التي ترتكب في هذا الملف، فإن استجابات الحكومة لهذه النداءات هي استجابات «ميتة» و«عقيمة»، أقصى ما تصل له ردود الفعل هي «لجان التحقيق» عديمة الجدوى. هي صورة من الديمقراطية الجديدة، وهي الديمقراطية التي تنمو في نطاق السكوت في «الخطأ». بمعنى، أن للمجتمع عبر جمعياته وأحزابه ونظمه السياسية وصحافته الحرة وندواته أن يقول ما يريد، إلاّ أن السلطات السياسية في حل من التعامل أو الرد على أي من متطلباته ورغباته، ويبقى الحال على ما هو عليه، وعلى المتضرر اللجوء للهجرة، وصحافيونا الأشاوس مدعوون إلى الهجرة. الصحافة تحدثت عن الاعتداءات على شواطئ المحرق، والجمعيات السياسية وخصوصاً «وعد» حللت الأرقام المسروقة من الأراضي المدفونة في كل أرجاء المملكة، وطبعاً المعني بالرد هو إحدى حكومات «إفريقيا» أو «أميركا الجنوبية» بالتحديد. هذا على افتراض أن ساحل المحرق هو شاطئ ليست للحكومة البحرينية أية علاقة به من قريب أو بعيد، قد تكون حكومة سيراليون هي المطالبة بالتحقيق، وقد يكون برلمان «كوبا» هو المعني بإرجاع ما نهب. الصحافيون الإخباريون «مضطهدون»، وعلى أكثر من صعيد. من جهة أولى، هم مهمشون «حكومياً» في تفاعلها مع ما يكتبونه من قصص إخبارية قد يعملون على إنجازها شهوراً متواصلة، ومن جهة أخرى، هم في أكثر الأحيان «مجهولون» شعبياً، فالمجتمع يهتم بأعمدة الكاتب «فلان» الطائفية، أو ما كتبه «فلان» في تحليله الأسبوعي المروّج لكل ما هو حكومي، ومتربصون بأعمدة «فلان» الناقم على الحكومة في كل شيء... إلخ. لكنهم في الغالب لا يقدرون ذلك الذي ينسج خبره بعد بحث مضن طوال اليوم، يستجدي هذا «التعيس» من الوزير المتعالي الحصول على تصريح مقتضب، ويطارد ذلك السياسي المغرور ليتحصل على موقف رسمي لجمعيته السياسية، وإن فاتته مقدار أنملة، فانتقادات رئيس التحرير صباح اليوم التالي «أحر من الجمر»، وهذه هي حاله كل يوم. فأي خيار لهؤلاء «التعساء» غير الهجرة، لعله كان من المفترض أن يكون استكمال المقال بشأن الصحافة العربية وتحولها للنموذج الأميركي الجنوبي، لكنها انساق نحو توصيف معاناة الزملاء الأعزاء في أخبار «القسم المحلي»، ولعمري هو وصف قليل لما يبذلونه من جهود، هو لمحة تكريم واحترام، على ألا يفكر أحد منهم بخيار«الهجرة».

إقرأ أيضا لـ "عادل مرزوق"

العدد 1205 - الجمعة 23 ديسمبر 2005م الموافق 22 ذي القعدة 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً