تضمنت الكلمة السامية لصاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة في ذكرى العيد الوطني الكثير من النقاط الاقتصادية تستحق الوقوف عندها. وقد وجهت الكلمة بمناسبة العيد الوطني المجيد الرابع والثلاثين وعيد جلوس جلالته. باختصار تناولت الكلمة الموضوعات الاقتصادية الآتية: إنشاء ديوان للرقابة الإدارية والإسكان وإجراء تخطيط شامل لأراضي البلاد والحرية الاقتصادية. تناقش السطور الآتية بالإيجاز تداعيات هذه الرؤى الاقتصادية. أولاً- ديوان للرقابة الإدارية: جاء في الخطاب السامي أن جلالته أصدر أمراً بإنشاء »ديوان للرقابة الإدارية« لتحقيق عدة أهداف، هي: الكفاءة والإنتاج والنزاهة في الحكومة. بدورنا نرى أن قرار إنشاء ديوان للرقابة الإدارية يأتي مكملاً لديوان الرقابة المالية. بل ان تقرير ديوان الرقابة المالية للعام 2004 أكد الحاجة الماسة إلى إنشاء ديوان متخصص للرقابة الإدارية. فقد كشف التقرير عن وجود أوجه من القصور في أداء الدوائر الرسمية وفي بعض المؤسسات الوطنية. إذ تبين أن بعض الجهات الرسمية قامت بفرض رسوم من دون وجود سند قانوني لذلك والمتمثل في الحصول على تفويض من مجلس الوزراء وثم النشر في الجريدة الرسمية. على سبيل المثال وليس الحصر أشار تقرير ديوان الرقابة المالية للعام 2004 إلى قيام وزارة الداخلية بفرض رسوم على شهادة عدم الممانعة للزيارة وشهادة المغادرة وأمور غيرها من دون الحصول على تفويض من مجلس الوزراء. كما بين التقرير أن وزارة الصحة حصلت على تخويل فرض رسوم على تنظيم مهنة الصيدلة لكنها فشلت في نشر القرار في الجريدة الرسمية حتى يصبح ساريا للمفعول. أيضا أشار التقرير إلى قيام جهاز المساحة والتسجيل العقاري بتنفيذ مجموعة من الرسوم مثل تلك المتعلقة برسوم قيد الدعوى ورهن تسجيل العقار ورسم الاعتراض على التسجيل من دون وجود مرجعية قانونية لذلك، ما يعني وجود مشكلة قانونية وأخرى دستورية. إضافة إلى ذلك أشار التقرير إلى قيام شركة »بابكو« بتخطيها مجلس المناقصات عند إبرامها بعض العقود التي تفوق قيمتها 100 ألف دينار. أيضا نبه التقرير إلى ضعف أنظمة الرقابة في شركة »ألبا« من قبيل قبول عروض لا تتطابق والمواصفات المطلوبة. كما أن تحقيق النزاهة في معاملات الدوائر الرسمية بات ملحاً في ظل تراجع ترتيب البحرين في تقارير منظمة الشفافية الدولية. فقد تراجع ترتيب البحرين من المرتبة رقم 34 على مستوى العالم في العام 2004 إلى المرتبة رقم 36 في تقرير العام 2005. في المقابل حققت ثلاث دول خليجية أخرى وهي »سلطنة عمان، دولة الإمارات العربية المتحدة ودولة قطر« نتائج أفضل من مملكة البحرين. وكانت البحرين حلت في المرتبة رقم 27 في العام 2003 الأمر الذي يعني استمرار تدهور الترتيب الدولي للبحرين في محاربة الفساد الإداري. ثانيا- الإسكان: أشار صاحب الجلالة إلى موضوع الإسكان إذ قال: »نحرص على أن يتحقق لكل مواطن حق العيش الكريم في سكن صحي وآمن«. المطلوب الآن من الأجهزة الحكومية وفي مقدمتها وزارة الأشغال والإسكان ترجمة التوجهات الملكية إلى أفعال. بحسب ما ينشر في وسائل الإعلام، فإن هناك نحو 40 ألف طلب من المواطنين للحصول على مختلف التسهيلات التي تمنحها الوزارة. وباتت قضية حصول المواطن على سكن يضمن له العيش الكريم مسألة مخيفة وذلك في ظل الارتفاع الجنوني لأسعار العقارات في كل أنحاء البحرين. لكن هناك ما يقلقنا بخصوص أداء وزارة الأشغال والإسكان بسبب تراكم الطلبات على مدى عدة سنوات. كما لا بد من تأنيب وزارة الأشغال والإسكان لفشلها في التعاون مع ديوان الرقابة المالية بشكل كامل فيما يخص الرسوم المفروضة. فقد أشار التقرير إلى فشل الوزارة المذكورة (فضلا عن ثلاث وزارات أخرى) في إرسال المعلومات المطلوبة للوقوف على مدى شرعية بعض الرسوم المفروضة على الخدمات المقدمة. نواصل حديثنا يوم غد (الأحد) لمناقشة الجوانب الاقتصادية الأخرى في خطاب جلالة الملك
إقرأ أيضا لـ "جاسم حسين"العدد 1205 - الجمعة 23 ديسمبر 2005م الموافق 22 ذي القعدة 1426هـ