العدد 1204 - الخميس 22 ديسمبر 2005م الموافق 21 ذي القعدة 1426هـ

التجربة اليابانية وما يمكن للشباب استلهامه منها

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

المؤسسة العامة للشباب والرياضة طرحت في العام 2005، موضوعاً محورياً بالنسبة إلى الشباب في محاولة لاستكشاف سبل الارتقاء بالشباب، وبالتالي الارتقاء بالوطن. وقد طرحت المؤسسة عدة أسئلة في هذا المؤتمر عن عوامل الارتقاء، وكيفية الارتقاء بالشباب، وعلاقة ذلك بالشعور الانتمائي للوطن (المواطنة)، والفرق بين الدول المتقدمة وغير المتقدمة في هذا المجال.

وقد كنت في زيارة لليابان أخيراً، وهي ثاني مرة أزور فيها هذا البلد الذي يعتبر واحداً من معجزات القرن العشرين، نظراً إلى أنه لا يحتوي على أي موارد طبيعية وثروات مماثلة لما لدى الآخرين، وانه تعرض لحرب مدمرة وألقيت عليه قنبلتان نوويتان قبل 60 عاماً، ولكنه اليوم يتبوأ مركز ثاني أكبر اقتصاد في العالم بعد الولايات المتحدة الأميركية.

بحسب تعريف الأمم المتحدة فإن الشباب هم فئة الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و24 عاماً، واليابان البالغ عدد سكانها 128 مليون نسمة لديها حالياً مشكلة مع هذه الفئة العمرية التي كانت تمثل أكبر شريحة في العام 1960، بينما تمثل الفئة التي تتراوح أعمارها بين 30 و50 عاماً أكبر من غيرها من الفئات حالياً، وقد انخفض عدد السكان الذين تقل اعمارهم عن 15 عاماً بنسبة 13,9 في المئة ما بين 1960 و2004.

اليابانيون بعد الحرب العالمية الثانية كانت أمامهم تحديات كبيرة للخروج من المآسي التي مروا بها بسبب نوعية الحكم لديهم وبسبب ما جرى خلال الحرب ولكن الشعب نهض مرة أخرى مستعيناً بعدة عوامل، من بينها:

1­ - إعادة احياء الثقافة اليابانية الداعية إلى العمل الجماعي Teamworking وتقديم المصلحة العامة على المصلحة الفردية، وتقديم الجماعة على الفرد. وهذا دفع نحو الإيمان بالجودة أولاً.

2­ - اعتماد منهج تعليمي متطور يحتوي في عناصره الأساسية على مواد التطوير الذهني، ولاسيما الرياضيات والعلوم التطبيقية. وسرعان ما أدى ذلك إلى تفوق اليابان في مجال «الروبوت»، وهذا أعطى تفوقاً لصناعة اليابان التي حركت اقتصاد القرن العشرين. وتحولت اليابان من بلد يقلد الآخرين إلى بلد ينظر إليه الجميع بإعجاب ويحاول تقليده.

3­ - اعتبار الثقافة قطاعاً اقتصادياً، وهو ما نتج عنه صناعة الكاريكاتير وأفلام الكارتون Aniamtion, وهي جميعها تعتمد اللغة اليابانية التي لا يفهمها إلا اليابانيون. والصحف اليابانية هي أكثر الصحف توزيعاً على مستوى العالم... (بين 8 و10 ملايين يومياً).

4­ - نظراً إلى ارتباط ديانة «الشنتو» التي ينتمي اليها غالبية الشعب الياباني بالشمس ومظاهر الطبيعة، فقد استطاع اليابانيون توجيه تلك المبادئ إلى التكنولوجيا التي تحافظ على البيئة، وحالياً يطرحون مفهوم . (3R = Reduce, Reuse, Recycle) ­

5 - اعتبار المعرفة أهم عامل للتطوير، ولذلك فإن اليابانيين يسجلون نحو نصف مليون براءة اختراع سنوياً، وهو ما يعادل مجموع ما يتم تسجيله في الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد الأوروبي.

6­ - تعتبر اليابان من أفضل الدول تطوراً في أنظمة الاتصال والمواصلات والتوزيع، ونظام التوزيع (Just - in - Time) يعتبر من أفضل ما أنجزه اليابانيون في هذا المجال، كما أن القطارات تغطي مساحات شاسعة، ويقضي كثير من اليابانيين أوقاتهم يتنقلون ويقرأون في القطارات. على أن

اليابانيين مازالوا يعتبرون بلادهم وثقافتهم منعزلة، على رغم ان منتجاتهم وآثارهم التكنولوجية وصلت إلى كل مكان. ولذلك، فقد نشّطت الحكومة اليابانية برامج لتنمية القدرات الشبابية، منها: ­

المساهمة في برنامج الباخرة الشبابية التي تطوف عدة عواصم ومدن (في نحو 13 بلداً) وتحتوي على نحو 300 شاب عن مختلف البلدان لتبادل الخبرات والآراء. ­

لدى اليابان برنامج لاستضافة مدرسي لغة انجليزية ليقضوا عدة شهور لتدريس اليابانيين اللغة الانجليزية. ­

تدعو الحكومة اليابانية شباباً من مختلف انحاء العالم للتحاور مع الشباب الياباني بهدف التعرف وتبادل وجهات النظر وإقامة العلاقات التي تخدم مختلف الأطراف.

أخيراً بدأ الحديث في اليابان عن تغيير في النمط السلوكي للشباب، منذ مطلع التسعينات. وتنتشر حالياً ظاهرة الشباب الذي يقلد الغرب في اللبس وفي قضاء أوقات أكثر في الرفاهية، بعكس ما كان عليه الآباء. وبعض اليابانيين يتحدث أن الشباب يشعرون بأن آباءهم كانوا يعيشون تحت مثلث ادمان العمل، تحمل الشدائد، والقبول بالظروف القسرية... وان ذلك ربما كان نتيجة ما جرى في الحرب العالمية الثانية، وبما ان الشباب لم يشهدوا تلك الحرب، فإنهم يتجهون نحو نمط آخر من السلوك.

على ان اليابانيين تبقى لهم الريادة في عدة مجالات. فالشاب الياباني عادة ما يكون:

- قويّاً في الرياضيات، لديه قدرات متطورة في تقنية المعلومات،

- يؤمن بثقافة العمل الجماعي والجودة،

- يسعى إلى تعلم اللغة الانجليزية، ويود الإبقاء على ما حققه الآباء، ولكن مع تخصيص وقت أكثر للراحة.

* كلمة ألقيت في المؤتمر الشبابي الرابع تحت شعار «بك نرتقي» في الفترة 27 إلى 29 أغسطس 2005.

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 1204 - الخميس 22 ديسمبر 2005م الموافق 21 ذي القعدة 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً