كثير من الناس لا يهتم لارتفاع الاسعار بنسبة بسيطة لا تتجاوز الـ 50 فلساً، ويستحي من مناقشة البائع أو صاحب الخدمة أو الاعتراض على الزيادة البسيطة التي لا تعني شيئاً يذكر. هذه الزيادة لا يشعر بها المشتري لأنها مبلغ زهيد جداً، ولكن في الحقيقة لها تأثير كبير على استنزاف محفظة المستهلك، إذ إن ارتفاع عشر سلع مختلفة بمقدار 50 فلساً فإن مجموعها 500 فلس، اي هناك تجمع وتراكم للزيادة في حاجيات المشتري، وفي النهاية تأخذ جزءاً كبيراً من محفظته. كما لا ننسى ان صرف 50 فلساً من الدينار سيؤدي بالضرورة إلى صرف الدينار بأكمله. وكثير من الناس عندما يحصل على عشرة فلوس أو خمسة فلوس أو ما تسمى باللغة الشعبية (عشرات) يقوم برميها في الشارع، لأنه لا شعورياً يشعر ان لا قيمة لها وماذا سيشتري بها. وفي الحقيقة ان هذا الفلس او العشرة فلوس، هو نواة كل مبلغ من المال، فالدينار يحتوي على الف فلس، والفلس بمثابة الذرة التي تتكون منها الاجسام بالنسبة للاموال، فتراكم الفلس يؤدي إلى مبالغ ضخمة من الاموال، كتجمع قطرات المطر المنهمر وتصبح سيلاً جارفاً من المياه. احد ابناء (قرية العكر في البحرين)، كانت احدى هواياته جمع القطع المعدنية 25 فلساً و50 فلساً ويضعها في كيس كبير، وبعد تسع سنوات شعر بالحاجة إلى الزواج ففتح الكيس، واخذ يوماً كاملاً مع اخوانه وأخواته في عد النقود، فكانت المفاجأة أن مجموع المبلغ كان كافياً لمراسيم الخطوبة وشراء غرفة النوم. كما ان المصارف صاحبة رؤوس الاموال الضخمة، تتعامل مع الزبائن بالفلس الواحد، وارباحها التي تعد بالملايين جاءت بحسابات دقيقة تحسب بالفلس والسنت. وكان احد المستثمرين الذين يتعاملون بسوق الأسهم يقول ان ارباح المضاربين المحترفين في سوق الأسهم تأتي من الفلس. وقال إنه اشترى مليون سهم بقيمة اجمالية 60 ألف دينار أي قيمة كل سهم 60 فلساً، وبعد ساعة باع كل الأسهم بقيمة 61 فلساً للسهم الواحد، فكان اجمالي البيعة 61 ألف دينار، أي حصل على ألف دينار ارباحاً صافية خلال ساعة واحدة فقط بسبب ارتفاع سعر السهم فلساً واحداً فقط