نختتم في هذه الحلقة النقاش الذي بدأناه قبل فترة بشأن شيوع ظاهرة قيام الوزارات والجهات الحكومية بفرض رسوم لا تتمتع بصفة قانونية بشكل كامل. فعلى مدى ثلاثة مقالات أشرنا إلى حدوث تجاوزات في كل من وزارات: الداخلية والخارجية والتربية والتعليم والنفط (سابقاً) والمواصلات والصحة، إضافة إلى شئون الجمارك والموانئ. ومقال اليوم يركز على التجاوزات التي حدثت في وزارة الإعلام فضلاً عن الجهاز المركزي للمعلومات وجهاز المساحة والتسجيل العقاري.
وزارة الإعلام
مرجعنا للحديث عن هذا الموضوع هو بالتأكيد تقرير ديوان الرقابة المالية للعام .2004 فقد جاء في التقرير أن وزارة الإعلام، متمثلة بوزير شئون مجلس الوزراء والإعلام، حصلت على موافقة مجلس الوزراء برفع رسوم الخدمات الفندقية المستوفاة من الفنادق إلى 5 في المئة. بيد أن الوزارة المعنية فشلت في نشر القرار في الجريدة الرسمية قبل أن يدخل حيز التنفيذ. وفي موضوع ذي صلة صدر تعميم من الوكيل المساعد لشئون السياحة بشأن فرض رسوم الخدمات الفندقية على الشقق السياحية. وبحسب القوانين المعمول بها في البلاد، فإن قرار فرض الرسوم يجب أن يصدر عن الوزير المختص وبتفويض من مجلس الوزراء وليس من الوكيل المساعد. وعليه، ارتكبت وزارة الإعلام مخالفة في هذا الشأن. إضافة إلى ذلك، يشير التقرير إلى أن وزارة الإعلام تحصل على بعض الرسوم من دون وجود سند قانوني يؤيد ذلك، وتتعلق هذه الرسوم بمسألة حقوق الطبع عند إيداع المصنفات. وعلى هذا الأساس، فإن هذه الرسوم تعاني من شبهة قانونية وأخرى دستورية.
الهيئات الحكومية
فضلاً عن وزارة الإعلام، ثبت لديوان الرقابة المالية أن الرسوم المفروضة من قبل الجهاز المركزي للمعلومات بشأن البطاقة السكانية لا تتمتع بالمتطلبات القانونية والدستورية. فقد تبيّن أن قرار فرض الرسوم جاء بناءً على لائحة تنفيذية مقترحة للمرسوم بقانون رقم (9) للعام 1984 بخصوص إنشاء السجل السكاني. أما بخصوص جهاز المساحة والتسجيل العقاري فقد تبين لديوان الرقابة المالية أن الجهاز فرض رسوماً لم ترد في الباب السابع من المرسوم بقانون رقم (15) لسنة .1979 وتشمل هذه الرسوم تلك المتعلقة بأمور مثل التعمير وقيد الدعوى. أيضاً قام الجهاز بفرض رسوم إضافية على تلك المقررة للرهن (المصارف والإسكان وتسجيل العقار والاعتراض والتعمير والوقف) من دون اتباع الإجراءات القانونية. المعروف أن تعديل الرسوم يتطلب الحصول على تفويض من مجلس الوزراء بناءً على اقتراح مقدم من الوزير المختص. ختاماً، لا بأس من الإشارة إلى أهمية الضرائب والرسوم في موازنة الدولة، فالضرائب والرسوم تتعلق بالواردات والأتعاب الإدارية. وتحديداً حصلت موازنة الدولة على مبلغ قدره 139 مليون دينار على شكل ضرائب ورسوم في العام ،2004 وشكل هذا الرقم أكثر من 10 في المئة من مجموع إيرادات الحكومة (بلغ الحجم النهائي 1300 مليون دينار بزيادة قدرها 494 مليون دينار عن الموازنة المعتمدة على خلفية ارتفاع أسعار النفط). حقيقةً... لولا ارتفاع الدخل النفطي لشكلت الضرائب والرسوم نحو 16 في المئة من مجموع الإيرادات. كما أنه من الصواب أن يقوم المتضررون بتقديم الطعون في بعض الرسوم المنقوصة من الناحية الدستورية، تماماً كما حدث قبل فترة لجدول الرسوم البلدية. ومن الصواب أيضاً أن تراعي الحكومة الحق العام، وذلك بتقديم مرتكبي الأخطاء إلى القضاء حتى ينالوا جزاءهم العادل. في مقال الاثنين المقبل، نتناول المخالفات التي سجلت على شركة بابكو، خلاف الإشارة لذلك في مقال الاثنين الماضي خطأً... لذا لزم التنويه.
إقرأ أيضا لـ "جاسم حسين"العدد 1203 - الأربعاء 21 ديسمبر 2005م الموافق 20 ذي القعدة 1426هـ