العدد 1202 - الثلثاء 20 ديسمبر 2005م الموافق 19 ذي القعدة 1426هـ

جمعية التجار الخيرية

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

اجتمع رجال الأعمال البحرينيون أمس لتأسيس «جمعية التجار الخيرية» بهدف تفعيل دور القطاع الخاص في تنفيذ برامج التنمية الاجتماعية والعمل الخيري، بما في ذلك محاربة الفقر وتقديم الدعم للمحتاجين من أبناء البحرين للمساهمة بالنهوض بمستوى معيشتهم إضافة إلى تقديم المنح الدراسية والتدريبية للبحرينيين بهدف مساعدتهم في توفير فرص العمل لهم، إلى جانب تفعيل وتعزيز دور القطاع التجاري في إنشاء المراكز الاجتماعية والصحية والثقافية. الخطوة تعتبر نوعية وهي بلا شك ستجد لها أثرها على أرض الواقع، ولاسيما أن عدداً غير قليل من أصحاب الأعمال يتبرعون حالياً ولكن تلك التبرعات تتم بأساليب شخصية، بينما الهدف من الجمعية تكثير التبرعات وتوجيهها بحسب رؤية وطنية أكثر حرفية لدعم الفئات التي تحتاج إلى المساعدات الإنسانية. والتجار الذين يقومون بأعمال الخير إنما يؤكدون مفهوم المواطنة الصالحة، وهم بذلك يساهمون في تقوية المجتمع، ومع تقوية الفئات المختلفة تزداد قوة السوق على المدى البعيد، وتزداد الثروة العامة ولكن مع توزيع أكثر عدلاً، ومشاركة إنسانية تبث في نفوس الجميع روح الإخاء والمحبة والتعاضد. وفي الحقيقة، إن كثيراً من فاعلي الخير في مختلف البلدان إنما يخلدون ذكرهم ويزداد وضعهم عزة، لأن عمل الخير ينتج الخير ويعيده إلى أصحابه الذين تطوعوا به بعد أن يستفيد منه الآخرون. ولدينا في البحرين حالات من الفقر التي بدأت تتسع في بعض المناطق بسبب ازدياد، أو عدم حل مشكلة البطالة. كما أن لدينا فشلاً في برامج التنمية، والمؤسسات الوحيدة التي يلجأ إليها المواطن عند الحاجة هي الصناديق الخيرية، ولكن الصناديق لديها إمكانات محدودة، والمساعدات التي تقدمها تنحصر في مجالات قليلة تهدف إلى سد الرمق وإعانة الفئات المدقعة في الفقر، إلا أنه لا تتوافر في البحرين ­ إلى حد الآن ­ مؤسسة متمكنة في فهم الجوانب التنموية تقوم بتحديد نوعية المساعدات، سواء كانت هذه المساعدات للجوانب الصحية أو التعليمية أو المعيشية أو الاستراتيجية. كما أنه لا تتوافر في البحرين قاعدة بيانات تعطي صورة أكثر وضوحاً لنوعية المساعدات التي يمكن أن تساهم في «التنمية»، وليس فقط في سد الرمق أو في إنقاذ حالات شخصية هنا أو هناك. في بنغلاديش، تمكن عدد من فاعلي الخير من تطوير مشروعات تتعلق بما يطلق عليه بـ «مايكرو فاينانس»، وهي المشروعات المتناهية في الصغر والتي تحتاج إلى رؤوس أموال صغيرة تساعد العوائل الفقيرة للتحول من مدّ اليد إلى «تمكينهم» لتحريك مشروعات تعود عليهم بالنفع بعد تشغيلها من خلال رؤوس أموال يتبرع بها أهل الخير. وقد استفادت نحو 13 مليون عائلة فقيرة من مشروعات الـ «مايكرو فاينانس». التجار في الدول الغنية يتبرعون بأموالهم في سبيل تطوير الأدوية للامراض المستعصية، ولمساعدة الأطفال المعوقين وكذلك الأطفال الموهوبين، أو الذين يتعرضون لحوادث مأسوية لسبب ما. كما أن كثيراً من الأغنياء يتبرعون بمقتنياتهم وتحويلها إلى متاحف لتنشيط الجوانب السياحية والجمالية في الحياة، وهذه تحمل أسماءهم وتخلدهم، كما تزيد من سمعتهم التي يحتاجونها لتطوير نشاطاتهم التجارية. وفي بريطانيا، فإن رئيس الوزراء لديه منزل يستخدمه في عطلة آخر الأسبوع وفي أيام العطل الأخرى، واسمه «تشاكرز»، وهو منزل تبرعت به عائلة ثرية إلى رئيس الوزراء البريطاني السابق (ديفيد لويد جورج) في العام ،1921 لأنه أول رئيس وزراء يصل إلى هذا المنصب وهو من عائلة فقيرة، كما أن الذين انتخبوه كانوا من الفقراء (أو أفراد الطبقات الدنيا) الذين ضحوا بالغالي والنفيس أثناء الحرب العالمية الأولى من أجل إنقاذ بلادهم، وكانت هدية تلك العائلة الثرية للشعب هو التبرع بمنزل كبير وجميل يقع في الريف البريطاني للشخص الذي يمثلهم. إن تأسيس «جمعية التجار الخيرية» مشروع نوعي، وهو سيطرح ثقافة جديدة في أوساط البحرينيين تؤكد المعاني الرفيعة للمواطنة الصالحة وللأحاسيس الإنسانية التي أكدها ديننا الحنيف، والتي تدعو إلى أن يشعر المرء بجاره ويعينه ويستعين به، وفي ذلك تحقيق لـ «مدنية» الإنسان.

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 1202 - الثلثاء 20 ديسمبر 2005م الموافق 19 ذي القعدة 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً