العدد 1201 - الإثنين 19 ديسمبر 2005م الموافق 18 ذي القعدة 1426هـ

«اليانس فرانسيز»: من الفرانكفونية إلى البديل الثقافي

باريس ­ آن صوفي فوليمل 

تحديث: 12 مايو 2017

رغبة منه في جذب جمهور فتي وأعرض، أطلق معهد «الأليانس فرانسيز» العام 2005 أول حملة دعائية على الصعيد العالمي. لقيت هذه الحملة النجاح الباهر بفضل الدقة في التصميم والتوجه، وتمحورت حول مبدأ يتضمن الالتزام بالبديل الثقافي. مضى على تأسيس هذه الجمعية أكثر من مئة عام، ويدرس اللغة الفرنسية فيها اليوم حوالي 400 ألف تلميذ في مختلف أنحاء العالم، بينهم 13 ألفاً في باريس وحدها. فاللغة الفرنسية تواكبها الريح في شبكة الأليانس، وذلك استنادا الى عدد المسجلين الذي عرف تطورا بنسبة 6 في المئة بين عامي 2002 و.2003 تأسست جمعية أليانس فرانسيز العام .1883 وسميت آنذاك «الجمعية الوطنية لنشر اللغة الفرنسية في المستعمرات وفي خارج فرنسا»، وبلغ عدد المتعلمين فيها 516 تلميذا العام .1901 على إثر هذا النجاح افتتحت في باريس بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى « مدرسة فرنسية للغة العملية» أصبحت العام 1952 « المدرسة الدولية للغة والحضارة الفرنسية»،ومازالت حتى اليوم تحمل هذا الاسم. يقع مبناها وسط باريس، (بولفار راسباي) على مقربة من حي السوربون الجامعي. أصبحت هذه المدرسة بسرعة مفترقا دوليا وحيزا للقاء والتبادل،اختلطت فيها الثقافات وتمحورت حول هدف مشترك هو: تعلم اللغة الفرنسية والثقافات الفرانكفونية. العام 2003 كان مسجلا في المدرسة 13 ألف تلميذ من 160 جنسية التقوا في جو عمل حميمي. تضع المدرسة تحت تصرف التلامذة مساحة 11 ألف متر مربع، منها 60 قاعة تدريس، وكشك صحافة، ومطعم، ومشاركة مجانية بإنترنت سريعة من دون أسلاك، ومنذ العام 2002 هناك مركز اعلامي متعدد مساحته 600 متر مربع غني بطرق التعليم، والروايات، والاقراص، والمستندات الصوتية التي يمكن استعمالها على اجهزة متعددة الإعلام موضوعة تحت تصرف الجمهور. يسود في جو الاليانس تطبيق تعددية الثقافات وتعليم الاتصالات، ويمارس ذلك اساتذة من حملة الشهادات المتخصصة بتعليم اللغة الفرنسية كلغة اجنبية. لا تحظى هذه المؤسسة الباريسية بهذا الاهتمام لولا وجود 1085 جمعية تحيط بها، تقوم في المناطق وفي اماكن مختلفة من انحاء العالم. ولا يمكن فصل الاليانس عن هذه الشبكة التي حيكت منذ قرن من الزمن في اوروبا واميركا وافريقيا وآسيا. يعتمد تنظيمها والخيارات المعروضة على خاصية هذه الشبكة الدولية وتمثل مفاتيح نجاحها. ترتبط هذه الجمعيات المحلية بالاليانس في باريس «بعقد معنوي»، فهي مستقلة بحد ذاتها ويديرها مجلس إداري مؤلف من شخصيات محلية منتخبة. لا تتعاطى العمل السياسي ولا تميز بين الاديان والطوائف، تود الاندماج بشكل منسجم مع البيئة المحلية لتكون صلة وصل بين الثقافات الفرانكفنية وثقافة المكان حيث تتواجد. تفسر هذه الطريقة في العمل بشكل جيد ديمومة هذه الجمعيات المحلية وتلاحمها الثقافي. يرتبط التزام الاليانس الثقافي بشكل وثيق بمهمته التربوية. فهو موجود في 135 بلدا، وقد جعل من نشر اللغة الفرنسية والثقافات الفرانكفونية مهمته الأولى، لكن البديل الثقافي ورعاية الفروق تبدو اليوم رهانا اساسا بالنسبة إليه. وهكذا فستكون مهمته خلال السنوات المقبلة مضاعفة، تتمثل بعرض البديل الفرانكفوني من جهة، والدفاع عن التنوع الثقافي، ولاسيما عبر دعم الفنانين والثقافات المحلية، من جهة أخرى، في ظل العولمة واحادية الثقافة، لهذا جعل وبشكل طبيعي من مفهوم «البديل الثقافي» رسالته خلال الحملة الدعائية. وقد كلفت بها شركة ليوم كوربورايت واطلقته في يناير/ كانون الثاني 2005 للرد على الرهانات الجديدة للشبكة. لم تهدف الحملة الى توجيه الاتهام للغة الانجليزية التي تؤثر لاشك في انتشارها على اللغة الفرنسية، انما استعملت في ترويجها عبارات انجليزية مثل: «فرنش فرايز» و«فرنش فلار» و«فرنش تاتش» وفرنش دكتورز» و«فرنش كيس» لجذب اهتمام الجمهور. وحضرت الحملة الدعائية على شكل اشارات الى بعض الخاصيات الفرنسية من «اطعمة، وموضة، وعمل انساني، وموسيقى فرنسية مع شريط خاص بتوقيع لودوفيك نافار آكا سان جرمان». انطلقت الفكرة من قناعة بأن اللغة الفرنسية لن تتطور في معارضة ومناقضة للغة الانجليزية. بين تقرير مجلس الفرانكفونية الأعلى الأخير الخاص بواقع اللغة الفرنسية في العالم، ان عدد الناطقين باللغة الفرنسية والمتعلمين لها هو في ازدياد مطرد (175 مليوناً)، وان تعليم اللغة الفرنسية في تطور على القارة الافريقية وفي الشرق الأوسط، كما ان عدد المتعلمين باللغة الفرنسية في المدارس والجامعات هو في نمو مستمر أيضاً. طبعاً يقول المتشائمون جدا ان هذه الزيادات محدودة جدا مقارنة بنمو السكان في العالم وبتطور اللغة الانجليزية أو الاسبانية كلغة ثالثة. أجل، لقد عرفت اللغة الفرنسية فترات ازدهار كبيرة ويلزم الانتباه لخطر تهميشها، على رغم عدم فقدانها الاهتمام بها في امكنة كثيرة في العالم. اذا اطلعنا على احصاءات الاليانس (وخصوصا في روسيا وفي الصين) نجد زيادة في عدد المتعلمين بنسبة 6 في المئة بين عامي 2002 و.2003 وقد سهر الاليانس مدة طويلة على رعاية الفرانكفونية المتعددة. في ظل العولمة الحالية، يود الاليانس متابعة مهمته الاساس وان يكون مرجعا في مجال التنوع الثقافي، لانه اذا لزم مقاومة ما في لحظة معينة فلن تكون ضد لغة معينة انما ضد احادية الثقافة واحادية الفكر. هكذا فقط يمكن ان تتقدم اللغة الفرنسية





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً