من يسمع عن توزيع البيوت الآيلة للسقوط التي تمت إعادة بنائها بواسطة وزارة الأشغال والإسكان، التي تشرف على المقاولين في مختلف محافظات المملكة، يعتقد أن من سيقطنها حلت عليه النعم لكونه لم يدفع فلساً واحداً في أية طوبة وضعت فيه، وفي أحيان كثيرة يكون هؤلاء الفقراء محسودين على هذه البيوت التي ما بنيت إلا بشق الأنفس لكون عدد كبير منها يقع في وسط أحياء سكنية ضيقة لا تصلها الشاحنات المستخدمة في أعمال البناء ما يجعل العملية أكثر تعقيداً. في الواقع إن المواطنين الذي سكنوا في بضعة بيوتات تم الانتهاء من بنائها أخيراً ليسوا فرحين بالصورة التي يتخيلها البعض، فعدد منهم وجد نفسه في بيت يحتوي على مطبخ بسعة غرفتين كان يقطن فيهما في بيته الآيل، وآخرين عقارهم يستوعب بيتين غير أنهم وجدوا أنفسهم في قفص عصافير صغير وسط أرضهم الواسعة على رغم أنهم أسرة ممتدة وليست نووية، في الوقت الذي تركت فيه أطراف منزلهم المحيطة به شاغرة من دون إعمار. هذا ليس كل شيء، إذ روى لي أحد المواطنين أن بيته الذي كان مكوناً من 7 غرف أصبحت به 3 غرف فقط، مع العلم أنه يقطن فيه وأولاده وزوجته، فضلاً عن والديه وأشقائه الثلاثة المتزوجين وأولادهم، سائلاً عن الجدوى من التصميم الذي عرض عليه من قبل المجلس البلدي ووافق عليه فلم يجد منه إلا الفتات؟ إذا كانت وزارة «الإسكان» مهتمة جداً برأي الأهالي فيما يتعلق بالتصميم الخارجي وهو أمر يحدث للمرة الأولى في تاريخ البحرين فلماذا لا تعرض عليهم أيضاً تصميم المرافق الداخلية للمنزل من غرف نوم وحمامات وصالة ومطبخ وغيرها قبل أن يتحرك معول أو يجرف جدار، حتى لا تقع الوزارة في المحظور الذي يتمثل في رفض المواطن للبيت الذي بني بآلاف الدنانير. المواطنون يتكبدون الأمرين حتى يوفروا سكناً مؤجراً لـ 3 أو 4 عوائل، بعد خروجهم من بيتهم الآيل الذي لم شملهم لسنين طويلة، وهم لا يتلقون بدل إيجار حكومي سوى 100 دينار وما تبقى تتحمله جيوبهم، فكيف ندفعهم للبقاء تحت لهيب الإيجارات، ومنزلهم بني من جديد ولكنه ما عاد يسعهم.
إقرأ أيضا لـ "أحمد الصفار"العدد 1200 - الأحد 18 ديسمبر 2005م الموافق 17 ذي القعدة 1426هـ