قيمة الإنسان ان يزرع ابتسامة على شفاه محروم وأن يحول الدموع إلى قطرات ندى تبشر بفجر ابتسامة جميلة تحول الحياة إلى تعاون وتسامح وحب. لو فتشنا بني البشر لوجدنا العشرات من القواسم المشتركة التي ينبغي أن نركز عليها. يقول العالم السوسيولوجي علي الوردي في كتابه «مهزلة العقل البشري»: «لن يأتي زمان تذوب فيه الفروقات بين البشر ليصبحوا جميعاً يأكلون أكلاً واحداً ويلبسون لباساً واحداً ويقرأون جريدة واحدة. ان طبيعة التدافع الاجتماعي ان يختلف الناس في أكلهم وشربهم ولباسهم». وجزء من الثراء المعرفي والبشري أن يكون هناك اختلاف بين البشر في كل شيء. يقول الإمام علي (ع) قبل 1400 سنة «الوفاق نفاق وكثرة الخلاف شقاق». هذه نظرة علوية واقعية للحياة إنه لا يمكن أن يصبح جميع الناس في بوتقة واحدة من التصور والتوجه وهذه هي الوسطية فلا وفاق دائم ولا خلاف دائم يؤدي إلى نتيجة. وهذه الكلمة الحضارية تختصر مسافات لعقل من يبحث عن التنوع في الحياة. طبيعة الحياة ان نختلف لكن ليس من الطبيعي أن نظل دائما مختلفين في كل شيء. العالم قائم على التوازنات والمصالح والفروقات في التوجه والاذواق والتطلعات والامكانات ومراكز القوى... وإلخ. من هنا يجب أن نقلل الفوارق بين ابنائنا في البيت الشيعي مثلاً يجب أن نترك ابنائنا يعيشون مع بعضهم بحب وسعادة من دون أن نثلج عقولهم في عقد التقليد فكي اقبل ان اصاحب صديقاً اسأله أولاً من من المراجع يقلد. هذه نظرة خاطئة كل بحسب اطمئنانه ويجب ان نحترم كل مرجع وقناعات كل فرد. الإمام علي (ع) يعلمنا الإنسانية وليس الحزبية. فمن يقلد السيد السيستاني أو السيد الشيرازي أو السيد فضل الله أو السيد الخامنئي أو أي مرجع هم اخواننا احبتنا في الدين والإنسانية وهكذا. في محرم يجب ان نزور كل مساجدنا ومآتمنا بلا تفريق . هذه النظرة بدأت تتكرس بفضل الشباب الإسلامي النير المتسامح ومن كل الاطراف. بالنسبة لنا كمذاهب يجب ان نجلس مع بعضنا نتزاور، ندافع عن بعضنا بعضاً. إنا أركز كثيراً في الانتخابات القادمة يجب ان ندعم المواطن البحريني بعيداً عن انتمائه المذهبي وما أجمل أن تكون في قوائم الشيعة مرشحون من السنة وفي قوائم السنة مرشحون من الشيعة. السياسيون الوطنيون يجب أن يقدموا للناس ساعة الاختبار مواقف مشرفة تثبت صدق خطاباتنا الوحدوية طيلة العام. الناس يجب ألا تضع عقولها في ثلاجات أحد فليدعموا وليرشحوا الاكفاء وصاحب الكف النظيف وليس الذي يبيع خطابات على الناس. ادعموا المرشح السني ما دام مخلصاً للناس ولقضايا المجتمع والوطن ولو كان في دائرة شيعية والعكس بالعكس. يقول البعض هذه مثاليات اما أنا فأقول: هذا هو الإسلام. قرأت يوم أمس مقال وليد الطباطبائي (من التيار السلفي المعتدل في الكويت) عن التسامح وهو بعنوان «أنا سني واحب الشيعة وانا كتبت مقالاً سأنشره بعنوان انا شيعي واحب السنة». كان خطابا رائعاً. نحن كمسلمين يجب ان نحترم مقدسات الآخر لنعيش الإسلام تسامحاً ومحبة واعتدالاً. اتصل بي قبل اسبوع القس الانجيلي هاني عزيز لالقاء كلمة في الكنيسة الانجيلية عن التسامح بين الأديان فقلت له: أشكرك على الاتصال وعلى ذوقك الرفيع وأنا يسعدني التحدث أمام الشباب المسيحي البحريني وغيره من الجاليات عن التسامح والمحبة والتعايش بين الأمم . قبلت الدعوة الكريمة آملاً في ان اوفق في طرح التسامح في الإسلام بصورته اللائقة.
إقرأ أيضا لـ "سيد ضياء الموسوي"العدد 1200 - الأحد 18 ديسمبر 2005م الموافق 17 ذي القعدة 1426هـ