في أي عيد يمر على البحرين هناك طبقة منسية تعيش آلاماً واوجاعاً لا يعرفها إلا الله والراسخون في الهم والحزن. أعني بذلك من كان في بيتهم طفل يعاني مرض التوحد. الحزن لا يقتصر على ذلك فقط بل عندما تضطر العائلة (الأم والأب) إلى الانقياد إلى الأمر الواقع والمر من تسليم ابنائها إلى مركز خارج البلاد، حيث الغربة والفراق والألم الكبير، وذلك لما يلاقيه الطفل هناك من رعاية صحية وتربوية واختصاصيين في علاج هذا المرض. فلكم أن تتصوروا ألم الأم وهي تمر عليها أعياد ومناسبات فرح وابنها وحيدها وفي عمر الزهور وكثيراً ما يكون في سن مبكرة (7 سنوات أو .,,10 إلخ)، يعيش في غربة لا تعلم عنه هل مريض أم معافى؟ قبل شهر جلست بالتنسيق مع المركز الشامل لذوي الاحتياجات الخاصة مع عوائل المعوقين، وذلك من أجل الكتابة عن احتياجاتهم وما يتمنون من الدولة توفيره عبر الصحافة. أثناء حديث كل أم عن ألمها، تحدثت أم لطفل يعاني من التوحد، وهو بعيد عنها يوجد ضمن رعاية مركز في الكويت، وبينما هي تتحدث أخذت تبكي وتبكي وهي تقول: «لكم ان تتصوروا أماً تفارق ابنا في هذه السن»؟ أين الدولة مما نحن فيه؟ أين الوزارات؟ إلى متى يظل هؤلاء الأطفال في الغربة وقلوبنا تتقطع حزناً وألماً عليهم؟ أين المجتمع؟ أين المسئولون؟ لماذا لا تتم تهيئة مراكز للتوحد بالكفاءة ذاتها الموجودة في الأردن والكويت؟ هل تعلمون عدد العوائل البحرينية التي يعيش أطفالها في الخارج؟ هل لكم أن تتصوروا الألم الذي تعاني منه الأمهات وهن يفارقن ابناءهن وهم في هذه السن المبكرة؟ وراحت تسرد قصصاً عن آلامها وأوجاعها، وأحزان هذه العوائل ايضاً. السؤال: لماذا لا تقوم الدولة بتهيئة مركز نموذجي مع توفير كادر تعليمي وطبي عالي الجودة؟ حتى الدوائر الأخرى تستطيع المساهمة. هل سمعتم عن مركز الكويت للتوحد؟ إنه من أفضل المراكز وهو تابع للامانة العامة للاوقاف في الكويت. في الاوقاف الجعفرية أموال كثيرة وأراض بالإمكان استثمار بعضها في بناء مشروعات خيرية يذهب ريعها للوقف وتخدم المواطنين أو تستغل بعض الأراضي للتأجير على الدولة بمال مناسب ويتم استغلالها من قبل التجار أو وزارة الإسكان في بناء شقق في القرى للفقراء ويذهب ريعها للوقف بدلاً من أن تصبح الأراضي مكاناً مهملاً. هل تعلمون كم يعاني أب وأم الطفل المصاب بمرض التوحد من حيث المال وتوفير الطعام الخاص وما يقوم به الطفل من تكسير في المنزل أو عبث في محتوياته؟ هل تعلمون أن هناك آباء دورهم هو أن يقترضوا من المصارف لعلاج مثل هذا الطفل؟ ألا يستحق هؤلاء من برلماننا إدراج مشروع أو صندوق يخصص لدعمهم؟ مثل هذا الطفل يحتاج إلى رعاية ومراقبة خشية من أن يؤذي نفسه أو من معه. هل لكم أن تتصوروا الكلف في مثل هذه الحالات؟ وماذا إذا كان والد الطفل فقيراً؟ الدولة تعطي للطفل 50 ديناراً شهرياً وهو أمر مهم تشكر عليه، لكنه لا يكفي. فقط احسبوا قيمة تذاكر الطفل لو تم تسليمه لمركز في الخارج؟ الدولة يجب أن تخصص موازنة تستوعب كلف الطفل، والتجار بامكانهم أن يمارسوا دورا في ذلك، وهناك تجار مازالوا يعملون لتوفير مثل ذلك. أحد الآباء يقول: والله نسينا شيئاً اسمه فرح من شدة الألم والتعب فمن يحملنا من هذا الواقع؟ من حق الطفل على الدولة توفير مركز نموذجي متميز بكفاءة عالية وعدد كبير من المتخصصين. دعونا نزرع الفرحة في قلوب هؤلاء الأمهات والآباء بزرعها على شفاه اطفالهم... وللحديث بقية.
إقرأ أيضا لـ "سيد ضياء الموسوي"العدد 1199 - السبت 17 ديسمبر 2005م الموافق 16 ذي القعدة 1426هـ