تعتبر الانتخابات العراقية التي جرت الخميس الاهم في سلسلة العمليات السياسية التي انتظمت البلاد منذ سقوط الرئيس المخلوع صدام حسين، وذلك لأنها ستسفر عن مجلس وطني كامل الولاية لمدة 4 سنوات كما أنها تطلق عملية تعديل الدستور، بغض النظر عما إذا كان ذلك للأفضل أو للأسوأ. إلا أن الجزء الأصعب في تاريخ العراق الحديث هو الذي سيلي ظهور نتائج هذه الانتخابات. إذ إن أسلوب حكم السلطة الجديدة سيحدد، بنسبة كبيرة، انتقال العراق إلى الاستقرار، أو إلى الحرب الأهلية والعياذ بالله، أو إلى حال ما بين الاثنين. ولكن كل ذلك يتطلب فترة طويلة لفهم طبيعة نتائج الانتخابات الجديدة. بمعنى آخر ما هي الجدية التي ستتعامل بها الأحزاب العراقية مع الحكم، وعن مدى رغبة هذه الأحزاب في عقد مساومات تتجاوز الحساسيات العرقية والمذهبية الضيقة وجدارتها في إطلاق طاقات الاقتصاد العراقي وسرعتها في فرض الأمن والفوز بدعم مختلف الشرائح العراقية. ان الحملة الانتخابية التي اتسمت بالعنف والاتهامات والشكوك المتبادلة بين الزعماء العراقيين، لم تعكس البرامج السياسية للمرشحين ولكن ما تعكسه نتائج الانتخابات المرتقبة هو مدى نجاح هؤلاء الممثلين الجدد في الوفاء باحتياجات المواطن العراقي المغلوب على أمره من توفير الأمن أولا والخدمات المختلفة. سيواجه البرلمان العراقي الجديد 3 قضايا كبرى هي استمرار الاحتلال الانجلو أميركي، وكيفية ضبط الأمن وإقامة حكم القانون، وكيف سيستغل العراقيون الثروة الوطنية للدولة التي غالبيتها من عائدات تصدير النفط المستهدف من قبل المسلحين. لكن هناك توجهاً الآن في السياسة العراقية إلى تشكيل تحالفات ناجحة وحكومة قوية قادرة على مواجهة المشكلات الطائفية في البلاد. كان هذا واضحاً في خطاب رئيس الوزراء المنتهية ولايته إبراهيم الجعفري في خطابه أمس عندما زار المرجع الديني السيدعلي السيستاني. فقد دعا الجعفري كل العراقيين إلى العمل معا لبناء العراق الجديد، بما في ذلك «البعثيون» الذين طلب منهم «العودة إلى جادة الصواب وأنه أصبح ينظر إليهم بعين الرأفة». وعليه، في كل الأحوال مرشح الوضع العراقي إلى التحسن إذا ما أحسنت الغالبية البرلمانية التعامل مع مصالح الأقلية، ووضعت نصب عينيها العدل والمساواة في الممارسة الديمقراطية واستصحبت النزاهة في استغلال المال العام وحاربت الفساد بشتى جوانبه.
إقرأ أيضا لـ "عزوز مقدم"العدد 1199 - السبت 17 ديسمبر 2005م الموافق 16 ذي القعدة 1426هـ