عطفاً على مقال يوم أمس (السبت) نواصل في هذه الحلقة قراءتنا للقطاعات الستة المرشحة للاستفادة القصوى من اتفاق التجارة الحرة مع أميركا. مرجع المقال هو دراسة »بوز ألن هاملتون« الأميركية التي قدمت أثناء ورش العمل بترتيب مشترك بين مجلس التنمية الاقتصادية وغرفة تجارة وصناعة البحرين. أشرنا أمس إلى قطاعي صناعة النسيج و تقنية المعلومات والاتصالات بينما يركز مقال اليوم على القطاعات الأربعة الأخرى. العمران والهندسة بحسب الدراسة، فإن بعض الشركات الأجنبية الكبيرة تسيطر على هذا القطاع. وليس بمقدور الشركات المحلية البحرينية المنافسة لوحدها في المشروعات الضخمة (لاحظ مثلاً دور الشركات الأجنبية في توسعة مصهر شركة ألبا إضافة إلى برنامج تطوير مصفاة النفط بشركة بابكو). وبحسب التقرير فإن عدداً كبيراً من البحرينيين المؤهلين يفضلون العمل في القطاع العام بدل القطاع الخاص. لكن بمقدور الشركات البحرينية الاستفادة من الاتفاق بواسطة الدخول في شراكة مع المؤسسات وتحقيق عدة أمور، منها توفير الفرص للعمالة البحرينية للحصول على التدريب والتأهيل. الرعاية الصحية ترى شركة »بوز ألن هاملتون« أن قطاع الرعاية الصحية في البحرين حديث ومتطور ويعتمد على التقنية الحديثة وأن هناك عدداً كبيراً من الأطباء البحرينيين المؤهلين والمدربين. لكن يعيب القطاع عدم استفادته من مميزات البحرين مثل الموقع الجغرافي وتوافر ثقافة متحضرة وأطباء ومساندين يتحدثون اللغتين العربية والانجليزية. في المقابل يعتقد أن اتفاق التجارة الحرة يوفر فرصة لقطاع الرعاية الصحية بالتعاون مع المؤسسات الأميركية في البحث عن فرص جديدة. إذ ترى الشركة أن بمقدور القطاع تصدير خدمات الرعاية الصحية إلى دول الجوار فضلاً عن البحث عن أسواق تتطلب الاستثمار من قبل القطاع الخاص في مثل الرعاية الراقية وإعادة التأهيل. القانون ترى الدراسة أن قطاع الخدمات القانونية حديث العهد وهو في طور التطوير. وبحسب الدراسة فان هناك نحو 350 محامياً يعملون في البحرين معظمهم يقدمون خدمات تتعلق بالمسائل العائلية والقانون الجزائي. إلا أن هناك استفادة محدودة لتقنية المعلومات وغالبيتهم لا يمتلكون صفحات على الانترنت وخصوصاً هناك عدد محدود من المحامين المؤهلين للترافع باللغة الإنجليزية. وترى الدراسة أن المطلوب من العاملين في هذا القطاع تحسين وتطوير قدراتهم المهنية، وهذه المسئولية ملقاة لحد ما على جمعية المحامين البحرينية. كما أن بمقدور المحامين تقديم الخدمات المساندة الضرورية إلى القطاعات الاقتصادية المستفيدة والأسواق الجديدة التي ستنشأ على خلفية اتفاق التجارة الحرة. التعليم ترى الشركة الأميركية أن البحرين تتمتع بانتشار مستوى التعليم (بحسب تقرير التنمية البشرية للعام 2005 والصادر عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي تبلغ نسبة المتعلمين نحو 88 في المئة للذين تزيد أعمارهم على 14 سنة). بيد أن دراسة »بوز ألن هاملتون« ذكرت أن هناك شبه اتفاق على تدني جودة التعليم في البحرين على مدى العقود الثلاثة الماضية. بيد أن اتفاق التجارة يوفر فرصة ذهبية للبحرين في فرض نفسها مركزاً للتعليم الجامعي في المنطقة وذلك عن طريق التعاون مع المؤسسات التعليمية في أميركا. إضافة إلى ذلك، يتوقع أن تستفيد قطاعات أخرى تتمتع فيها البحرين بنوع من القدرة التنافسية وهي بالتأكيد الخدمات المالية (وخصوصاً الصيرفة الإسلامية) فضلا عن التأمين. المعروف أن البحرين هي المركز الأول في العالم فيما يخص الصيرفة الإسلامية إذ يوجد بها أكبر عدد من المصارف الإسلامية فضلاً عن توافر الخدمات المساندة الأخرى التي تتعلق بالمحاسبة والملاءة. نأمل مناقشة جوانب أخرى من انعكاسات هذا الاتفاق التاريخي في وقت لاحق. ختاماً لا بد من تقديم الشكر إلى الكونغرس الأميركي بغرفتيه (النواب والشيوخ) على التصديق على الاتفاق تمهيداً لإحالته إلى البيت الأبيض لتوقيع الرئيس جورج بوش.
إقرأ أيضا لـ "جاسم حسين"العدد 1199 - السبت 17 ديسمبر 2005م الموافق 16 ذي القعدة 1426هـ