بعيدا عن أجواء الحزن التي سادت بيروت أمس وهي تودع النائب والصحافي جبران تويني ورفاقه، كانت هناك أجواء أخرى سادها الوجوم شهدها مجلس الأمن الدولي الليلة قبل الماضية إذ عرض المحقق الدولي في جريمة اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري، ديتليف ميليس تقريره الوداعي وأنبرى له مندوب سورية لدى الأمم المتحدة فيصل مقداد بالتفنيد والاستهجان مؤكدا ان بلاده تتعاون ولكنها لن تذعن. لم يقدم ميليس جديدا يذكر سوى جملة الملاحظات التي ظل يرددها من قبل وهي ان سورية لم تتعاون بالشكل المطلوب وان اسجابتها بطيئة، الأمر الذي يعني ان لجنته تحتاج لعام أو أكثر حتى تنجز عملها. ويعكس حديث ميليس حال الاحباط الذي يعاني منه على رغم انه لم يفصح عن السبب سوى انه يرحل ويترك التحقيق لأسباب خاصة. وقد انعكس حال ميليس على المندوب الأميركي في مجلس الأمن جون بولتون إذ كان قابعا في المجلس وكأن على رأسه الطير. من الواضح ان مجلس الأمن لن يذهب أبعد من الاستجابة لطلب ميليس ولبنان ومن ورائهما المشروع الفرنسي الجديد بتمديد عمل لجنة التحقيق الدولية لستة أشهر أخرى في ظل رئاسة جديدة. أما مسألة فرض عقوبات على دمشق فقد باتت في حكم المستبعدة ويضاف إلى ذلك أن رغبة بيروت في تشكيل محكمة دولية للنظر في كل الجرائم التي شهدها لبنان ستصطدم بمعارضة اعضاء المجلس بل وحتى تيارات لبنانية ترى فيها خروجا عن الاجماع. إذاً بات من الواضح أن مصير التحقيق الدولي بشأن اغتيال الحريري سيضيع في متاهات الجدل الدائر في الساحة الدولية والإقليمية واللبنانية ما يؤكد أنه كان حجة وليس غاية في حد ذاته لإرغام سورية على خط سياسة مرنة بشأن القضايا القومية ما يسهل للغرب مهمة إحداث التغيير الذي يريده للسيطرة على المنطقة. ولابد لنا هنا أن نتساءل لماذا يقتل كل لبناني يتقرب أكثر من باريس؟
إقرأ أيضا لـ "ابراهيم خالد"العدد 1196 - الأربعاء 14 ديسمبر 2005م الموافق 13 ذي القعدة 1426هـ