في طريقي من الشام إلى بيروت، ذهبت في حافلة سورية كانت ومثلها الآلاف من الحافلات التي تقل السياح الذين يتوقون إلى بيروت يومياً. .. تلك الجنة الساحرة، أو كما يسميها أهل ذاك الإقليم «باريس العرب». الحافلة انطلقت صباحاً من قلب الشام القديمة باتجاه الحدود السورية اللبنانية التي لا تبعد سوى ساعات عن نقطة الانطلاق. وعلى مقربة من القصر الجمهوري في بعبدا، ملفتة كانت تلك اللافتة العريضة التي كتب عليها «نحن مع التجديد لفخامة الرئيس والسيادة الوطنية»، وكاتبو هذه اللافتة يحاولون عبثاً أن يجمعوا بين ثنائية يراها كثير من اللبنانيين متناقضة، ويعكس الشطر الآخر من الشعار توجساً واضحاً من تدخل الآخرين في رسم وتوجيه لبنان. وأثناء تجوالي القصير في أسواق بيروت وحاراتها القديمة، وقعت يدي صدفة على كتاب صغير أخاله يعود إلى عهد الستينات، واكتشفت فعلاً أنه لكاتب عاش ذاك الجيل، وكان ينبئ بما يعيشه لبنان اليوم، وخلاصة بحثه كان تفنيد ما كان يروج حينها بأن خلاص لبنان من عقدته الدائمة يكمن في تقسيمه وتجزئته إلى كانتونات صغيرة على غرار النظام السويسري، لبنان اليوم جريح مجدداً، وأصبح كما كان، مسرحاً لتصفيات شخصية وحزبية ومؤامرات دولية، وما عساني أبالغ إن قلت إن إرجاع لبنان إلى مثلث التدويل والتحييد والتقسيم سيولد انفجاراً هائلاً لا قدر الله وواجب اللبنانيين ونحن معهم أيضاً إخماد هذا البركان قبل أن يثور
إقرأ أيضا لـ "حيدر محمد"العدد 1195 - الثلثاء 13 ديسمبر 2005م الموافق 12 ذي القعدة 1426هـ