جاء اليوم الذي بدا يبرهن للأسف ان النفس الطائفي هو ما أصبح يحرك البحرينيين، فالحس الوطني ما عاد له ذلك الاثر الملموس الا عند فئة محددة، فواقع الممارسات وحتى التوجهات اوما يكتبه انصاف الصحافيين والكتاب سواء كانت على مستوى الافراد او الجماعة تقول شيئاً آخر فهي اليوم تتحرك بغيرة وصفة طائفية لا غيرة وطنية بحرينية. قد يكون هذا الاعتراف مؤلماً رغم أن هناك جيلاً بل جيلين من امثالي ممن اختلطت دماؤه وانسابه بمختلف الطوائف والاعراق التي تشكل نسيج المجتمع البحريني الذي عرف على مدى تاريخه الطويل بسماحته ولو كان لجدران احياء المنامة لسانا لنطقت وقالت ما كان يعايشه اهل البحرين قديما من حب وتسامح لملتقى الاديان والطوائف والاثنيات المختلفة. والطائفية ليست صفة يروج بها البعض اعتزازا، لا بل يتعمدون التبرؤ منها ولو أنهم يمارسونها على غرار الفعل العنصري بين الأوروبي والافريقي، وهذا هو واقع الحال بين البحرينيين اليوم بدءا من أعلى مسئول الى اصغر عامل فالطائفي لا يعرف بخطابه الاجتماعي أو السياسي أو حتى الاقتصادي بل بسلوكه وعبر الوسائل التي يستخدمها. سألني يوماً أحد أعضاء تجمع سياسي: ما رأيكم بأهداف جماعتنا فأجبته بالقول: أعجبتني بعض الأهداف وليست جميعها (...) فأجاب ولماذا؟ قلت: ان ذلك لا ينفي عنكم صفة الطائفية. فالطائفية لا تكون في الخطاب السياسي فحسب بل تكون في المقام الأول في السلوك. فأنتم طائفيون لمجرد أنكم منخرطون في تكتل يضم أعضاء من لون طائفي واحد. هذا يجعل من تجمعكم تكتلاً طائفياً لا وطنيا في بلد مثل البحرين عرف بتعدديته وتسامحه الديني والمذهبي ضاربة المثال بهيئة الاتحاد الوطني. فنحن لا نبحث لان نكون نسخة مكررة من لبنان ولا من العراق المثخن بالجراح ذلك لأن الفعل الطائفي كثيراً ما يرد عليه بفعل طائفي أكبر... فتغدو طائفية الآخرين حجة لنا في طائفيتنا وها هو كلا المجتمعين اللبناني والعراقي واقعان في دائرة هدر الدم الطائفي ايا كان سياسيا ام اجتماعيا. فالطائفيون في المجتمع يبررون وجودهم بوجود سائر الطائفيين في المجتمع، خصوصا ان كانت هناك ايد خفية تعمل على الدوام لبث سمومها سواء على هيئة منشورات أو غير ذلك. علينا ان نستفيد من تجارب الدول الأخرى التي مزقتها ومازالت تمزقها الطائفية حتى أصبحت عائقاً أمام تطور الممارسة الديمقراطية في هذا البلد أو ذاك... علينا ان ندرب انفسنا بالتنفس وطنيا لا طائفيا قبل الانتخابات النيابية والبلدية المنتظرة في العام المقبل قبل ان نشهد مشاهد وممارسات قد لا تسر الناظر ولا تطمئن الخاطر
إقرأ أيضا لـ "ريم خليفة"العدد 1194 - الإثنين 12 ديسمبر 2005م الموافق 11 ذي القعدة 1426هـ