العدد 1194 - الإثنين 12 ديسمبر 2005م الموافق 11 ذي القعدة 1426هـ

ندوة الأدب المعاصر: يحسب للمسرح السوداني اتكاؤه على الحس الوطني

ضمن فعاليات الأسبوع الثقافي السوداني

المنامة-جعفر الديري 

تحديث: 12 مايو 2017

أكدت ندوة «الأدب المعاصر تجارب سودانية وبحرينية» أنه يحسب لحركة المسرح السوداني اتكاؤها مباشرة على الحس الوطني، إذ ارتبطت مباشرة بقضايا الوطن والتحرر ومقاومة الاستعمار. جاء ذلك خلال الندوة التي عقدتها أمانة الخرطوم عاصمة الثقافة العربية للعام 2005 ضمن أسبوع الثقافة السودانية في البحرين مساء الأربعاء 7 ديسمبر/ كانون الأول الجاري بمتحف البحرين الوطني. والتي شارك فيها الأستاذ بمعهد الموسيقى والمسرح في السودان عثمان جمال الدين، الأستاذ بجامعة البحرين عبدالحميد المحادين والأستاذ بجامعة إفريقيا بالسودان عبدالله حمدنا الله. فعن موقع المسرح في الثقافة السودانية قال جمال الدين: «إن المسرح في السودان هو واحد من المسكوت عنه في الثقافة السودانية، لأسباب متعددة أولها أن وجود المسرح في السودان هو كوجود المسرح في الوطن العربي لأنه وجود أشبه بالمتعثر. باعتبار المسرح ليس جزءاً أصيلاً من الثقافة العربية قبل الاسلام وبعد الاسلام». وصحيح أن هناك بعض الشواهد وبعض الظواهر التي تشي بشيء من التمسرح لكن ليست مسرحاً بعلاقات الانتاج السائدة في المسرح الاغريقي الذي انحدر الينا حتى الآن، وكرمناه وسكناه في رؤيتنا الجمالية وأصبح جزءا من الثقافة العربية والثقافة السودانية على وجه الخصوص. وعندما أقول المسرح بعلاقات الانتاج السائدة الآن فأعني أنه المسرح الذي انحدرت معماريته من الحضارة الاغريقية القديمة وهو المسرح الذي يسمى «البوروسينيوم» أو مسرح «الفتحة» الذي أصبح بهذا الوضع الذي نحن فيه الآن. فهذا غير موجود في صلب الثقافة العربية على الاطلاق».

نشأة مشابهة

وأضاف «لقد قام المسرح في الحضارة الغربية على تنظير الاحادية لكن بمرور العصور والفعاليات الثقافية المستمرة سكن في صميم الجنس الثقافي في الوطن العربي وقبل. وكانت الريادة فيه للسوريين اذ شاهدوه في أوروبا ومن ثم أسكنوه في ثقافتهم ثم رحل الى مصر. ونحن في السودان تعرفنا عليه بوجه خاص من الجاليات التي كانت موجودة في السودان، من الشاميين والمصريين وبعض الأغريق كالخواجة «لويز» الذي ذكرته بعض المصادر والمراجع. والشاهد أن هذه النشأة التي تمت في المسرح في السودان نشأت مشابهة لكثير من النشآت التي تمت في الوطن العربي. لكن يحسب للسودان أنه اتكأ مباشرة على الحس الوطني. وقد دلتنا بعض الشواهد والدراسات على ذلك مثال علي عبداللطيف الذي كان يشكل جزءاً من حركة المسرح باعتباره نوعاً من التحريض. صحيح أن هذه النشأة بدأت متعثرة بعض الشيء حتى استطاعت الدخول في النسيج الثقافي ببطء شديد على عكس القصيدة والقصة وذلك لاعتبارات متعددة، لأن كثيراً من المثقفين السودانيين الى عهد قريب كانوا يأنفون عن الحديث عن المسرح».

ملامح المشهد الثقافي

وتحدث المحادين عن بعض ملامح تكون المشهد الثقافي في البحرين، فأوضح «أن البحرين بلد بحري ومع مطلع هذا القرن والقرون الخالية كانت علاقته بالبحر علاقة حياة وموت وصراع. وكان أهل البحرين من رواد الغوص في الخليج، واللؤلؤ البحريني كان مشهورا في أرجاء العالم. تضعه الحسناوات أقراطا وعقودا وترصع به أساورها ولم يكن يدور في خلد احداهن ما هو الألم الذي كان يعانيه غواص اللؤلؤ وتجارة اللؤلؤ ومتاعبها. في وقت لم تكن الخدمات فيه متيسرة بشكل أو بآخر. ان الوطن العربي هو أطراف ومراكز ولقد كانت البحرين والخليج العربي في الأطراف. وفي الطرف الشرقي تحديدا. لكن لم تغب ولا حتى لحظة واحدة عما يدور في مراكز الوطن العربي. فمع مطلع هذا القرن كانت الصحف تقرأ في البحرين. وكانت تأتي من العواصم العربية الى الهند. ثم يعاد تصديرها من الهند الى البحرين. فتمكث الصحيفة شهرا. حتى تصل الى البحرين فيقرأ أهل البحرين منذ شهر ماذا يدور عند اخوانهم العرب في المراكز البعيدة».

أندية ثقافية

وأضاف «لقد كان أهل البحرين تواقين لأن يؤسسوا مراكز ثقافية. فأسرعوا الى تأسيس الأندية الثقاقية في المنامة ثم في المحرق وهي أندية يجتمع فيها المثقفون الذين كانوا على اطلاع عن طريق التجارة والسفرات عما يجري في أوروبا وفي الهند وفي جنوب آسيا. لقد كانوا يقرأون ويناقشون ويتحدثون في أمور كثيرة. وكان التعليم عبارة عن كتاتيب وكانت تقوم بدور أساسي في تكريس اللغة العربية عن طريق تكريس حفظ القرآن الكريم. لكن كان لابد من أن ينهض الناس الى تعليم أكثر حداثة مع التعليم الديني. فتأسست أول مدرسة نظامية في البحرين العام .1919 وهو تاريخ مبكر جدا في تلك الفترة التي كانت ضاربة في متاعبها ومشكلاتها. وفي العام 1928 كانت في البحرين أول مدرسة لتعليم البنات في المحرق أيضا. وفي العام 1928 ذهب اثنا عشر شاباً من البحرين مبتعثين الى الجامعة الأميركية في بيروت، وكان ذلك فتحا كبيرا في التعليم النظامي».

بعث بعد موت

بينما تناول حمدنا الله الأدب العربي في السودان. فذكر «اننا نؤرخ للأدب الحديث فنيا منذ ظهور جيل البارودي. لكن العصر الحديث يبدأ عموما من الحملة الفرنسية. وقد عرف السودان طريقة البارودي تقريبا منذ بداية القرن العشرين. حين بعث شعر البارودي الشعر العربي بعد موته طيلة أربعة قرون. يقول عباس محمود العقاد «إنك لو ألقيت أربعة قرون من تاريخ الشعر العربي ما خسر الشعر العربي شيئاً»، ودارسو الأدب العربي يعرفون هذه الحقبة جيدا. وقد جاء جيل العباسي وعبدالله محمد البنا وعبدالله عبدالرحمن ومحمد صالح وهؤلاء، في فترة نسميها في الأدب السوداني ­ فنيا ­ بفترة التيار المحافظ من حيث النظر الى طبيعة الأدب نفسه وأسميها ­ أنا ­ فترة الاصلاح والرجعة. لماذا؟ لأن هذه الفترة وبسبب الاستعمار والاستشراق في العالم العربي كان كل الشعر العربي يريد أن يربط الانسان في هذه الأرض بجذوره. حتى لا يذوب ويندفن في هذا الوافد الجديد».

أمر طبيعي

وأضاف «وأعتقد ان هذا أمر طبيعي فالشعوب التي تجري في عروقها دماء الحضارة لا تذوب في غيرها. فأوروبا على سبيل المثال لمّا واجهتها هذه الحضارة الاسلامية وكانت قوية في وقتها. لم تذب في الحضارة الاسلامية لأنه كانت عندها حضارة قديمة. لكنها رجعت الى ماضيها من خلال التراث اليوناني في الحقبة الكلاسيكية والتراث الروماني في الحقبة الرومانسية. والعالم العربي لأنه يمتلك حضارة عريقة قديمة لم يرد أن يذوب أو يدفن في غيره ولذلك أراد أن يرجع الى ماضيه ليتطور ويسير. وبذلك ظهرت لدينا حركة الرجعة نسبة الى هذا وحركة الاصلاح لأن المجتمع نفسه كان لابد من فيه من اصلاح عميق جدا. وقد ظهرت في هذه الفترة عمرية حافظ وبكرية عبدالحليم المصري وعلوية محمد عبدالمطلب. وفي السودان ظهرت عثمانية البنا هذا الى جانب النماذج الكثيرة في الشعر السوداني».

حركة تجديد

وعن حركة التجديد أوضح حمدنا الله «ومنذ منتصف العشرينات ابتدأت حركة التجديد في الأدب السوداني. ففي الفترة من الثلاثينات وحتى منتصف الأربعينات ظهرت حركة ما يمكن أن نسميه بالشعر الوجداني، وتأسست في سبيل هذا مجلات وكان هناك انتاج غزير جدا. والمسألة لم تكن اعتباطا لأن المثقفين عندما عملوا على اكتشاف اخفاق ثورة 24 انتهوا الى نتيجة مهمة جدا وهي أنه من أكبر اخفاقاتها أنه لم تكن لها حركة فكرية تسندها وتعبّد لها الطريق. لذلك لابد من قيام حركة فكرية تكون مدادا وسندا لأية حركة ثورية».


في الأسبوع الثقافي السوداني... إضاءات لأسماء طواها النسيان

الوسط ­ المحرر الثقافي

كانت فعاليات الأسبوع الثقافي السوداني في البحرين والتي امتدت من يوم الاثنين 5 ديسمبر/ كانون الأول الجاري وحتى الثامن منه في متحف البحرين الوطني، تتويجاً لاحتفال السودان باختياره عاصمة للثقافة العربية، ذلك ما عبّر عنه رئيس وفد أمانة الخرطوم عاصمة الثقافة العربية للعام 2005 السعيد عثمان محجوب حين ذكر أنه باحتفال البحرين خلال شهر ديسمبر الجاري بهذه المناسبة تكون دائرة الاحتفالات قد اكتملت في الوطن العربي الكبير. فعاليات الأسبوع الثقافي كانت أشبه بالمهرجان حين تنوعت فعالياته بين الأغنيات الوطنية والتراثية والندوات والأمسيات الشعرية المشتركة. فوجدنا في الاسبوع الثقافي أغنيات للفنانتين هادية وحياة طلسم، والفنانين مكي علي ادريس، أحمد البحراوي، أمير صالح وعارف خوجلي. وندوتين مهمتين الأولى كانت بعنوان «السودان أبعاده الحضارية والتراثية» شارك فيها وزير التعليم السوداني السابق عثمان سيد أحمد البيلي والأستاذ الجامعي علي عثمان محمد صالح. وندوة أخرى بعنوان «الأدب المعاصر ­ تجارب سودانية وبحرينية» شارك فيها الأستاذ بمعهد الموسيقى والمسرح في السودان عثمان جمال الدين، الأستاذ بجامعة البحرين عبدالحميد المحادين والاستاذ بجامعة افريقيا عبدالله حمدنا الله. هذا الى جانب المعرض التشكيلي والأمسية الشعرية التي شارك فيها من السودان الشعراء: المعز عمر بخيت، عبدالقادر الكتيابي، والشاعرة السودانية روضة الحاج. ومن البحرين الشعراء علي عبدالله خليفة، عبدالرحمن رفيع والشاعرة نبيلة زباري. الجميل في الاسبوع الثقافي السوداني أنه أعاد الى الأذهان أسماء فاعلة في المشهد الثقافي السوداني وحتى في المشهد الثقافي العربي الذي أغمط حق الكثيرين في الظهور من أولئك الذين ساهموا بجدية في تكوينه. ربما تكون اشارة الأستاذ في جامعة إفريقيا عبدالله حمدنا الله الذي شارك في ندوة «الأدب المعاصر ­ تجارب سودانية وبحرينية» ضمن فعاليات الاسبوع إضاءة مهمة حين أوضح أن عدم انخراط بعض المبدعين في الشأن السياسي في السودان أضاع عليهم فرصة الظهور في الوقت الذي أبرز فيه الشأن السياسي وجوهاً أخرى كمحمد عاشر الصديق الذي يعتبر من أهم النقاد العرب في عصره وقد اعترف له بهذا محمد عبدالقادر المازني منذ العام .1935 وهناك أيضا المسرحي السوداني العبادي الذي استقى موضوعات أعماله من مغزى التاريخ. كذلك فضيلي جمّاع الذي أخرج «المهدي في ضواح





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً