منذ أن كنا طلابا في مدارس متعددة ابتدائية وإعدادية وثانوية، وعلى اختلاف مناطق وأماكن المدارس التي درست فيها من مدرسة ابن سينا في رأس الرمان وبعد ذلك المعهد الديني الذي تحول الى مدرسة عادية فيما بعد (مركز رأس الرمان الثقافي حاليا) إضافة الى مدرسة المأمون التي درست فيها سنة واحدة فقط في فريق الحدادة في الحورة... وصولا إلى مدرسة الهداية الخليفية الثانوية في المحرق، والمشكلة الأزلية التي يعيشها المُدرسون - وليس كل المُدرسين - قائمة لا حل لها البتة!
هذه المشكلة مازلت أسمعها بوضوح وبقوة مع ابتداء أول يوم دراسي، وكذلك من مدرسي ابني فواز في مدرسته الابتدائية في المحرق! يعني طوال الأعوام أو هي القرون السابقة وعلى مدار مسيرة وتطور التعليم من العام 1919 في البحرين وإلى 2005 لم تستطع وزارة التربية والتعليم حلها أو وضع حلول ترضي الغالبية من المدرسين على الأقل!
إنه نصاب الحصص الذي يكسر ظهور معلمينا (وأبنائنا) بطبيعة الحال، ففي حديثي مع بعض المدرسين الذين أفادوا بعدم ممانعتهم من تحمل هذا النصاب الذي يتراوح بين العشرين والاثنين والعشرين حصة على رغم قدم خبرتهم التي تتجاوز العشرين سنة ولكن بشرط العدل والمساواة، فليس من المعقول أن يصل نصاب مدرسين آخرين الى العشرة مثلا لتراهم يلفون في المدرسة من غرفة إلى غرفة وآخرون يصبحون مطاريش للمدير حتى لمشاوير خارج المدرسة!
إذ يجب وضع ضوابط ومعايير واضحة وليس بشرط المحاباة والصحبة وخدمة ما بعد العصر أو بصوايغ ما بعد (السفر) من إجازات الصيف والربيع! آخرون أفادوا بأن حجم نصاب الحصص الذي يحصلون عليه يتم بناء على علاقتهم مع المدير مثلا في حين أن آخرين يتحدد بناء على خدماتهم الجانبية وجلسات الشاي في المكاتب أو تغيير تخصصات مدرسين وتحويلهم إلى تدريس مواد أخرى لا ناقة لهم فيها ولا جمل آخرها كان مدرس موسيقى يدرس مادة التربية الاسلامية! أو وجود مدرسي موسيقى في مدرسة لا يوجد بها مادة موسيقى فيعطون تدريس مادة نشيد... فهل خليت البحرين من مدرس بحريني يدرس مادة النشيد أم هي علم لم يصل البحرينيون إلى مستواه، لتصل في نهاية المطاف وتكتشف بأن السالفة ضايعة، وعندما تتابعها تتذكر قصة المفتاح عند الحداد والحداد يبي فلوس والفلوس عند العروس والعروس تبي رجل و... و... و... إلى نهاية هذه الحزاية الجميلة!
إن ما يقلقني فعلا هو الطاقة الجبارة التي يتطلبها مُدرسو فواز مثلا في بناء لبنة التعليم له وهو نموذج لجميع المدارس الابتدائية بنين وبنات، وما هو مطلوب من المدرس (نظام الفصل مثالا) من خدمة ما بعد البيع وأقصد بها طلبات الإدارة التي لا تنتهي من تقارير وتحليل مناهج وامتحانات وحراسة طلبة وتنظيم فعاليات وأنشطة لا صفية، والأدهى إذا كان للتلميذ أو التلميذة أولياء أمور يعاملون المدرس وكأنه مدرس خصوصي لأبنائهم!
إنها فعلا مشكلة مقلقة هذه التي تجعل المدرس يكفر بالطموح الذي حلم به ووصل إليه... والمشكلة الأكبر أنه عندما يجلس في ساعة خلوة مع نفسه ويقارن نفسه مع المتسلقين يُصاب بالإحباط... ويا ويلنا نحن (أولياء الامور) إذا أصاب مُدرسي أبنائنا الإحباط!
إضاءة
يا دكتور فاضل... برّز روحك... الضرس الثالث بدأ في المشاغبة فجهز عدتك لاقتلاعه كما قلعت لي الاثنين اللذين سبقاه، فهل أنا تعودت أن أمارس الفكر الاستبدادي والتصفية على أسناني أم هي الضرورة المُلحة التي علمني إياها دكتور فاضل في كل زياراتي الأخيرة له؟!
إقرأ أيضا لـ "حمد الغائب"العدد 1193 - الأحد 11 ديسمبر 2005م الموافق 10 ذي القعدة 1426هـ