يمكن النظر إلى ما دار في ورشة التعليم التي رعاها صاحب السمو ولي العهد من وجهات نظر مختلفة. ومن بين النظريات الإدارية التي في الحقيقة ليست بجديدة، ولكنها لاتزال صالحة هي ما يطلق عليها التخطيط بالأهداف، أي أن يتم تحديد الهدف أولاً ومن ثم يتم وضع كل تفاصيل الخطة بناء على هذا الهدف وضمان تحقيقه. ننطلق من هنا لنسأل ما هو هدفنا من التعليم في البحرين؟ هل هو توفير حاجات أساسية للمواطن وانتشاله من خطر الأمية فقط؟ هل هو تأهيله ليواجه تحديات العصر بالعلم والمعرفة فقط؟ أم هل هو توفير التنمية البشرية اللازمة للتنمية الشاملة على افتراض اتفاقنا بأن هذه المصطلحات أي التنمية البشرية والتنمية المستدامة معمول بها في البحرين. أن هذه الأهداف قد تكون جميعها سليمة، ومع ذلك يجب أن تعطى أولويات وفقاً للمرحلة التي يمر بها المجتمع. لذلك، فإن المرحلة التي مر بها مجتمعنا في الوقت الحاضر تفرض أن يتم التركيز في برامج التعليم الأساسية والجامعية على توفير فرص عمل للمواطنين تناسب مستوى شهاداتهم وتوفر لهم العيش الكريم. أي يجب ربط التعليم بالتوطين للوظائف. ونعلم هنا أن هذا الهدف هو الوحيد أو هو الدائم، ولكن نقول الأكثر أهمية في الوقت الحاضر. وربط تخطيط التعليم باحتياجات التوطين لن يعني من وجهة نظرنا نهاية المشكلة لأن الصعوبات ليست موجودة على مستوى التعليم فحسب، بل على صعيد التوطين. بل اننا من هؤلاء الذين يفضلون أن نعمل أولاً على فك طلاسم التوطين ونحدد هويته وطبيعته واحتياجاته قبل أن نحل طلاسم التعليم ونحدد أهدافه، فمن دون توضيح أهداف التوطين، لن نتمكن من وضع أهداف واضحة للتعليم. من هنا، نرى من الضروري أن يتم التعامل مع قضية التوطين بشكل جاد وفعلي، سواء على صعيد سوق العمل، أو على صعيد الاستثمار والاقتصاد، وعلى صعيد المجتمع والوطن ككل. ولن يتحقق هذا التعامل إلا في إطار نظرة شمولية ترى في التوطين على انه توطين للاقتصاد والتنمية. أي يجب ربط التوطين ليس باحتياجات سوق العمل فحسب وانما بكل قطاعات الإنتاج والخدمات في اقتصاداتنا الوطنية. فالصناعات والسلع والبضائع يجب ان تكون منتجة محلياً أو جزءاً منها. وبالتالي فإن الاقتصاد لن يكون اقتصاداً وطنياً مالم تكن غالبية وسائل الإنتاج وطنية، ورأس المال وطنياً، والقوى العاملة وطنية وبالتالي فإن الإنتاج يصبح آنذاك وطنياً يعزز من تطور الاقتصاد والمجتمع.
إقرأ أيضا لـ "علياء علي"العدد 1193 - الأحد 11 ديسمبر 2005م الموافق 10 ذي القعدة 1426هـ