في الحلقة التاسعة من قرائتنا لتقرير ديوان الرقابة المالية للعام 2004 نسلط الضوء على بعض التجاوزات المتعلقة بفرض رسوم غير قانونية على المستفيدين من الخدمات الحكومية. تركيزنا في هذا المقال ينصب على وزارت الداخلية والخارجية، والتربية والتعليم والنفط سابقا. كما أسلفنا في المقال الماضي قام ديوان الرقابة المالية بإجراء دراسة على 18 وزارة وجهة حكومية، لكن تبين أن 11 منها قامت بفرض رسوم جديدة أو زيادتها أو خفضها من دون استيفاء الإجراءات القانونية. كما لم ترسل أربع وزارات الردود المطلوبة إلى ديوان الرقابة. وبحسب القانون المطلوب من الوزارات والجهات الحكومية الحصول على تفويض من مجلس الوزراء قبل تحديد فئات الرسوم ونسب زيادتها أو خفضها. أيضاً هناك شرط آخر قبل دخول الرسوم حيز التنفيذ وهو نشر القرارات في الجريدة الرسمية.
وزارة الداخلية
يشير التقرير إلى أن وزارة الداخلية لم تنشر بعض القرارات المتعلقة بالرسوم في الجريدة الرسمية من قبيل القرار الوزاري رقم (309) للعام 1998 بشأن الرسوم الخاصة بخدمات الإدارة العامة للمرور. والأمر نفسه ينطبق على القرار الوزاري رقم (319) للسنة نفسها بشأن الرسوم الخاصة بخدمات الإدارة العامة للهجرة والجوازات. من جهة أخرى لم تحصل وزارة الداخلية على موافقة مجلس الوزراء بخصوص الرسوم الخاصة بشهادة عدم الممانعة للزيارة أو الالتحاق. والأمر نفسه ينطبق على بعض القرارات الوزارية بخصوص خفض رسم الإقامة لمدة سنتين لعمل الخدم من 22 إلى 15 ديناراً.
وزارات أخرى
أما وزارة التربية والتعليم فقد فشلت في نشر القرار رقم (2) للعام 1999 في الجريدة الرسمية، والقرار يتعلق بمسألة فرض رسوم التسجيل بمراكز تعليم الكبار للدارسين غير البحرينيين. من جهة أخرى لم تحصل الوزارة على تفويض من مجلس الوزراء بخصوص فرض رسوم على استخراج الإفادات والشهادات من قبل جهاز الامتحانات بإدارة التعليم الإعدادي والثانوي. إضافة إلى ذلك، أشار التقرير إلى قيام وزارة الخارجية بتعديل الرسوم المتعلقة بالمعاملات القنصلية مثل شهادات المنشأ والوثائق الأخرى، وذلك بعد حصولها على موافقة وزارة المالية. المعروف أن مجلس الوزراء فقط هو المخوّل بتفويض إجراء تغييرات في أسعار الخدمات. وأشار التقرير أيضاً إلى وجود أخطاء في عمل وزارة النفط (سابقاً) وذلك بخصوص فرض ضريبة دخل الغاز على شركة غاز البحرين الوطنية (بناغاز). وتدفع شركة بناغاز أكثر من مليون دينار سنوياً عل شكل ضريبة غاز. وتبين للديوان عدم وجود سند قانوني لفرض تلك الضريبة، بل إن الأمر يعود إلى مذكرة صادرة في العام .1986 كما تبين أن الوزارة المعنية تقوم بفرض رسوم تفتيش على المنتجات النفطية بموجب مذكرة تعود للعام 1991 صادرة من الوزير المختص آنذاك مكتوبة باللغة الإنجليزية. وتتفاوت هذه الرسوم حسب حمولة السفينة ونوعية حمولتها. وبحسب التقرير فإن مجلس الوزراء لم يفوض الوزير بفرض تلك الرسوم، كما أن القرار الوزاري في كل الأحوال لم ينشر في الجريدة الرسمية. ختاماً، تكشف الأمثلة المشار إليها إلى ترسخ ظاهرة فرض رسوم دون وجود مرجعيات قانونية صحيحة في المعاملات الرسمية عندنا. ونواصل نقاشنا يوم الخميس حيث نسلط الضوء على المزيد من الأمثلة من الوزارات والجهات الحكومية الأخرى.
إقرأ أيضا لـ "جاسم حسين"العدد 1193 - الأحد 11 ديسمبر 2005م الموافق 10 ذي القعدة 1426هـ