الشعار الذي رفعته المسيرة التي أطلقتها جمعيات التحالف الرباعي الجمعة الماضي وهو "العمل الأرض السكن" شعار يدل على التجديد في أجندة هذا التحالف الذي تحالف من أجل القضية الدستورية فقط، مركزا جل أنشطته وفعاليته في السنوات الثلاث الماضية على الإشكال الدستوري. ليس تقليلا من شأن الملف الدستوري الذي تتجادل بشأنه الكثير من المعارضات مع الأنظمة، إلا أن الملف المعيشي يبقى هو الأكثر تعلقا بصميم حياة الناس، وهو الملف الذي يفهم لغته كل الناس بمختلف مستوياتهم الثقافية والمعيشية، فليس كل الناس يفهمون الفقرة "أ" من المادة السابعة والعشرين من الباب الخامس في هذا الدستور أو ذاك، إلا أن كلهم يفهمون أنهم يحتاجون إلى عمل، وإلى أرض، وإلى سكن وهو الشعار الذي اختاره التحالف الرباعي ربما لتدشين مرحلة جديدة خطابها الفقر، والبطالة، والتعليم والصحة وما إلى ذلك من المحطات التي يقف عندها المواطن كل يوم وكل ساعة وكل دقيقة. توجه أنظار "الرباعيين" إلى الحاجات الأساسية للمواطن من دون شك يعطي هذا التحالف لونا آخر ويكسبه شخصية يمكن أن تغير من واقع الخدمات المعيشية المتردية، وربما يتفاعل المواطن مع مسألة دستورية فترة من الزمن، وبعدها يتململ، ولكن المواطن لن يتململ من مطالبته بوظيفة تسد جوعه وجوع عياله، ولن يسأم من المطالبة بوحدة سكنية انتظرها خمسة عشرة عاما، ولن يتقهقر عن الإصرار على انتهاء فصل سرقة الأراضي والسواحل والاستيلاء عليها من دون وجه حق. وعلى صعيد الرموز الدينية أيضا، فإن الملف المعيشي سيجعل تلك الرموز تتفاعل من الأنشطة والفعاليات التي تقوم بها جمعيات التحالف الرباعي أكثر مما كانت عليه في الملفات الأخرى، لأنها ترى من "الواجب شرعا" على علماء الدين أن يطالبوا بتحسين أوضاع الناس المعيشية، وإن من صميم دورهم كعلماء المطالبة بالحياة الكريمة لأبناء الأمة، ومن هنا كان جديدا وجود عدد من الرموز في مسيرة الجمعة، وكان منهم من لم يخرج قط في مسيرة دستورية