عندما حلق نزار قباني ذات يوم على ذراع المنامة في أمسية شعرية في الثمانينات رتل أغنية عن البحرين، قائلاً: أتذكر أني قلت قبل عشر سنين: ان بحرا من العشق يغرقني فكيف لي أن أواجه عشق البحرين؟ فهاأنذا قد جئت لأنام على ذراع المنامة. من حقنا ان نبحر في عيون البحرين كطيور النورس لنهاجر على مرافئها الليلية، نسهرمعها، نتسامر ونبحر نبحر غير عابئين بالعذل والرماد ونرتل الطقوس «عيناك كحمامتين... شفتاك كسميط من القرمز... ونطقك عذب... وابحر ابحر غير مكترث لأنك أكبر من الحزن وأجمل من الفرح... فلماذا أحزن في يوم عيدك؟». وأرتل شعر محمود درويش: «علقوني على جدائل نخلة وارشقوني فلن أخون النخلة... وطني غضبة الغريب على الحزن وطفل يريد عيدا وقبلة». العيد الوطني هو عيد البحرين جميعا وليس عيد مؤسسة أو قرية أو مدينة. العيد الوطني تنشط فيه الذاكرة الوطنية للحب والتسامح وللحقوق أيضاً. هو عيد الفقراء والأغنياء. في العيد يتكور البدر التمام على صورة رغيف الجائعين فيستنطقون السماء رغيفاً وطنياً ويحلمون بعودة الربيع لتتحول الدموع الى شلالات أمل في تلون المستقبل المنتظر. كم كان المشهد جميلاً ووطنياً بامتياز ونحن نشهد المرسم الحسيني يوصل الليل بالنهار ليرسم جدارية وطنية على جدار مدرسة البديع للبنين. انه درس من المرسم لنا ان الحسين يعلمنا حب الوطن. وليس هنالك تعارض في ان أطلب الرغيف للفقير في يوم وفي يوم آخر أرسم عيني الوطن على الرغيف. تلك هي لغة العظماء. فالرسول (ص) يقول: «حب الوطن من الإيمان». ويعلمنا الإمام علي (ع) كيف نهوى أوطاننا «خير البلاد ماحملك» ويقول: «من كرم المرء بكاؤه على ما مضى من زمانه وحنينه إلى أوطانه». قد يقول قائل هناك أحزان ونقول: نعم هناك أحزان، ولماذا لا نجعل من الحزن طريقا إلى السعادة؟ ومصطفى كمال كان يقول: «كلما اتسع الألم اتسع حب الوطن. الوطنية شعور ينمو ويزداد كلما كبرت هموم الوطن وعظمت مصائبه». يوم الفرح فرح ويوم الحزن حزن فلا يمكن أن أعقد مأتم عزاء في يوم عيد. والسؤال: هل الفنانون الذين راحوا يحتفلون بطريقتهم الخاصة (تلوين الجداريات) ليست عندهم قضية؟ لا يؤمنون بأحقية رغيف الخبز والحرية. غالبية من كانوا يرسمون جدارية مدرسة البديع هم ممن خلقوا من الألم ومن الوطنيين لكنهم جاءوا ليوصلوا رسالة وطنية إلى الجميع. فالعيد ليس فقط عيد الحكومة، هو عيد الحكومة والشعب، عيد كل بحريني. تأثرت كثيراً وأنا أرى فناناً من هؤلاء يخط على جداريته بالخط العريض «اللهم اجعل هذا البلد آمناً». فلنذهب إلى جدارية مدرسة البديع وأنظروا كيف تحول الجدار إلى تحية حب وطنية تعطي الكثير من المعاني. ونتمنى من الدولة ان توفر للمرسم الحسيني مقراً وترصد مكافآت للفنانين لتشجيعهم على هذه الأعمال الوطنية الكبرى. فهؤلاء تركوا أبناءهم وأسرهم في هذا البرد ليحتفلوا بالعيد. هذا واجبهم، ولكن التشجيع على الخير أيضاً مهم. يقول شوقي: إذا عظَّم البلاد بنوها أنزلتهم منازل الإجلال ورحم الله رشيد نخلة: كلنا للوطن للعلى للعلم. الفلاسفة يعلموننا حب الوطن، وها هو فولتير يقول: الخبز في الوطن خير من بسكويت الأجانب. فلو كنت تعيش في أجمل قصر في الغربة لن يغني عن تراب وطنك. لو فتشنا قلب كل بحريني سنجد الوطن مستقراً في قلبه وحق البحرين علينا أن نحتفل بعيدها... أن نخلق البهجة في قلبها. كم كان جميلا شيوع ظاهرة رفع الاعلام البحرينية في المسيرات السياسية هذا العام من قبل الجمعيات السياسية إذ أصبح علم البحرين يزين هذه المسيرات. انها مسيرات خير للوطن وللمواطن وكم يكون المشهد مكتملا لو أننا خرجنا بمسيرة حاشدة في العيد الوطني نرفع فيها الاعلام البحرينية وهي لاشك ستكون رسالة سلام وحب تعزز العلاقات وتجدد مياه الثقة، فالجميع قلبه للبحرين وإن اختلفوا في الأداء قيادة وشعباً وجمعيات. نرفع علم البحرين فوق بيوتنا كما نرفعه في النشاطات العامة فذلك يعطي دلالات كبيرة. أحد الكتاب راح يرمي الجمعيات بعدم الوطنية ونقول له : لا تسمموا العلاقات فالبحرين في قلوبنا جميعاً ولنعمل على نشر كلمة الخير لننعم بمستقبل جميل للبحرين وخطوة خطوة تتم صناعة المستقبل الجميل. منطقة بوري تحول شبابها إلى خلية نحل مثل فناني المرسم الحسيني للاستعداد للاحتفال بالعيد الوطني وها هي منطقة عالي تقوم بالفعل نفسه وقد قمت بالاتصال بأحد الناشطين وسأستعرض ذلك في مقال لاحق. وهي صور جمالية نتمنى من الاعلام والشباب والرياضة دعم هذه النشاطات. كل الأمل أن يأتي يوم يسعد فيه الجميع لنعيش حياة جميلة. في العيد الوطني نضع يدنا في يد جلالة الملك لدعم المسيرة وتدعيم المشروع الاصلاحي لتبقى راية البحرين خفاقة سنة وشيعة للحفاظ على المكتسبات والعمل الجاد لتأهيل المواطن البحريني وتوفير العمل والسكن له في فريق واحد لصالح البحرين والأجيال القادمة وكل عام والبحرين بخي
إقرأ أيضا لـ "سيد ضياء الموسوي"العدد 1191 - الجمعة 09 ديسمبر 2005م الموافق 08 ذي القعدة 1426هـ