اليوم يحتفل العالم بذكرى إصدار الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، ذلك الإعلان الذي صدر العام 1948 رداً على الاضطهاد والظلم الذي عاشته البشرية بعد الحربين العالميتين. كفل «الإعلان العالمي» بمواده الثلاثين، غالبية الحقوق، واعترف بإنسانية الإنسان، وليس أدل على ذلك مادته الأولى التي تنص على أنه «يولد جميع الناس أحراراً متساوين في الكرامة والحقوق. ووهبوا عقلاً وضميراً وعليهم أن يعامل بعضهم بعضاً بروح الإخاء». كما نبذ الإعلان التمييز على أساس العرق والدين والجنس واللون والانتماء، وضمن حرية التعبير، والاعتقاد، والفكر، والتجمع، وحق العمل والسكن، وأصل لضرورة مناهضة التعذيب، وكل ذلك صدر في أول وثيقة يعترف بها العالم... كل العالم. «الوسط» لم تكتف بالتحدث مع ذوي الاختصاص هذه المرة وانتقلت لعدد من المواطنين من البسطاء، والموظفين والإعلاميين والحقوقيين، لتسألهم عن أمانيهم وعن تطلعاتهم وما يطالبون بمناسبة هذه الذكرى.
هموم سوق جدحفص
كانت المحطة الأولى، في سوق جدحفص، إذ إن غالبية الباعة والمشترين لا يعرفون شيئاً عن «الإعلان العالمي لحقوق الإنسان» بل إنهم لم يسمعوا عنه من قبل. ولكن ما إن نسألهم عن آمالهم في مجال حقوق الإنسان، حتى يتحدث الجميع وتتشابك المطالب لتلتقي على حقوق الإنسان الاصيلة والأساسية. المواطن علي سعيد (قصاب) يبلغ من العمر 21 عاماً، يبتسم ويقول: «لا أعرف «الإعلان العالمي»... لا أعرف إلا اللحم»، وبسؤال له عن أحواله يجيب «منذ الظهر وأنا هنا... طول اليوم ما نطلع حتى 20 دينار، وفي المحل عاملان وأنا الثالث... قدمت لوزارة العمل ولكن من دون جدوى»... «أسكن في بيت العائلة، لدي حجرتان، حجرة للزوجة الأولى وحجرة للزوجة الثانية، ولدي أربعة أولاد».
وقف الاعتداء
أما سيدجعفر سيدسلمان، وهو في الستينات من عمر، (بائع خضراوات) فقد بدا صادقاً وغاضباً إذ قال: «أطالب في هذا اليوم بحقوق الإنسان... أطالب بوقف الاعتداء على الشباب المتظاهرين، وبعدم سرقة الأراضي، وبوقف التجنيس السياسي». وعندما سألناه: ما الحل برأيك؟ أجاب «ما في حل، ما دام هناك رفض لحل المشكلة من جذورها». اخذ يتحدث بعد ذلك عن ذكرياته مع الاستعمار البريطاني، مبيناً أن وضعه في السابق أفضل من الآن. تجمع المشترون حول سيدجعفر، وأخذ كل منهم يعرض مشكلته عندما عرفوا بأننا «صحافة»،. جاسم عيسى، في أواخر الستينات من عمره، يرتدي نظارة سوداء أراد أن يخفي بها عينين اجهدهما الزمن، ويقول «قضيت عمري أسكن بالايجار، إذ إني أسكن في طشان ويعود أصلي إلى جدحفص، ولو يأخذ الله روحي فلن يكون لأبنائي بيت يتقاسمونه أو يرثونه من بعدي». ويقاطعه سيدحسين سيدعبدالله (في الخمسينات من عمره) «أما أنا فقد قدمت طلباً لوزارة الإسكان منذ العام 1993 ولم احصل على سكن... أسكن في بيت بالايجار بـ 80 ديناراً، في حين أن راتبي 280 ديناراً، وما يتبقى من المعاش تأكله الديون»... «عندي ستة أولاد، وكوني طلقت زوجتي فقد استأجرت لها بيتاً، وهي تسكن في منطقة أخرى أيضاً».
نهبوا أرضي،
عبدالواحد شهاب (في الستينات من عمره) دخل فجأة وسط الحديث وقال «كانت لدي أرض في الدراز ونهبوها، منذ سنين، أخذت أطالب بها إلا أن وزارة الإسكان قسمتها وأخذت تبيعها على الأهالي، اشتريت الأرض منذ 30 سنة، ولكن لا أحد يسمع ذلك». وعن حاله يقول «توفيت زوجتي منذ 10 سنوات، وليس لدي مكان اتزوج فيه حتى»... «ولدي متخرج ولديه شهادة جامعية ومازال عاطلاً عن العمل». ويشكو المواطن حسين منصور حاله وسط معمعة المتجمعين ويقول: «قضيت 30 عاماً موظفاً في وزارة الصحة، ومع ذلك لم أحصل على علاوة». علي جاسم محمد (في العشرينات من عمره) قال إن مشكلته كبيرة، إذ بيّن أن والده «طالب ومازال يطالب بأرضه في باربار التي سرقها أو استولى عليها أحد الأشخاص المقربين لأحد المتنفذين، ولم يحصل عليها طيلة السنوات الماضية على رغم إلحاحه في المطالبة بها». وشكا أحد المواطنين من ضعف الخدمات وتقصير البلدية في سوق جدحفص، إذ بين أن «الشارع ضيق لدرجة أن الاسعاف أو المرور أو النجدة لا تستطيع أن تدخل لانقاذ حالات في القرية».
«نريد أشغال عدلة»
أما المواطن إبراهيم عبدالله الذي يبلغ من العمر 24 ربيعاً فيعمل «صفاط سمك»، وبينما هو «يصفط» قال «نطالب بأشغال عدلة... على الله وعلى تصفيط هالسمك... أحصل في اليوم دينارين أو ثلاثة... بالإضافة إلى مساعدة الأهل، فلدي 5 اخوة وأبي يعمل فراشاً». لا يعرف هؤلاء البسطاء معنى «الإعلان العالمي لحقوق الإنسان» إلا أنهم يعون تماماً حقوقهم، ويدركون جيداً ما هي وكيف هي، بعيداً عن التنظير والاستغراق في المسميات. الغريب في الأمر أن جميع مطالبهم تركزت على صعوبة المعيشة والفقر والعوز وفقدان السكن الملائم والعمل، في حين أن العينة كانت وسط السوق وعشوائية وغير منتقاة. وبعيداً عن سوق جدحفص تحدثنا مع المواطن عادل علي (في أواخر العشرينات) وهو موظف في إحدى الشركات، ويشغل وقت فراغه في متابعة الحوادث السياسية والأخبار وكل ما يستجد على الساحة، إلا أنه «لم يقرأ عن الإعلان العالمي من قبل»، ويقول: «لست مهتما بهذه الأمور، ليس لدي أي اطلاع في هذا المجال، ولكن ما أتوقعه أن الإعلان العالمي هو انتصار للطبقة المسحوقة، وإرادة الشعوب». وعن مطالبه في هذه الذكرى قال «أتمنى أن يحصل كل فرد على حقوقه المسلوبة». وبين أنه «فُصل في فترة الانتفاضة من المدرسة» نتيجة نشاطه السياسي، ما أدى إلى حرمانه من التعليم.
رأي حقوقي
وقال نائب رئيس الجمعية البحرينية لحقوق الإنسان عبدالله الدرازي بهذه المناسبة «الإعلان العالمي مناسبة تعتز بها شعوب العالم، التي تتطلع لتطبيق الحقوق الأساسية». وعن تقييمه للوضع الحقوقي في البحرين قال «ثمة تراجعات في أداء الحكومة»، مرجعاً ذلك إلى حوادث «الاعتداءات الأخيرة على المتظاهرين واستخدام عنف غير مبرر ضدهم، واختطاف مواطن على أيدي مقنعين». وركز على ضرورة «بناء دولة القانون والمؤسسات، وعدم التمييز بين المواطنين وذلك لحفظ كرامة الإنسان». ورداً على اتهام الجمعيات الحقوقية بالتقصير في نشر ثقافة حقوق الإنسان قال إن الحوادث السياسية في التسعينات أدت إلى خلق فجوة كبيرة بين المواطنين وثقافة حقوق الإنسان والأنشطة الحقوقية، ما أدى إلى قلة الوعي بهذا المجال.
المادة 1
يولد جميع الناس أحراراً متساوين في الكرامة والحقوق. وهبوا عقلاً وضميراً وعليهم أن يعامل بعضهم بعضاً بروح الإخاء.
المادة 2
لكل إنسان حق التمتع بجميع الحقوق والحريات الواردة في هذا الإعلان، من دون أي تمييز، كالتمييز بسبب العنصر أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو الرأي السياسي أو أي رأي آخر، أو الأصل الوطني أو الاجتماعي أو الثروة أو الميلاد أو أي وضع آخر، من دون أية تفرقة بين الرجال والنساء.
المادة 3
لكل فرد الحق في الحياة والحرية وسلامة شخصه.
المادة 4
لا يجوز استرقاق أو استعباد أي شخص، ويحظر الاسترقاق وتجارة الرقيق بجميع أوضاعهما.
المادة 5
لا يعرض أي إنسان للتعذيب ولا للعقوبات أو المعاملات القاسية أو الوحشية أو الحاطة بالكرامة.
المادة 6
لكل إنسان أينما وجد الحق في أن يعترف بشخصيته القانونية.
المادة 7
كل الناس سواسية أمام القانون ولهم الحق في التمتع بحماية متكافئة عنه من دون أية تفرقة، كما أن لهم جميعاً الحق في حماية متساوية ضد أي تمييز يخل بهذا الإعلان وضد أي تحريض على تمييز كهذا.
المادة 8
لكل شخص الحق في أن يلجأ إلى المحاكم الوطنية لإنصافه عن أعمال فيها اعتداء على الحقوق الأساسية التي يمنحها له القانون.
المادة 9
لا يجوز القبض على أي إنسان أو حجزه أو نفيه تعسفاً.
المادة 10
لكل إنسان الحق، على قدم المساواة التامة مع الآخرين، في أن تنظر قضيته أمام محكمة مستقلة نزيهة نظراً عادلاً علنياً للفصل في حقوقه والتزاماته وأية تهمة جنائية توجه له.
المادة 11
كل شخص متهم بجريمة يعتبر بريئاً إلى أن تثبت إدانته قانوناً بمحاكمة علنية تؤمن له فيها الضمانات الضرورية للدفاع عنه.
المادة 12
لا يعرض أحد لتدخل تعسفي في حياته الخاصة أو أسرته أو مسكنه أو مراسلاته أو لحملات على شرفه وسمعته، ولكل شخص الحق في حماية القانون من مثل هذا التدخل أو تلك الحملات.
المادة 13
- لكل فرد حرية النقل واختيار محل إقامته داخل حدود كل دولة.
- يحق لكل فرد أن يغادر أية بلاد بما في ذلك بلده كما يحق له العودة إليه.
المادة 14
لكل فرد الحق في أن يلجأ إلى بلاد أخرى أو يحاول الالتجاء إليها هرباً من الاضطهاد.
المادة 15
- لكل فرد حق التمتع بجنسية ما.
- لا يجوز حرمان شخص من جنسيته تعسفاً أو إنكار حقه في تغييرها.
المادة 16
للرجل والمرأة متى بلغا سن الزواج حق التزوج وتأسيس أسرة من دون أي قيد بسبب الجنس أو الدين. ولهما حقوق متساوية عند الزواج وأثناء قيامه وعند انحلاله.
المادة 17
لكل شخص حق التملك بمفرده أو بالاشتراك مع غيره.
المادة 18
لكل شخص الحق في حرية التفكير والضمير والدين. ويشمل هذا الحق حرية تغيير ديانته أو عقيدته، وحرية الإعراب عنهما بالتعليم والممارسة وإقامة الشعائر ومراعاتها سواء أكان ذلك سراً أم مع الجماعة.
المادة 19
لكل شخص الحق في حرية الرأي والتعبير. ويشمل هذا الحق حرية اعتناق الآراء من دون أي تدخل، واستقاء الأنباء والأفكار وتلقيها وإذاعتها بأية وسيلة كانت من دون تقيد بالحدود الجغرافية.
المادة 20
لكل شخص الحق في حرية الاشتراك في الجمعيات والجماعات السلمية.
المادة 21
لكل فرد الحق في الاشتراك في إدارة الشئون العامة لبلاده إما مباشرة وإما بواسطة ممثلين يختارون اختياراً حراً.
المادة 22
لكل شخص بصفته عضواً في المجتمع الحق في الضمانة الاجتماعية وفي أن تحقق بوساطة المجهود الق
العدد 1191 - الجمعة 09 ديسمبر 2005م الموافق 08 ذي القعدة 1426هـ