تظاهر الآلاف من المواطنين في «مسيرة الحقوق والكرامة» التي دعا إليها التحالف الرباعي عصر أمس (الجمعة) بالقرب من دوار اللؤلؤة في المنامة، ودعمها المجلس العلمائي الذي يرأسه الشيخ عيسى أحمد قاسم. وطالبت المسيرة بـ «حقوق: العمل والأرض والسكن» في إشارة واضحة من جمعيات التحالف إلى توجهها لتحريك «الملف المعيشي» اضافة إلى تصديها في السنوات الثلاث الماضية للملف السياسي وخصوصا الدستوري. كما طالبت المسيرة بالتحقيق المحايد في قضية المواطن المعتدى عليه. وقدر المنظمون العدد المشارك في مسيرة أمس بـ 35 ألفا، بينما قدر محايدون العدد بـ 12 ألفا، وكان تقدير وزارة الداخلية 4500 متظاهر. وتقدم المسيرة بالإضافة إلى رؤساء جمعيات التحالف الرباعي رئيس المجلس العلمائي، ونائبه السيدعبدالله الغريفي الذي أكد في تصريح لـ «الوسط» أن «العلماء مع الدفاع عن حقوق الناس»، مشيراً إلى أن ذلك الدور هو من صميم عمل علماء الدين، منتقدا في الوقت نفسه «التحركات التي تنطلق بعيدة عن الحال السلمية التي تخلق مزيدا من التوتر». إلى ذلك أصدرت وزارة الداخلية بيانا عقب انتهاء المسيرة أكدت فيه أن المسيرة كانت «مرخصة»، مشيرا البيان إلى «ان الوزارة قامت بتنظيم الحركة المرورية وحفظ النظام أثناء تحرك المسيرة».
المنامة-محرر الشئون المحلية
تظاهر الآلاف من المواطنين، قدرتهم الجهة المنظمة بـ (35) ألفاً، وقدرتهم جهات محايدة بـ (12) ألفاً بينما قدرتهم وزارة الداخلية بـ (4500) متظاهر، وذلك في الثالثة من بعد ظهر أمس بجانب دوار اللؤلؤة في المنامة وصولا إلى مرفأ البحرين المالي، وكان لافتا مشاركة المجلس العلمائي في المسيرة، إذ تقدمها الشيخ عيسى قاسم والسيدعبدالله الغريفي، إضافة إلى رؤساء جمعيات التحالف الرباعي، كما شارك النائب الأول لرئيس مجلس النواب عبدالهادي مرهون في المسيرة التي حملت مطالب عدة منها حق العمل بشروط عادلة وحق المواطنين من ذوي الدخل المحدود في الحصول على سكن مدعوم من قبل الدولة وحقه في الحصول على أرض. وفي بيان إلى وزارة الداخلية صرح فيه مدير أمن المحافظة العاصمة عيسى المسلم بأن مسيرة قوامها نحو (4500) شخص تحركت الساعة الثالثة عصر اليوم (أمس) على شارع الملك فيصل، مشيراً إلى أنها كانت مسيرة مرخصة، مؤكداً أن الشرطة قامت بتنظيم الحركة المرورية وحفظ النظام أثناء تحرك المسيرة، وقد تطلب ذلك إغلاق شارع الملك فيصل من دوار السوق المركزي حتى فندق شيراتون البحرين الشيء الذي أحدث اختناقات مرورية في جميع الشوارع الرئيسية والفرعية المتصلة بمحافظة المنامة.
الغريفي: الدفاع عن الحقوق واجب شرعي
من جهته، علل نائب رئيس المجلس العلمائي السيدعبدالله الغريفي مشاركة المجلس العلمائي في المسيرة بما أسماه «واجبا شرعيا» وقال «نرى أن الدفاع عن الحقوق هو واجب شرعي يحتم على العلماء أن يقوموا به للدفاع عن حقوق الناس وكرامتهم»، مشيراً إلى «تعدد الأساليب للقيام بهذا الواجب ومن من ضمن تلك الأساليب الخروج في مسيرة سلمية وحضارية توصل المطالب بصوت عال». وذكر أن الرسالة التي يريد العلماء إيصالها من خلال تلك المشاركة هي «أن دورهم سيكون فاعلا في مختلف القضايا التي تهم الأمة وتتصدى للدفاع عن قضاياها» منتقدا في الوقت نفسه التحركات التي تنطلق بعيدة عن الحال السلمية التي تخلق مزيدا من التوتر. وكان رئيس جمعية الرسالة الإسلامية سيدجعفر العلوي ألقى بيان الجمعيات الأربع وجاء فيه «أنه وعلى رغم مرور سنوات طويلة على طلبات الكثير من المواطنين فإنهم كثيراً منهم لايزالون ينتظرون في طوابير طويلة للحصول على سكن أو على أرض يقيم عليها، وفي الوقت التي اعتقد الكثيرون إن الأيام السوداء لممارسات جهاز أمن الدولة ولت قامت بعض أجهزة الأمن بالاعتداء على المطالبين بحقوقهم»، موضحاً «أن المسيرة التي نقوم بها اليوم (أمس) والتي تتزامن مع ذكرى الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي اعتمدته الأمم المتحدة، ما هي إلا تعبير عن انتصارنا لكرامة الإنسان وتضامنا مع الشاب موسى عبدعلي، وخرجنا من أجل أن تكف أجهزة الأمن عن ممارساتها لإذلال المطالبين بحقوقهم وكسر إرادتهم».
شريف يؤكد أهمية الملف المعيشي
إلى ذلك، قال رئيس جمعية وعد إبراهيم شريف «إن هذه المسيرة تشكل انعطافة مهمة، هي إضافة جميع الملفات المعيشية للمواطنين إلى الملف الأهم المسألة الدستورية، ويجب علينا إضافة هذه الملفات إلى برامجنا الاحتجاجية»، موضحاً «أننا نوجه رسائل عدة إلى جميع الجهات ومنها العاطلون والمطالبون بسكن وغيرهم بأننا مهتمون بمشكلاتكم، كما أن قوى المجتمع متكاتفة من أجل حل مشكلة البطالة ودعم الأجور وتفعيل الضمان ضد التعطل، وإن الحكومة لا تملك عذرا فهي قادرة على إقفال جميع الملفات العالقة برغبة منها». مشيراً إلى أن «الحكومة تمتلك من المال ما يكفي لحل جميع مشكلات المواطنين، وإن حرمان المواطن من السكن ليس لشح الأراضي بل لاستيلاء المتنفذين عليها، وإننا نستنكر ما قامت به الحكومة من قطع لأرزاق بعض المواطنين لمواقفهم السياسية».
البيان يطالب بتطبيق المواثيق الحقوقية
وطالب البيان الحكومة بضرورة «احترام حقوق المواطن التي نصت عليها جميع الحقوق والمواثيق الدولية وكذلك دستور مملكة البحرين»، وذكر البيان نقاطاً عدة، مطالبا الحكومة بضرورة احترامها وتنفيذها هي: حق العمل بشروط عادلة لأن ذلك من واجبات الدولة تجاه الحكومة كما أن توفير السكن الملائم هو حق لكل مواطن وقد نصت المادة 13 من الدستور عليها، والحل لا يأتي إلا من خلال التدخل السريع للحكومة لحل مسألة تدني الأجور والتي تبلغ في معظم الأحوال 150 ديناراً وهو ما لا يتناسب مع الحد الأدنى للموظف في القطاع العام فلدى لابد أن تقوم الحكومة بدعم رواتب موظفي القطاع الخاص، كما اننا نطالب الحكومة تطبيق المادة 16 من الدستور والتي تلزمها بعدم تولية الوظائف العامة للأجانب خصوصاً أن وزير الداخلية أعلن أن نسبة الأجانب في الوزارة هي 52 في المئة. وأوضح العلوي «كما اننا نطالب بحق السكن المدعوم لذوي الدخل المحدود وهو الحق الذي نصت عليه المادة 9 من الدستور، وإننا نرفض تبريرات الحكومة التي تقول إن مشروعات الإسكان الكبيرة تنتظر أعمال ردم البحر في حين أن المتنفذين يسيطرون على 90 في المئة من الأراضي التي قامت الحكومة بردمها في العام 2003 وكانت تلك الأرض تكفي لإقامة 10 آلاف وحدة سكنية عليها». مشيراً إلى أن من «الحقوق التي نص عليها الدستور في مادته (11) هو حق المواطن في الأرض»، مردفا «إن مسيرة الحقوق والكرامة تنبه إلى أن احتجاجات الفقراء والعاطلين الذين يزدادون يوما بعد آخر ما دامت مشكلاتهم لم تحل بعد».
مرهون يطالب بدعم نيابي شعبي لقوانين مكافحة الفساد
وبدا لافتاً مشاركة النائب الأول لرئيس مجلس النواب عبدالهادي مرهون في المسيرة، وفي تعليق له قال مرهون: «جاءت مشاركتي في المسيرة تعبيراً عن الوقوف مع مطالب الشعب، وخصوصاً أن هناك قضية طارئة وهي الاعتداء على المواطن موسى عبدعلي، وقد حاولت مع الكثير من النواب تبني الدفاع عن مظلوميته»، مشيراً إلى «أن ما تعرض له هذا المواطن هو انتهاك صارخ لحرمة جميع البحرينيين، ولذلك على كل من يحمل في قلبه ونفسه عاطفة إنسانية أن يقف مع مظلومية هذا الرجل، وأتساءل في هذا الصدد حتى لا تطول مسألة التحقيق في الاعتداء وإظهار المعتدين، من الذي يملك حق حمل سلاح وأجهزة اتصال لاسلكي في هذه البلد»، مؤكداً أن المسيرة تثبت أن جميع شرائح الشعب البحريني من نواب وعلماء وفعاليات سياسية يعلون من قيم حقوق الإنسان ويضعونها في قمة اهتماماتهم ومطالبهم لأن احترام الشعوب ومقدار احترامها وعزتها وكرامتها يأتي مما تتمتع به وتدعو له من قيم حقوق الإنسان. وأضاف مرهون «جاءت مشاركتنا كتعبير مع جميع هذه الأطياف عن تقديرنا لحقوق أبناء هذا الوطن ومطالبهم الشعبية من سكن وعمل وجميع المطالب الحياتية وفوق هذا وذاك حقهم في العيش بكرامة على أرضهم ووطنهم». وذكر مرهون «أن المسيرة جاءت تعبيراً عن التضامن مع مكافحة الفساد، ونشير هنا إلى أن الفساد في وطننا له مدركات كثيرة وأوجه متعددة ومتلونة لعل أخطرها هو ما يستظل به الفاسدون من مظلة بعض ذوي القرار السياسي الفوقي وأوجه الفساد التي زادت بعد الانتخابات النيابية في ،2002 إذ بدأ الفاسدون يتحايلون ويسايرون القوانين ويلتفون عليها كما أن بعضهم يعطيها صبغة شرعية وقانونية مع أن أوجه الفساد واضحة، ولكن مكافحته بحاجة إلى جبهة وطنية متحدة لأن الفاسدين يسرقون من قوت الفقراء». وأكد مرهون أن جلسات مجلس النواب المقبلة ستطرح فيها الكثير من القوانين بهذا الصدد من أهمها قانون الذمة المالية وقانون حماية المال العام وقانون العمولات على مناقصات العقود الحكومية، معبراً عن أمله في أن تحظى هذه القوانين بدعم نيابي وشعبي لأن فيها مقداراً كبيراً من الضرب الحازم على أيدي العابثين بمقدرات ومكتسبات الوطن والمواطنين.
العدد 1191 - الجمعة 09 ديسمبر 2005م الموافق 08 ذي القعدة 1426هـ