بشكل موضوعي لا يمكن التسليم بكل ما جاء ضمن مؤشر حرية الصحافة للعام 2009 الذي أصدرته منظمة بيت الحرية «فريدوم هاوس» يوم الجمعة الماضي بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة وخصوصا ما يتصل بوضع البحرين ضمن الدول غير الحرة صحافيا ووضعها في المرتبة 156 مكرر مع سلطنة عمان.
ففيما يخص الدول الخليجية, سبقت كل من دولة الكويت التي احتلت المركز (115) وقطر المركز (143) والإمارات (153) البحرين وتخلفت المملكة العربية السعودية فقط لتحتل المركز (176) من أصل (195) دولة.
تقرير «فريدوم هاوس» لم يكن الوحيد الذي تحتل فيه البحرين مراتب متأخرة؛ فالتقارير المتعاقبة لمنظمة مراسلون بلا حدود تشير أيضا إلى تذبذب مستوى الحرية الصحافية في البحرين من عام لآخر, ففي حين حصلت البحرين على المركز 67 من بين 139 بلدا في العام 2004 تأخر ترتيبها في العام 2004 لتصل إلى المركز 143 من أصل 167 دولة، وفي العام 2006 أشار تقرير المنظمة إلى أن حرية التعبير والبيئة الصحافية في البحرين لم تشهد تحسنا بل إن القيود قد ازدادت وخصوصا بعد إصدار قرار من السلطات القضائية في الرابع من أكتوبر/ تشرين الأول من العام نفسه يمنع التطرق إلى تفاصيل تقرير أثار الرأي العام.
وذكر تقرير منظمة مراسلون بلا حدود الخاص بالعام 2007 والذي وضع البحرين في المرتبة 118 من بين 169 دولة أن البحرين لم تسجن أي صحافي منذ العام 1999 ومع ذلك فقد جاء ترتيب البحرين من حيث الحرية الصحافية بعد كل من قطر والكويت والإمارات.
وفي العام 2008 تحسن ترتيب البحرين إلى المركز 96 بعد أن كانت في المركز 118.
صحيح أن هذه التقارير تضع في اعتبارها عدة مؤشرات لقياس حرية الصحافة في أي دولة ومن هذه المؤشرات وجود قانون متقدم للصحافة والنشر ومدى هيمنة الدولة على وسائل الإعلام المختلفة ومدى تعرض الصحافيين إلى المضايقات والمحاكمات، ولكن مع كل ذلك كيف نفسر تقدم غالبية الدول الخليجية على البحرين - باستثناء الكويت طبعا والتي تتمتع بحرية تفوق الجميع - في كل هذه التقارير.
لا يمكن قياس مستوى حرية الصحافة والتعبير في بلد ما بمعزل عن مستوى الحريات العامة ووجود سلطة تشريعية منتخبة من عدمها ومستوى الحراك السياسي والاجتماعي في هذا البلد وفي جميع هذه المؤشرات فإن البحرين تفوق الدول الخليجية الأخرى - باستثناء الكويت أيضا - ولذلك فإننا نجد أن مستوى حرية الصحافة وخصوصا المكتوبة منها تتماشى مع هذه العوامل إن لم تسبقها, ومن هنا كان المهم وجود مؤشرات عربية حقيقية لمستوى حرية الصحافة في البلدان العربية لأنها ستكون الأقرب لفهم طبيعة الحكومات والمجتمعات العربية وبالتالي إعطاء صورة حقيقية عن مستوى حرية وتطور الصحافة في هذه البلدان.
لقد كان للصحافة البحرينية دور بارز خلال السنوات الأخيرة في قيادة الرأي العام وبلورته, صحيح أن هناك تفاوتا في مستوى الحرية من صحيفة لأخرى في البحرين ولكنني أعتقد بأن ذلك يرجع بصورة أساسية إلى نهج الصحيفة وسياستها ولرئيس التحرير الذي يحدد مستوى الخطاب في صحيفته سواء في فترة ما قبل الإصلاحات أو في هذه الفترة فإنْ كان رئيس التحرير مؤمنا بحرية الرأي والتعبير ومدافعا حقيقيا عنها فإنّ ذلك سينعكس على مطبوعته وإنْ كان عكس ذلك فهو المسئول الأول عن تراجع الحريات الصحافية ليس في صحيفته فقط وإنما في المجمل.
يجب قراءة الواقع بموضوعية لكي نستطيع أن نؤسس لصحافة أكثر جرأة والتزاما ومهنية، وألا نخلق أعذارا لكي نرجع للخلف.
إقرأ أيضا لـ "جميل المحاري"العدد 2432 - الأحد 03 مايو 2009م الموافق 08 جمادى الأولى 1430هـ