التاريخ. .. آه من التاريخ، فثمة من يحاول رشوته، وثمة من يحاول دعوته إلى «المنكر» في محاولة لتركه يترنّح من دون أن يعرف وجهته. عربٌ يتبرأون من عروبتهم، ومتعرّبة يصرون على أنهم عرب، ومستعربة يلحّون على أنهم من قريش، وآخرون هم في الجهة القصوى من الانتماء، يصرّون على أنهم من نسل هاشم، أية ذاكرة خرقاء تلك؟ وأية محاولة بليدة وكريهة تلك التي تصر على الانسلاخ من جلدها، والانتساب عنوة إلى جلد يلفظها ويمجّها، ويجد فيها مفسدة كبيرة لحضوره؟ من أقصى الانتماء، ومن أقصى المكان، ومن أقصى اللغة، ومن أقصى التوجه، ومن أقصى الملامح، ومن أقصى الجغرافية والتاريخ، يأتي، فيما يصرّ على أنه في الصميم من كل ذلك، اللعنة على هكذا وقاحة، حين تتوهّم أنها قادرة على استغفال التاريخ والجغرافية. واللعنة على مشروعات الفتن التي تحاول يأساً أن يكون لها موضع قدم في فوضى المكان الذي سبّبته، وفوضى الجغرافية التي تحاول إفكاً أن تكون في الصميم منها. احصاءات وأرقام «صدّعتنا» آناء الليل وأطراف النهار. ويحق لنا أن نسأل: أين هي في كل ما يحدث؟ سوى القتل، والتفخيخ، والنسف، والاغتيالات بالجملة، وإلغاء صفة الحياة. اللعنة على الحدود المواربة التي عبر ومرّ منها إلى أرض لا علاقة له فيها بالحضور، والانتماء، واللغة، والتوجّه، والملامح، والجغرافية، والتاريخ. ويحق لنا بعدها أن نقولها بصوت عال : بأي حق تراود التاريخ والجغرافية عن نفسيهما، كي تستقر بليونة مقرفة على ما ليس لك فيه حق
إقرأ أيضا لـ "جعفر الجمري"العدد 1190 - الخميس 08 ديسمبر 2005م الموافق 07 ذي القعدة 1426هـ