العدد 1188 - الثلثاء 06 ديسمبر 2005م الموافق 05 ذي القعدة 1426هـ

«موضة» الإسلامي الليبرالي!

عادل مرزوق Adel.Marzooq [at] alwasatnews.com

-

«التحريريون» نسبة لحزب التحرير الذي أسسه تقي الدين النبهاني العام ،1957 «الجهاديون» نسبة لتنظيم الجهاد الذي اغتال الرئيس السادات ،1981 أفكار «بن تيمية»، جماعة «التوقف والتبين»، جماعة «التكفير والهجرة» أسسها شكري مصطفى، وأخيراً «بن لادن والظواهري» في صورة تأسيس منظمة القاعدة التي دكت قلب العاصمة الأميركية. ثمة تسلسل متتابع لهذه المنظمات، تندثر الأولى فتنهض الأخرى، ودائماً ما نقرأ الظاهرة من مستوى سياسي وإعلامي بحت، وإن تجرأت أقلامنا على سبر هذه «الثقافة» فنحن دعاة «تلفيق» لا أكثر ولا أقل. ببساطة، نستطيع أن نطلق خطاباً عاماً يتجه إلى الزعم بأن كل هؤلاء لم يستطيعوا فهم الإسلام بالطريقة الصحيحة، وبهذا تنتهي المشكلة، من السهل أن يبرز احد الرموز الدينية إعلامياً حين يظهر قليلاً من العلمنة، إذ تكون مخرجاتها ومفرداتها خطاباً ملوناً مفاده «أن الإسلام هو دين الديمقراطية والحرية»، وأن «الإسلام دين يؤمن بالتعددية والاختلاف ولا يخضع لمنظومة واحدة فقط»، وأن «الإسلام بريء مما ألصق به من فهم خاطئ من قبل بن لادن أو الظواهري». هذه تحديداً سيرة الايديولوجيات، سقطت الشيوعية ومازال شيوعيو البحرين يصدرون حججهم «لا خطأ في الشيوعية، والمشكلة أن الاتحاد السوفياتي لم يطبق الشيوعية كما هي في الحقيقة»، وقس على ذلك دعاة القومية العربية، والإسلاميين الحالمين، وشتى الأقطاب السياسية الخلفتاريخية العربية من دون استثناء. وإذ ذهب ميشيل فوكو إلى أن «التطبيق هو جزء من النظرية»، فلي سؤال واحد وبسيط، فحواه: «ما هي صدقية هذه النظريات التي عجز الناس عن فهمها، ولم يستطيعوا تطبيقها منذ مئات السنين»؟ وما مدى عقلانية الاستمرار في المسير إلى الأمام ورقابنا إلى الخلف. «الإصلاحيون المتدينون»، بالنسبة إليّ شخصياً، لا تغريني كاريزمات رجال الدين المصدرين لخطاب الليبرالية والانفتاح، وإن كانت هذه الصورة قد تغري بعض الساسة والإعلاميين والمثقفين المتعبين والخائفين من شراسة التيار الإسلامي الأصولي، فإني أعتقد أن هذه الكاريزمات ليست أكثر من مجرد «موضة»، وفاقدة لكل ما تتطلبه أية منظومة ثقافية أو سياسية. هذه «الموضة» تتصف بالتلفيق والسرقة، فكما أن القاعدة تسرق من النص الديني ما يلائمها من نصوص وما يتماشى مع تكفيريتها العالمية، وتخوينها لشتى الفئات السياسية والاجتماعية والثقافية العربية والإسلامية، فإن هؤلاء الإسلاميين المتعلمنين «الموضة» يقومون بالاستراتيجية نفسها، فعبر سرقتهم لمقتطفات من النص الديني، يحاولون تلفيق رؤية جديدة، مدعين أنها الإسلام «الحقيقي» و«الصحيح» عوض وقبال إسلام بن لادن «المزيف» و«المنحرف». المشكلة، أننا أمام بدائل أكثر غباء ورجعية مما نحن مبتلون به، فلدينا «أناس» يعيشون خلف التاريخ، وآخرون منغمسون في أحلام قومية بالية أكثر عتاقة وبؤساً، وطبعاً ثمة اليوم ليبراليون تحريفيون. ولعل لمتصيد ما أن يقول «وما هي الليبرالية الصحيحة»؟ إن كان كاتب المقال يصف الليبراليين في البحرين بالتحريفيين، أقول لا ليبرالية هنا، ثمة «هوس ليبرالية»، أدواتها مفقودة في ثقافتنا المتهاوية للعنف. نحن لا نمتلك مؤهلاً ثقافياً لنكون ليبراليين، ولا أستثني من هذا العبث أحداً. فلست أمتلك الحل، بقدر ما أمتلك إحساساً باليأس، مشكلتنا هي أننا عاجزون عن فهم أنفسنا، فكيف سنفهم الآخرين، لذلك علينا أن نستعد لاستقبال من سيأتي بعد «بن لادن» من سلسلة تكفيريينا العظام، وأن نكف عن الاعتقاد أو الأمل بأن ثمة ليبرالية بيننا هنا أو هناك.

إقرأ أيضا لـ "عادل مرزوق"

العدد 1188 - الثلثاء 06 ديسمبر 2005م الموافق 05 ذي القعدة 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً