العدد 1187 - الإثنين 05 ديسمبر 2005م الموافق 04 ذي القعدة 1426هـ

منظومة جديدة

وليد نويهض walid.noueihed [at] alwasatnews.com

كاتب ومفكر عربي لبناني

هل بدأت التجاذبات الدولية التي اندلعت سياسياً بعد الحرب الأميركية على العراق في العام 2003 تتجه نحو تفاهمات إقليمية تعيد إنتاج تسوية تحترم مصالح الأطراف؟ الأمور غير واضحة حتى الآن. الكل يراقب وينشط لترتيب موقعه في المنظومة الأمنية الجديدة التي تخطط واشنطن لتأسيسها وفق معطيات الواقع. المنظومة الأمنية الجديدة لاتزال حتى الآن في طور التأسيس ويبدو أنها تنتظر بعض التطورات لتكتمل عناصرها. فالولايات المتحدة تراقب مجرى التوازنات في العراق التي ستسفر عنها الانتخابات التشريعية في 15 ديسمبر/ كانون الأول الجاري. كذلك تراقب تداعيات التحقيق الذي تقوده لجنة دولية في بيروت لمعرفة الجهة التي خططت ونفذت جريمة اغتيال رفيق الحريري. وتتوقع واشنطن أن تصدر معلومات جديدة في هذا الشأن حين يرفع ديتليف ميليس تقريره «الشبه النهائي» في 15 ديسمبر إلى مجلس الأمن. وأيضاً تراقب واشنطن اتجاهات الرياح الإقليمية في منطقة الخليج خصوصاً بعد اعراب بعض الدول عن مخاوفها من القدرات النووية الإيرانية ونمو دور طهران في تقرير مستقبل العراق. المنظومة الأمنية الجديدة في حال ترقب وانتظار حتى تستكمل شروطها السياسية. فالولايات المتحدة تربط بين الحلقات الثلاث (إيران، العراق وسورية) وترى أن خيوط النظام الإقليمي لا يمكن فصلها لذلك فهي تحتاج إلى إعادة نظر في أولويات دول المنطقة. إعادة النظر في برنامج الأولويات تعتبره إدارة جورج بوش خطوة ضرورية لتأسيس منظومة أمنية إقليمية جديدة تقوم على قواعد سياسية تربط الأمن (حماية امتدادات النفط) بالاقتصاد (التنمية المشروطة بالإصلاحات). وهذه الاستراتيجية التي تقوم على فكرة إعطاء دور للحلف الأطلسي (الناتو) تحت مظلة الأمم المتحدة تقتضي أيضاً مجموعة تعديلات في توجهات المنطقة وهواجسها الأمنية ومخاوفها السياسية. وهذا يتطلب أولاً قبول دول المنطقة بمفهوم المشاركة (الطبقة الوسطى) في عملية الإصلاح والتنمية لضمان الاستقرار. ويتطلب ثانياً موافقة الدول على نظام أمني إقليمي جديد يضع أولويات مختلفة عن الماضي. في القرن الماضي (من الخمسينات إلى التسعينات) كانت المخاوف تتركز على الخطر الصهيوني والمشروع الإسرائيلي وطموحات تل أبيب في توسيع رقعتها الجغرافية ­ السياسية مستخدمة تفوقها العسكري (النووي). الآن كما تبدو ظواهر الأمور تخطط واشنطن إلى دفع المنطقة إلى تبني نظام أولويات جديد يضع إيران على رأس جدول المهمات والمخاطر والمخاوف. وبرأي الإدارة الأميركية أن طهران هي مصدر القلق وزعزعة الاستقرار وبالتالي على دول المنطقة أن تعيد النظر في نظام الأولويات حتى تكتمل شروط المنظومة الأمنية الجديدة. وهذا لا يمكن توقع حصوله، كما ترى واشنطن، إذا لم تقلع دول المنطقة عن مواقفها السابقة وتتجه نحو تبني فلسفة سياسية جديدة تستبعد مقولة «الخطر الصهيوني» من قاموسها وتوافق على خطة ادماج «إسرائيل» في منظومة «الشرق الأوسط الجديد». الجديد في «الشرق الأوسط» إذاً يقوم على معادلة إقليمية تتبنى منظومة أمنية تعتمد مجموعة مفاهيم سياسية جديدة لا تتصل بتلك الرؤية الاستراتيجية التي سادت المنطقة العربية في النصف الثاني من القرن الماضي. حتى الآن لاتزال الولايات المتحدة تراقب تداعيات سياستها التقويضية في العراق وما أنتجته «الفوضى البناءة» من مخاوف أمنية وقلق إقليمي على استقرار المنطقة. وحتى تكتمل الصورة لابد من إعطاء فرصة للمشهد العام بانتظار ما ستسفر عنه الانتخابات العراقية وتقرير ميليس في منتصف الشهر الجاري. أميركا تريد من دول المنطقة أن تنعزل عن بعضها بعضاً بينما سياستها العامة تقوم على فكرة الربط بين الحلقات الثلاث من الخليج (العراق وإيران) إلى سورية ومنها إلى لبنان وفلسطين. فالحلقات مترابطة ولأنها كذلك تقوم واشنطن على تفكيكها وإعادة دمجها في منظومة أمنية تعتمد فلسفة سياسية جديدة تعيد النظر في برنامج الأولويات السابق. وهذا ما بدأ يظهر في أكثر من تصريح وخطاب

إقرأ أيضا لـ "وليد نويهض"

العدد 1187 - الإثنين 05 ديسمبر 2005م الموافق 04 ذي القعدة 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً